أيو يفك عقدة الأفارقة ويخترق "جدار برلين" بعد 32 سنة من ملحمة خيخون إذا كان منتخب غانا قد تجنب الإقصاء المبكر و أبقى على حظوظه في التأهل إلى ثمن النهائي قائمة بفضل التعادل الذي حققه مع ألمانيا، فإن هذه المقابلة عرفت إنجازات تاريخية للقارة الإفريقية، أعادت إلى الذاكرة سيناريو «ملحمة خيخون « التي كانت جزائرية الصنع في الأراضي الإسبانية سنة 1982، لأن الهدف الأول لمنتخب غانا في لقاء سهرة أول أمس و الذي وقعه أندري أيو سجل بعد إنتظار دام 32 عاما كاملا، كونه الأول من نوعه لمنتخب إفريقي في شباك «الألمان « على مدار 8 دورات متتالية من العرس العالمي، على اعتبار أن آخر هدف إفريقي في الشباك الألمانية كان من توقيع الجزائري لخضر بلومي في 16 جوان 1982، و منذ ذلك الحين بنى «الألمان « جدار برلين أمام منتخبات القارة السمراء التي واجهوها في المونديال قبل أن تخترقه نجوم غانا. دخول أندري أيو التاريخي لم يمنع زميله أصامواه جيان من تسجيل إسمه بأحرف من ذهب في «ذاكرة « المونديال، لأن الكرة التي أودعها بذكاء كبير في مرمى الحارس الألماني مانويل نوير في الدقيقة 63 مكنته من تقاسم صدارة أفضل هدافي إفريقيا في نهائيات كأس العالم مع النجم الكاميروني روجيه ميلا، مع إحتفاظ أصمواه جيان بحظوظه في خطف الصدارة من ميلا، مادامت مغامرة المنتخب الغاني في المونديال ما تزال متواصلة بمبارة على الأقل في هذه الطبعة، و لو أن هدف جيان عبد الطريق أمام منتخب بلاده لدخول التاريخ، بكونه ثاني منتخب إفريقي ينجح في تسجيل هدفين في مرمى منتخب ألمانيا في إطار نهائيات كأس العالم، و هذا طبعا بعد إنجاز المنتخب الجزائري في دورة إسبانيا، لأن مباراة أمس الأول هي السابعة للألمان ضد منتخبات القارة السمراء في تاريخ المونديال، و يحتفظ اللاعب المغربي محمد جاريز بشرف توقيع أول هدف في مرمى ألمانيا في مونديال المكسيك 1970، و هو الهدف الوحيد الذي أعقب بهدفي الجزائيين رابح ماجر و لخضر بلومي، ليكون الثنائي الغاني أندري أيو و أصامواه جيان على موعد مع التاريخ بالوصول مجددا إلى الشباك الألمانية بعد إنتظار تجاوز 3 عقود من الزمن. هذا و قد كان منتخب غانا قريبا من إعادة ملحمة الجزائر ضد المانشافت، لأنه قدم أداء باهرا و كان متقدما في النتيجة بعد شوط ثان « مجنون « إهتزت فيه الشباك في 4 مناسبات، غير أن نتيجة التعادل أبقت فوز الأفارقة على ألمانيا إنجازا جزائريا فقط، و لو أن تعادل غانا هو الثاني لمنتخب إفريقي مع الأمان بعد ذلك الذي سجلته تونس في دورة الأرجنتين 1978. على صعيد آخر فإن نقطة التعادل أبقت حظوظ منتخب غانا في التأهل إلى ثمن النهائي قائمة عبر المجموعة السابعة، شريطة نجاحه في الفوز على البرتغال في اللقاء الأخير، و لو أنه مدربه ستيفان أبياه تحسر على إهدار الإنتصار أمام ألمانيا، و نوه بالمردود البطولي الذي قدمه لاعبوه، و الذي أرجعه بالأساس إلى الروح القتالية التي تحلو بها، حيث صرح قائلا: « مستوى هذا المونديال مرتفع جدا، و قد تعرضت إلى إنتقادات لاذعة بعد الإنهزام أمام أمريكا، لكن ثقتي في التشكيلة كانت كبيرة، رغم أن المنافس هو منتخب ألمانيا، حيث كنت على يقين بأن هذه الثقة تجعلني قادرا على لعب ورقة الهجوم، مادامت لدينا كل المؤهلات لمواجهة أي خصم «. نجوم غانا تسطع في المونديال بحثا عن لقب عالمي منتخب غانا الذي كان قد إستعرض أوراق إعتماده على أساس أنه منتخب عالمي في مونديال جنوب إفريقيا لما كان قريبا من المربع الذهبي لولا ضربة الحظ و «اليد السحرية « لنجم الأوروغواي سواريز إستغل رحلته إلى مهد الكرة بالبرازيل لتوجيه رسالة أخرى مضمونها أن النجاحات التي حققتها أصنافه الصغرى ستمتد إلى الأكابر، و أنه قد يكون أول منتخب إفريقي يتوج باللقب العالمي، و ذلك من خلال المردود الراقي الذي أظهره في لقائيه ضد أمريكا و ألمانيا، و إكتفاؤه بالحصول على نقطة لم يمنع مدربه ستيفان ابياه من التأكيد على أن يراهن على العمل المستقبلي تحضيرا لمنتخب قادر على صنع مجد الكرة الإفريقية، في ظل وجود عناصر شابة مؤطرة بلاعبين من أصحاب الخبرة، لأن «نجوم» غانا كانت قد عجزت عن التأهل إلى المونديال، و إنتظرت إلى غاية دورة 2006 لتسجيل حضورها الأول في نهائيات كاس العالم، و مع ذلك فإنها تجاوزت دور المجموعات و أقصيت من ثمن النهائي على يد البرازيل، لتكون ثاني مشاركاتها مميزة في جنوب إفريقيا، الأمر الذي يؤكد على المنحى التصاعدي لهذا المنتخب نحو «العالمية «، و رسالة نجومه من الأراضي البرازيلية فهمها و فسرها كل العالم بعد المستوى المقدم أمام ألمانيا، لأن منتخب غانا لم يعد يكتفي بتسجيل حضوره في المونديال و إنما لترك بصمة واضحة و مقارعة «كبار « العالم على التاج الذي يبقى حكرا على منتخبات قارتي أوروبا و أمريكاالجنوبية، و كأن غانا تريد أن تغير الخارطة الكروية العالمية، مادامت مؤشرات الثورة الكروية المستقبلية قد لاحت في الأفق في هذه النسخة بعد تألق كوستاريكا و الشيلي. ص / فرطاس