صهاريج الشفاء تجارة مربحة رأس مالها ينبوع ماء انتشرت في الآونة الأخيرة بقسنطينة و عدد من المناطق المجاورة تجارة مياه الينابيع الطبيعية بشكل لافت ، حيث كثر عدد الصهاريج المتنقلة التي يجوب أصحابها الشوارع و الأحياء على متن شاحناتهم النفعية،مدعين بأن لمياههم استخدامات شفائية قادرة على تفتيت حصى الكلى و تصفية المعدة، ما شجع الإقبال على اقتنائها من قبل الطامعين في منافعها. و يعرف هذا النشاط ازدهارا كبيرا منذ فترة تزامنا ودخول موسم الحر، إذ زاد عدد الصهاريج البلاستيكية الزرقاء التي تبيع مياه ينابيع حامة بوزيان، المشيرة، شطابة أو مياه منابع و آبار القل، مقابل4 دنانير للتر الواحد، الأمر الذي جعل الإقبال عليها يتضاعف خصوصا على مستوى البلديات و الضواحي و حتى بالأحياء التي لا تعرف نقصا أو انقطاعا في المياه. فالكثيرون يجدون فيها بديلا جيدا عن مياه الحنفيات التي عادة ما تكون ملوثة أو المياه المعدنية التي لا تسد حاجتهم و تنحصر استخداماتها في الشرب كما أنها تعد مكلفة مقارنة بحجم قواريرها. و قد شجع الاعتقاد الشائع بالجدوى العلاجية لمياه المنابع، المواطنين على ملء دلائهم و قواريرهم بكميات من هذه المياه و تخزينها لاستعمالها على مدار أسابيع كبديل يعتقدون بأنه صحي لهم، و لظنهم بأنها مياه ينابيع طبيعية عذبة و صافية. وهو ما يعد مغالطة في الكثير من الأحياء، خصوصا و أن بعض أصحاب هذه الصهاريج من الراغبين في الربح يلجأون إلى تمويل صهاريجهم من مصادر مجهولة و بكميات كبيرة تجمع من الأودية و الينابيع و حتى البرك التي سجلت هذا العام نسبة امتلاء قياسية بسبب معدل تساقط الأمطار خلال فصل الشتاء، ليعيدوا بيعها بعد ذلك عن طريق التجزئة لأصحاب المركبات النفعية الصغيرة دون أي اعتبار لنتائج ذلك على الصحة. و حسب ما أكدته مصالح الري بقسنطينة الجهة المسؤولة عن تصريح و مراقبة نشاط هؤلاء الباعة، فإن عدد الباعة المصرحين على مستوى الولاية منذ سنة 2009 و إلى غاية الآن لا يتعدى 11، منحت لهم تراخيص لاستغلال مياه محطتي " بيرلان " بعين السمارة و محطة الضخ بديدوش مراد، وذلك بالتنسيق مع لجان الصحة و التطهير عبر البلديات المعنية لمراقبة عملية تعبئة المياه، تخزينها، نقلها و توزيعها، مع الإشارة إلى أن المركبات المرّخصة تحمل لوحات ترقيم خاصة. من جهتها، نفت مصالح التجارة وجود أي تنظيم تجاري لنشاط هؤلاء الباعة، مؤكدة عدم امتلاكهم لسجلات تجارية أو ما شابه، حيث أوضحت بأن نشاطهم حر و غير مقنّن، ما يعني بالمقابل أن بقية هؤلاء الباعة ينشطون بطريقة عشوائية كما أن استغلالهم لمياه الآبار و الينابيع غير مرخص، لكون هذه الأخيرة تخضع لرقابة مصالح الري و اللجان البلدية، و بالتالي فإن مصادر مياههم قد تكون غير مضمونة و حتى ملوّثة و غير صالحة للشرب لأنها لا تخضع لتحاليل المراقبة من طرف الجهات المختصة. صرامة شروط ممارسة هذا النشاط ، جعلت غالبية الباعة ممن لا يملكون تراخيص بيع سليمة، يعمدون إلى عرض مياههم أمام المواطنين خلال الفترات المسائية و الظهيرة لتجنب الرقابة، كما يختارون أحياء البلديات البعيدة التي تعاني عادة أزمة مياه شرب للترويج لنشاطهم، وهي أحياء عبر مواطنوها عن ارتياحهم تجاه خدمات هذه الصهاريج التي قالوا بأنها توفر لهم بديلا جيدا عن مياه الحنفيات كما أنها تسمح لهم باستهلاك مياه الينابيع الصحية التي كانوا يجدون صعوبة في التنقل لتعبئتها من أماكن بعيدة. و بهذا الصدد أخبرنا أحد الأخصائيين والذي قضى سنوات طويلة في مصالح طب الوقاية من الأمراض الوبائية بقسنطينة بأن الاعتقاد بالجدوى العلاجية لمياه المنابع عار من الصحة، إلا بالنسبة لبعض الحالات النادرة التي تكون فيها مياه المنبع مشبعة ببعض الأملاح التي تساعد على تحسين الهضم، وهي منابع نادرة و عادة ما تتواجد بأماكن لها تضاريس خاصة، مشيرا إلا أن نقاء مياه هذه الينابيع و برودتها الطبيعية هي ما تجعل شربها يمنح الراحة و الانتعاش للجسم، ما يخلف اعتقادا شائعا بقدرتها على الشفاء .