أصبحت الجزائر "وجهة ثقافية" في السنوات الأخيرة بفعل الاعتمادات المالية الهامة التي خصصتها الدولة للقطاع، إلى درجة أن التظاهرات الثقافية ذات الطابع العربي والدولي تكاد لا تنقطع وهذا أمر طبيعي بالنسبة لبلد كبير كالجزائر. لكن ما الذي يمكن أن تضيفه بعض النشاطات وبعض الأسماء التي تتم دعوتها للحياة الثقافية الوطنية؟ ضرورة هذا السؤال تستدعيها نوعية بعض المشاركات العربية المتواضعة ومستوى ضيوف تتم دعوتهم من طرف مثقفين وفنانين جزائريين منتدبين للاشراف على هذه التظاهرات، إلى درجة أن الكثير من "الأشخاص" الذين لا يسمع بهم أحد في بلدانهم الأصلية أصبحوا يستقبلون كأساتذة كبار ويتصرفون كنجوم في الجزائر، من ذلك ما رواه مصدر كثير الاطلاع عن فنان عربي شارك في مهرجان دولي مؤخرا وعومل كصباح فخري حيث يناديه الجميع "الأستاز" ويتصرف هو كما يليق بأستاذ كبير وتبين بعد الاطلاع على جواز سفره أنه يشتغل مساعد طباخ في الإمارات العربية المتحدة وهي الصفة التي دخل بها هذه الدولة وفق ما تؤكده التأشيرة. وبالطبع فإن الطبخ فن ومهنة نبيلة وفوق ذلك فإن كتبه رائجة في العالم العربي حيث يحتل الأكل بأنواعه مكانة هامة، والطباخ شخصية مرموقة تستحق الحب والتبجيل وكذلك مساعده، لكن المشكلة في إستغباء الجزائريين في ظاهرة تتكرّر منذ الاستقلال من طرف أشقاء يأتون كأساتذة وهم ليسوا كذلك. وتخريب المنظومة التربوية ونشر التطرف الديني من صنيع "الأساتزة " الذين استغلوا نوايا الجزائريين الحسنة وحبهم للسينما والمسلسلات. من الطبيعي أن نرحب بكل الطباخين العرب والخياطين العرب لكن في إطار الطبخ والخياطة. وفي جميع الحالات فإن الذنب ليس ذنب الطباخين الضيوف ولكنه ذنب "الطباخين" الجزائريين الذين شغلتهم مصاريف الطبخ عن نوعية ما يطبخون.