أكد الأمين الوطني المكلف بالمنازعات الاجتماعية للإتحاد العام للعمال الجزائريين عاشور تلي أمس رفض الاتحاد العام للعمال الجزائريين لمطلب الشركات المتعددة الجنسيات التي تشترط تحديد مدة عقود العمل، مضيفا أن نسبة هذه العقود في الجزائر لا تدعو إلى القلق مثلما حاصل في بعض البلدان الأخرى. ولدى تطرقه لموضوع الثلاثية المرتقبة أكد المتحدث أنه لم يتم بعد تحديد تاريخها ، وأن ذلك يتوقف على الانتهاء من إعداد الملفات المنتظر طرحها والتي تتعلق خاصة بالضمان الاجتماعي وإعادة النظر في العقد الاقتصادي والاجتماعي، وخاصة ما تعلق منه بالمنح العائلية التي لا زالت الدولة تتكفل بها بشكل تام، وفي هذه النقطة أكد المتحدث أن موقف المركزية النقابية يساند الباترونا ويعتبر هذه المنح كشكل من مساعدة الدولة للمؤسسات، كما لم يستبعد تلي إدراج قانون العمل الجديد في لقاء الثلاثية المقبل في حال انتهاء اللجنة المختصة من دراسته شرط أن يتم احترام اقتراحات المركزية النقابية التي تتمحور كما قال حول المحافظة على علاقة العمل الدائمة وغير المحددة مع اعتماد مبدأ المرونة الذي يتطلبه اقتصاد السوق، وأيضا الحرص على المحافظة على امتيازات العمال بالاعتماد على الحوار بين العامل والشركة التي تشغله والنقابة، مشيرا إلى تلقي ردود فعل ايجابية بخصوص المنازعات الاجتماعية المطروحة حاليا على الساحة الوطنية، وذلك سواء من طرف القطاعات الوزارية المعنية أو من طرف مؤسسات تسيير مساهمات الدولة أو من رؤساء المؤسسات العمومية والخاصة . وأوضح تلي في تصريحه للقناة الإذاعية الثالثة أنه بفضل الحوار الاجتماعي الذي تم الانخراط فيه منذ تسعينيات القرن الماضي تمكنت المركزية النقابية من الوصول إلى حل الكثير من المشاكل والنزاعات المطروحة في إطار قانوني يخدم العامل، ومن ذلك عقد اجتماعات الثنائية والثلاثية على المستوى الوطني بالإضافة إلى اجتماعات أخرى على مستوى كل القطاعات والفيدراليات بالإضافة إلى اجتماعات على مستوى المؤسسات والفروع النقابية، مشيرا إلى أن انتهاج الحوار ينم عن إرادة سياسية لدى الدولة الجزائرية، بالإضافة إلى أنه وسيلة ضرورية للحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعيين، ما يمّكن حسبه من الوصول إلى مناخ يحفز النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، وأكد أنه يتم يوميا حل العشرات من النزاعات الاجتماعية بفضل نهج الحوار بين الأطراف المعنية بما فيها المركزية النقابية، وهو ما أوصل إلى إبرام العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي سنة 2006 بالتنسيق مع الحكومة والباترونا. مليونان و800 ألف عامل من القطاع الاقتصادي استفادوا من زيادة ب25 بالمائة كما سمح هذا العقد حسبه برفع قيمة الأجر الوطني الأدنى بنسبة 20 بالمائة سنة 2006 و بنسبة 25 بالمائة في 2009، وقد أطلقت المركزية النقابية عدة دراسات قصد معرفة نفقات العامل البسيط لمحاولة تحسين وضعيته الاجتماعية والمعيشية، وشدّد المتحدث على الدور الهام الذي لعبه الاتحاد العام للعمال للجزائريين ما سمح برفع أجور أكثر من مليون و258 ألف عامل في القطاع الاقتصادي العمومي ومليون و262 ألف عامل آخر في القطاع الاقتصادي الخاص، ما يمثل مجموع أكثر من مليونين و 800 ألف عامل استفادوا من رفع أجورهم بنسبة 25 بالمائة بمعدل زيادة بلغ 5 آلاف دينار للعامل، و أدت جهود المركزية النقابية كما قال إلى فتح المفاوضات على مستوى القطاعات والمؤسسات، حيث تم إبرام 80 اتفاقية في ماي 2010 تخص 20 قطاعا بما فيها القطاع الخاص، وتمت المصادقة على 45 قانونا خاصا من مجمل 60 قانون بما فيها النصوص الخاصة بالنظام التعويضي للموظفين التابعين للأسلاك الخاصة وسلك التربية الوطنية والأسلاك المشتركة وغيرها، وفيما يتعلق باتفاقيات الفروع يبقى قطاع الصحافة الذي من المقرر الانتهاء من إعداد الاتفاقية الخاصة به قبل انقضاء السنة الجارية مشيرا إلى بذل فيدرالية الصحفيين جهودا كبيرة لإبرام هذه الاتفاقية بالتنسيق مع المركزية النقابية والوزارة الوصية . وأكد في هذا الصدد بقاء خمسة قوانين حاليا قيد الإعداد وفي طريقها للتجسيد ومنها القانون الخاص بقطاع التعليم العالي المنتظر الانتهاء منه قريبا وكذا قانون سلك الأمن والحماية المدنية، ونفى المتحدث بهذه المناسبة أن تكون مطالب المركزية النقابية تتعارض مع الحالة الاقتصادية لبعض المؤسسات مؤكدا على أنها احترمت في أغلب الحالات القدرات الاقتصادية لهذه المؤسسات مع الحرص على تحقيق مكاسب للعمال، واستبعد وجود تنسيق مع النقابات المستقلة خاصة فيما يتعلق بالمطالب المتعلقة بقطاعي الصحة والتربية الوطنية، وقال أن الاتحاد العام للعمال الجزائريين لديه إستراتيجية وسياسة خاصة به، ترتكز على نهج الحوار كوسيلة وحيدة لتحقيق المطالب الاجتماعية للعمال، وأكد في هذا الإطار أن 90 بالمائة من هذه المطالب قد تم تحقيقها بفضل هذه السياسة، كما أبرز الوجود القوي للمركزية في القطاع الخاص مشيرا إلى الانتهاء من الندوة الوطنية لفيدرالية الصناعات الغذائية التي ضمت في أغلبها مؤسسات تابعة للقطاع الخاص حيث قدّرت نسبة تمثيل الاتحاد العام للعمال الجزائريين فيها بين 40 و 80 بالمائة. ولدى تطرقه إلى مسار الخوصصة أشار تلي إلى أن الدولة الجزائرية لم تعد تفكر فيها وأن الاتحاد العام للعمال الجزائريين يوافق على سياسة الشراكة المنتهجة حاليا والمرتكزة على مبدأ 51/49، مؤكدا على أهمية نقل التكنولوجيا في مشاريع الشراكة مع الأجانب قصد تدعيم الاقتصاد الوطني والحفاظ على وسائل العمل وخلق مناصب شغل، وصرح أن المركزية النقابية لا تعارض المطالب التي تدعو إلى تأميم بعض المؤسسات والمجمعات التي تمت خوصصتها مثل مركب الحجار، كما أشار بخصوص ظاهرة الاقتصاد الموازي والعمل غير الشرعي، إلى أن الدولة وحدها لا يمكنها مواجهة هذه الآفة الخطيرة على الاقتصاد الوطني وأبرز دعوة المركزية النقابية لمعالجتها بطرح نقاش وطني مفتوح لجميع الأطراف لإيجاد حلول مناسبة لها، وأرجع أسبابها إلى المرحلة الانتقالية التي تمر بها الجزائر بين الاقتصاد المخطط المركزي واقتصاد السوق، كما أرجع السبب الرئيسي في تدهور القدرة الشرائية للمواطن الجزائري إلى المضاربة داعيا بالمناسبة إلى حل هذه المشكلة بمساهمة جميع الأطراف المعنية من سلطات عمومية وجمعيات وأحزاب سياسية ومواطنين . السيد تلي لم ينف في الأخير وجود نقائص رغم ما تم تحقيقه، وقال أنه يتم العمل حاليا على تجسيد الأمور التي لم يتم التكفل بها من قبل، غير أنه ذكر بأن نموذج الجزائر قد أصبح مثالا يحتذى به خاصة فيما يتعلق بالعقد الاقتصادي والاجتماعي، مشيرا في هذا الإطار إلى رأي الاتحاد الأوربي الذي اعتبر الجزائر في حالة ايجابية من الناحية الاقتصادية والأمنية، وأيضا إلى ما أقره الاتحاد الإفريقي من اعتماد العقد الاقتصادي والاجتماعي الجزائري كنموذج يحتذى به، وأخيرا المكتب الدولي للعمل أين قدم وزير العمل الطيب لوح لمحة عن هذا العقد الذي نال إعجاب العديد من الهيئات الدولية مؤكدا أن سبيل الحوار الذي تنتهجه المركزية النقابية هو الكفيل وحده بالاستجابة لمطالب العمال و تحقيق المزيد