النزيف الدموي هو السبب الأول لوفاة 90% من الحوامل بالجزائر كشف البروفيسور محمد أوشتاتي مدير مخبر تقييم نوعية العلاج بكلية الطب ورئيس أطباء قسم التخذير والانعاش بالمستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة بأن النزيف الدموي هو السبب الأول لوفاة 90% من الحوامل أثناء الوضع ببلادنا، يليه ضغط الدم وأمراض القلب والسكري، مشيرا الى أن الجهات الصحية لا تزال تسجل 80 وفاة بين كل 100 ألف ولادة عادية. البروفيسور أوضح للنصر بأنه شرع منذ حوالي سنتين رفقة فريق طبي متعدد الاختصاصات من أعضاء مخبر تقييم نوعية العلاج بقسنطينة، في اجراء دراسات وأبحاث شملت مختلف مناطق الوطن حول ظاهرة وفيات النساء الحوامل في مرحلة الوضع وقد قدم حصيلة هذه الأبحاث خلال فعاليات الملتقى العالمي الأول للبحث حول المنظومات الصحية الذي عقدته المنظمة العالمية للصحة من 16 الى 19 نوفمبر الفارط بمدينة مونترو السويسرية. "بلادنا تتوفر على امكانيات ووسائل وموارد بشرية ومادية هامة جدا في قطاع الصحة، لكن وللأسف الشديد النتائج التي نحصل عليها لا تتناسب مع هذه الامكانيات الموجودة... يحدث هذا في الوقت الذي تصنف كل بلدان العالم ومن بينها الجزائر صحة الأمهات والمواليد وبالطبع الحوامل ضمن أولوياتها وتعتبر نسبة وفيات الحوامل في مرحلة الوضع من أهم المؤشرات حول درجة تطور أي بلد ومدى نجاح وفعالية منظومته الصحية. ان العالم بأسره ينظر الينا ويقيم.. فالواقع يقول بأن نسبة وفيات هذه الشريحة من المجتمع الجزائري جد مرتفعة مقارنة بامكانياتنا مما يعني بأننا يمكن أن نبذل المزيد من الجهود لتطويقها بدءا بتنظيم عملية التكفل بالحوامل "أضاف البروفيسور مشددا : " لابد من وضع استراتيجية فعالة للتكفل بهذه الفئة تأخذ بعين الاعتبار الحقائق والمعطيات الموضوعية.. على سبيل المثال من المستحيل خلال بضع سنوات أن نجد العدد الكافي من أطباء أمراض النساء والتوليد وأطباء التخذير والانعاش من أجل التكفل بكل حالات الحمل والولادة.. فلغة الأرقام تقول بأن 800 ألف امرأة تحمل كل سنة ببلادنا و90% من المضاعفات والمشاكل الصحية التي يمكن أن تفتك بالحوامل لدى الوضع أو تؤدي الى أنجابهن لمواليد مشوهين أو معاقين يمكن تشخيصها وتحديدها مسبقا عن طريق جهاز الكشف بالأشعة فوق الصوتية (ايكوغرافي) واتخاذ الاجراءات الوقائية والعلاجية اللازمة لمواجهتها". ودعا بالحاح الى تعميم هذا النوع من الكشف على الحوامل عبر كافة المراكز والمؤسسات الاستشفائية الجوارية ببلادنا ولا يقتصر استخدامه على أطباء أمراض النساء والتوليد، فلا بد - حسبه - من اخضاع القابلات والأطباء العامين لتكوين تقني متخصص في هذا المجال. شبكة لتنظيم التكفل والتوجيه والتنسيق واستطرد محدثنا قائلا: "كل المؤشرات والمعطيات تحتم إشراك موارد بشرية طبية وشبه طبية أخرى لدعم أطباء أمراض النساء والتوليد وتسهيل مهامهم من أجل تكفل أفضل وأكثر فعالية بالحوامل وتتمثل هذه الموارد أساسا في الأطباء العامين والقابلات الذين ندعوا إلى تكوينهم وتأهيلهم ليتمكنوا من التشخيص المبكر لحالات الحمل الخطيرة والمهددة وتوجيهها في الوقت المناسب الى المؤسسات الاستشفائية المتخصصة لاحاطتها بالرعاية والمتابعة اللازمة درءا للمخاطر. على سبيل المثال إذا تمكنت قابلة أو طبيب عام بمؤسسة استشفائية جوارية بفرجيوة من تشخيص حالة حمل غير طبيعي أو خطير يمكن أن توجه المعنية في المراحل الأولى من حملها إلى مستشفى قسنطينة حيث يتم التنظيم المبكر لكافة مراحل التكفل بها ومتابعتها وبرمجة عملية الوضع بشكل يحميها ومولودها لانجاح هذه الخطوات الأجدر بنا انشاء شبكة للتعاون والتوجيه وتبادل الخبرات والمعلومات وتنسيق مهام الفرق الطبية المعنية بهذا النوع من التكفل الحيوي بمختلف المناطق الكبرى والنائية". وشدد البروفيسور على ضرورة التحديد المسبق للاحتياجات بدقة من أجل تأهيل الأطباء وشبه الطبيين العاملين في المراكز والمؤسسات الجوارية... وهذه الاحتياجات - حسبه - معروفة اذا تعلق الأمر بمحاربة ظاهرة وفيات الحوامل لدى الوضع... مؤكدا بأن التكوين التقني في مجال استعمال جهاز الكشف بالأشعة فوق الصوتية أهم سلاح يمكن أن يحمله الأطباء العامون والقابلات الى جانب أطباء التوليد وأمراض النساء من أجل التقليص الفعال والكبير في نسبة هذه الوفيات. وإلى جانب هذا التكوين، لابد من ترسيخ التكوين المتواصل من أجل مواكبة آخر التطورات والمستجدات في مجال التكفل بالحوامل وتوسيع الآفاق العلمية والمعرفية بشكل مطرد. البروفيسور الباحث أوضح من جهة أخرى، استنادا إلى نتائج الأبحاث التي قام بها ضمن فريق طبي متعدد الإختصاصات عبر مختلف مناطق الوطن، بأن النزيف الدموي هو السبب الأول في 90% من وفيات الحوامل أثناء الوضع أو بعد ساعات أو أيام معدودة من الولادة ببلادنا، ويأتي بعده ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب، والأمراض المعدية والخلقية، مشيرا إلى أن إصابة النساء الشابات بأمراض القلب من خصائص المجتمع الجزائري، فمعظم ضحايا هذه الأمراض في البلدان الأخرى من النساء اللائي تجاوزن مراحل الشباب والخصوبة والحمل، وأضاف بأن هذه النتائج يمكن استثمارها من قبل السلطات المعنية من أجل التفكير في وضع برنامج وطني كامل وشامل لمحاربة وفيات الحوامل، واستطرد قائلا: "حتى البلدان التي تسجل 6 وفيات للحوامل ضمن 100 ألف ولادة عادية، تسعى لتقليص هذه النسبة إلى أقصى حد ممكن إنطلاقا من فتح معاهد للمراقبة والمتابعة الصحية في حين تسجل الجزائر أكثر من 80 وفاة بين كل 100 ألف ولادة عادية، وهذا يتطلب الإلتفات الجدي والحاسم إلى هذه الظاهرة التي يمكن اعتبارها آفة صحية وإجتماعية فهذه الوفيات تمتد عواقبها الوخيمة إلى المواليد وباقي أبناء الحامل المتوفاة وزوجها وبالتالي إلى المجتمع ككل مشددا بأن 90% من مضاعفات وتعقيدات ومشاكل الولادة وإعاقات وتشوهات المواليد يمكن الكشف عنها مسبقا عن طريق جهاز "الإيكوغرافيا" وإتخاذ الإجراءات والإحتياطات اللازمة لمواجهتها قبل أن تصل إلى مالا يحمد عقباه. 21.6% من الحوامل لا يحظين بالمتابعة والرعاية الصحية سلط البروفيسور أوشتاتي في مداخلته في الملتقى العالمي الأول للبحث حول المنظومات الصحية الذي اختضنته سويسرا من 16 إلى 19 نوفمبر الفارط بحضور أكثر من 1200 خبير و باحث من 100 دولة، على الإختلافات والفروق في نسبة وفيات الحوامل عند الوضع ومستوى الرعاية الصحية في فترة الحمل من منطقة إلى أخرى فلكل منطقة كما استخلص مشاكلها التي ترتبط بموقعها الجغرافي، وإمكانياتها وخصائصها الصحية والإجتماعية حيث جاء في الملخص المنشور بموقع الملتقى على شبكة الإنترنيت بأن متوسط وفيات الحوامل يصل إلى 92 حالة ضمن كل 100 ألف ولادة عادية ببلادنا وتصل النسبة إلى 130 حالة بأدرار مقابل 30 بالجزائر العاصمة ولا تستفيد 21.6% من النساء الحوامل بأية رعاية صحية في المناطق النائية والمعزولة ببلادنا مقابل 1.3% من الحالات المقيمة بالعاصمة. ويتكفل بإجراء فحوصات ما قبل الولادة أطباء متخصصون في 76.4% من الحالات مع تسجيل بأن 57.3% من الحوامل المتوفيات عند الولادة توجهن إلى عيادة أو أكثر أثناء فترة الحمل وفي 14.7% من الحالات المسجلة بجنوب البلاد تتم الولادات دون إشراف متخصصين مقابل 0% بالعاصمة... وشدد الباحث بأن العجز في تنظيم الرعاية الصحية للحوامل وتعميمها هو السبب الرئيسي في الظاهرة لأن الهياكل الصحية والموارد المادية والبشرية متوفرة ببلادنا.