أكد الأستاذ نايت قاسي الياس مختص في التاريخ الحديث والمعاصر من المدرسة العليا للاساتذة ان الجزائر العاصمة بعيدة كل البعد عن هويتها العمرانية التي تميزها عن ساري مدن العالم الاخرى. وأوضح نايت قاسي في تصريح لواج على هامش الملتقى الوطني الثالث حول المدن الجزائرية عبر العصور أن مدينة الجزائر "تفتقد للهوية العمرانية الخاصة بها" والتي تتميز بها كل مدن العالم. وذكر المتحدث بان الغريب في الامر بالنسبة لهذه المدينة هو "أننا نأخذ كل ما هو اوروبي ونستثمره عندنا في مجال التعمير دون الحفاظ على كل ما يميز هويتنا الثقافية والتاريخية". وأضاف بأن بناء العمارات في مدينة الجزائر يتم حاليا بالالمنيوم او بالزجاج مما يكلف الدولة اموالا طائلة مبرزا بانه "اذا لم نستطع في الوقت الراهن بناء عمارات ومباني تجسد هوية مدينة الجزائر فلا بد على الاقل الحفاظ على ما هو موجود واعادة تاهيله بما يكفل لهذه المدينة العريقة هويتها وطابعها" . وذكر المتحدث ان المتجول بمختلف أحياء مدينة الجزائر يلاحظ "التدهور" الكبير الذي آلت اليه بناياتها القديمة خاصة بحي القصبة العتيق مما يعني كما قال"ضياع الموروث الثقافي للجزائر العاصمة". وارجع هذه الوضعية الى عدة اسباب خاصة منها ذات الصلة بالجانب البشري الذي اسهم في تدهور العمارات القديمة وحتى الجديدة منها . ودعا بالمناسبة الى الاستفادة من بعض التجارب العالمية في هذا الميدان كالتجارب الامريكية والبولونية والفرنسية والانجليزية مؤكدا وجود محاولات "جادة" من بعض الجهات كوزارة الثقافة التي تسعى الى اعادة ترميم كل المعالم التاريخية والثقافية لهذه المدينة حفاظا على الذاكرة التاريخية والموروث الثقافي للمدينة. وتاسف هذا المختص في الاخير لعدم وجود أدنى تناسق في العمران في مدينة الجزائر التي هي عاصمة البلاد مؤكدا بأن ما يشوه البنية العمرانية الجزائرية هو "عدم التناسق في انجاز مختلف العمارات والتي كثيرا ما تبتعد عن مقومات الهوية العمرانية الجزائرية الاصيلة". وذكر الاستاذ نايت قاسي بعض الامثلة عن تشوه البنية العمرانية حيث ذكر على سبيل المثال اقامة المعهد العالي للموسيقى قبالة حصن 23 (قصر رياس البحر) في باب الواد مما تسبب في تشويه الهوية العمرانية الجزائرية. كما اشار في نفس الصدد الى مرأب السيارات الذي اقيم أمام المسجد الكبير بساحة الشهداء الذي يمثل معلما تاريخيا وثقافيا ودينيا كبيرا والذي تسبب كما قال في احداث انزلاق للتربة بعين المكان. وقدم في الاخير بعض الحلول التي يراها مناسبة في هذا المقام كضرورة توعية المواطن باهمية الحفاظ على النسيج العمراني واستعمال الرقمنة في معالجة معمقة للمعطيات التي تمكن من استخلاص النتائج على المستوى العمراني والبيئي لمدينة الجزائر ومدن أخرى.