تشهد الساحة المصرية تسارعا في الاحداث بعد رفض احزاب المعارضة يوم الثلاثاء مباشرة أي حوار مع الحكومة في الوقت الذي لايزال مئات الالاف من المتظاهرين المحتجين يتدفقون على العاصمة القاهرة للانطلاق في "مسيرة المليونية" مجمعين على ضرورة تنحي الرئيس حسني مبارك عن السلطة وسط دعوات دولية لاحتواء الوضع وضبط النفس. فقد رفضت أحزاب المعارضة المصرية الدخول فى أي حوار مع الحكومة " قبل مغادرة الرئيس حسني مبارك السلطة" التى بقي فيها لمدة 30 عاما. وأعربت لجنة قوى المعارضة التى تضم محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية فى بيان اصدرته اليوم عن رفضها لاجراء حوار مع الحكومة و ذلك مع دخول الاحتجاجات الشعبية يومها الثامن لاجبار الرئيس مبارك على التنحى عن السلطة وادخال اصلاحات سياسية اقتصادية و اجتماعية فى البلاد. وقد اجمعت الأحزاب والقوى السياسية المعارضة على ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني لمرحلة انتقالية تتولى وضع دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية رئاسية فيما تباينت الآراء حول الشخصية التي تتولى رئاسة الحكومة. ويشهد "ميدان التحرير" بوسط القاهرة تجمع مئات الآلاف من المحتجين المصريين اليوم استعدادا للانطلاق في "مسيرة مليونية" للمطالبة برحيل الرئيس مبارك. وذكرت وسائل الإعلام أن المتظاهرين يرددون شعارات وهتافات تنادى برحيل الرئيس مبارك وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة. فيما طوفت قوات من الجيش المري وبعض رجال الشرطة "ميدان التحرير" بالدبابات والعربات المدرعة لفرض الانضباط بين المتظاهرين وضمان عدم خروجهم عن القانون أو ارتكاب أي أعمال تخريبية. وكان عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية في مصر قد قال امس الاثنين أن الرئيس حسني مبارك كلفه بإجراء الاتصالات على الفور مع جميع القوى السياسية, لبدء حوار حول كافة القضايا المثارة والمتعلقة بالاصلاح الدستوري والتشريعي على نحو يخلص إلى تحديد واضح للتعديلات المقترحة والتوقيتات المحددة. وأضاف أن مبارك أعطى توجيهاته بالإعلان في غضون الأيام القليلة المقبلة عن "بيان الحكومة"متضمنا لسياسات واضحة ومحددة لتنفيذ تكليفاته في إطار زمني عاجل, على نحو يستعيد الثقة في الاقتصاد المصري, ويعوض ما لحق به من أضراروخسائر, ويتعامل على وجه السرعة مع أولويات محاصرة البطالة ومكافحة الفقر والفساد وتحقيق التوازن المطلوب بين الأجور والأسعار. وأمام الوضع الحرج الذي ألت اليه الاوضاع بمصر توالت النداءات الدولية إلى العمل على استعادة الامن والاستقرار في البلاد حيث دعا رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان اليوم الرئيس المصري حسني مبارك إلى "الإصغاء لصوت الشعب المطالب بالتغيير". وقال أردوغان -تعليقا على نزول آلاف المصريين إلى وسط القاهرة اليوم في تظاهرة حاشدة تطالب بتنحي مبارك و باصلاحات سياسية و اقتصادية - أن " على الحكومة المصرية أن تتخذ خطوات لإعادة السلام والأمن والاستقرار لمصر من دون إعطاء أية فرصة للمستغلين والأوساط الشريرة والذين يضعون سيناريوهات مظلمة لمصر". ومن واشنطن أكد نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن فى اتصال هاتفي مع ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة على "تركيز واشنطن القوي على معارضة العنف والدعوة لضبط النفس ودعم الحقوق العالمية بما فى ذلك الحق فى التعبير عن الرأي". و أوضح بجانبه الناطق باسم البيت الابيض روبيرت غيبس أن "الانتقال المنظم" في مصر كما تتمناه الولاياتالمتحدة يعني "التغيير" مشيرا إلى ان واشنطن دعت إلى تنظيم "انتخابات حرة ونزيهة" في مصر. مؤكدا ان التعيينات في الحكومة التي قام بها الرئيس المصري يجب أن تكون هناك "اعمال" وليس تعيينات. بدوره أعرب الاتحاد الاوروبي عن "اسفه العميق ازاء الخسائر في الارواح خلال المظاهرات في مصرعلى مدار الايام القليلة الماضية" مشيرا في الوقت نفسه إلى "المخاوف العميقة ازاء العدد الكبير من المصابين والمعتقلين بالاضافة إلى استخدام العنف". ودعا الاتحاد الاوروبي كافة الاطراف إلى ضبط النفس وتجنب المزيد من العنف مطالبا السلطات المصرية باطلاق سراح المتظاهرين الذين جرى اعتقالهم. حاثا السلطات المصرية ايضا إلى احترام حقوق الانسان وحمايتها ومن بينها حق التجمع والتعبير. وكان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز قد أكد أن استقرار مصر وسلامة وأمن شعبها "أمر لا يمكن المساومة عليه" أو "تبرير المساس به تحت أي غطاء" مؤكدا " أن مكتسبات ومقدرات مصر جزء لا يتجزأ من مكتسبات ومقدرات الأمتين العربية والإسلامية".