أكدت أحزاب سياسية جزائرية أهمية التكفل بانشغالات الشباب بالانصات إليه ومحاورته ودفعه الى المشاركة في العمل السياسي والثقافي والاجتماعي. وعلى خلفية الأحداث التي عاشتها عدد من ولايات الوطن مطلع شهر جانفي الماضي بادر نواب حزب جبهة التحرير الوطني بإجراء "معاينة ميدانية" لمختلف مشاكل المواطنين عامة والشباب بصفة خاصة من أجل وضع "تصورات وتقديم اقتراحات للتكفل بها". وفي هذا الصدد، أشار المكلف بالإعلام بالحزب السيد عيسى قاسى لواج الى انه تم أيضا إنشاء 6 أفواج عمل على مستوى مركز الدراسات والتحاليل والاستشراف التابع للحزب "لدراسة انشغالات ومشاكل المواطنين و اقتراح حلول لها" بالاضافة الى إقامة ورشة عمل تخص "الخدمة العمومية" تستند إلى رؤية ومعاينة ميدانية من طرف إطارات الحزب ونوابه. من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أنه بالرغم من الآليات المختلفة التي وضعتها الدولة للتكفل بانشغالات الشباب البطال إلا أن العديد من المشاريع "معطلة" بسبب عوامل متعددة خاصة "الإدارية" منها موضحا أن هذه المشاكل "تختلف من جهة إلى أخرى ومن ولاية الى أخرى". وفي رده على سؤال حول مصير التوصيات التي انبثقت عن اجتماع الحكومة بالولاة سنة 2008 الذي خصص للشباب أكد السيد قاسى بأن تجسيد هذه التوصيات هو من "صميم عمل الحكومة" وهي وحدها المخولة "بتقييم ما تم انجازه" مبرزا ان دور الحزب يقتصر على "تقديم التصورات و الاقتراحات". وفي ذات الموضوع، يرى عضو المكتب السياسي لحزب العمال السيد رمضان تعزيبت أن التكفل بعنصر الشباب الذي يمثل 75 بالمائة من الشعب الجزائري، "مسألة مصيرية" يجب ان تشكل "أولوية الأولويات" بالنسبة للجزائر مطالبا ب"تقديم حصيلة لسياسية التشغيل المعتمدة منذ سنوات". ويرى السيد تعزيبت أن حل مشاكل التشغيل التي تشكل اولوية انشغالات الشباب تكمن في "اعتماد استثمارات عمومية ضخمة بما يضمن للجزائر اقتصادا متنوعا". وأشار في ذات الصدد الى أن شريحة الشباب التي تعتبر "نعمة" لما تمثله من كفاءات و طاقات لا ينبغي أن تتحول الى "مشكل أو عبء" على الدولة. من جهته أبرز الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي السيد ميلود شرفي دور حزبه في "طرح ومناقشة انشغالات الشباب" بتنظيم عدة ندوات عبر التراب الوطني. وأوضح السيد شرفي انه يتعين النظر "بموضوعية وواقعية" للمشاكل التي تعاني منها فئة الشباب وفي مقدمتها الشغل والسكن داعيا الى التخلص من" البيروقراطية" التي تقف "حجر عثرة" في حل العديد من المشاكل. أما المكلف بالإعلام بحركة مجتمع السلم السيد محمد جمعة فيرى أن الشباب في الجزائر "يشعر بأنه لم يستلم مصيره بيده بعد" موضحا أن الأحداث الأخيرة التي عاشتها ولايات من الوطن "أثبتت صحة هذا الرأي". وفي ذات السياق، أشار السيد جمعة إلى أن الشباب الجزائري "له طموحات للمشاركة في الحياة السياسية للبلاد" ويتعين الاخذ بعين الاعتبار هذا الطموح المشروع. ويعتبر أن الحلول المقدمة لمشاكل الشباب يجب أن تكون ذات أبعاد متنوعة "سياسية وثقافية واجتماعية ورياضية" وهي الجوانب التي بالإمكان كما أضاف، أن "تبعد هذه الفئة عن العنف". أما السيد موسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية فاوضح من جهته أن إمكانيات الجزائر الاقتصادية والجغرافية والمالية "تؤهلها لاستقطاب عدد كبير من الأيدي العاملة". وأشار إلى أن الشاب الجزائري "يعيش كبتا كثيرا ما عبر عنه من خلال أعمال شغب وعنف سواء تعلق الأمر بما حدث مطلع شهر جانفي أو ما يلاحظ في ملاعب كرة القدم". المسيرات مشروعة إذا التزمت بالقوانين وبخصوص رأي هذه التشكيلات السياسية في التوجه الملاحظ نحو التعبير عن الاحتجاج من خلال المسيرات يوضح المكلف بالإعلام بحزب جبهة التحرير الوطني أن المسيرة "وسيلة من وسائل التعبير" غير أنه نبه إلى أن اعتمادها في هذا "الظرف الهش" من شأنه أن "يؤدي الى انزلاقات". غير أن السيد قاسى أعترف بأن هذا "لا يعني غياب التذمر وعدم الرضى لدى المواطن" بشأن العديد من قضايا الحياة اليومية "كالشغل وقلة السيولة النقدية بمراكز البريد التي يعيشها المواطن الجزائري منذ شهور وغيرها من المشاكل". وبالمقابل، أشار إلى ضرورة "تثمين" ما تقوم به الدولة من مجهودات في التكفل بانشغالات المواطن من خلال السكن والتربية والتزود بالكهرباء والغاز والعديد من الاحتياجات. واستطرد يقول أن الأطراف التي أرادت أن تقارن الجزائر بتونس "لا تضطلع بمهام تسييرية" و ترغب في "الزعامة والاثارة فقط". أما السيد رمضان تعزيبت فيرى بخصوص ذات الموضوع أنه "من الطبيعي أن يحدث تحولا في سلم أولويات المواطن الجزائري بعد استرجاع السلم والأمن والطمأنينة". وقال أن قضية الحريات والمظاهرات السلمية "مطروحة في الجزائر في الوقت الحالي ويجب التعامل معها بذكاء" مضيفا ان الجزائر في هذا الظرف "ينبغي أن تعيش نوعا من التنفيس و لا يوجد أي مبرر لخشية الدولة من شعبها". وبخصوص ذات الانشغال يرى الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي ان هناك احتجاجات "مشروعة" والديمقراطية التي تعد "مكسبا لا تعني التخريب" مؤكدا "شرعية المسيرات اذا تمت في إطار القوانين التي تحكم البلاد". بدوره، يرى المكلف بالاعلام بحركة مجتمع السلم أن المسيرات تعتبر "من مكونات لتعبير الديمقراطي عندما تجري في الأطر القانونية" غير ان حزبه "لا يحبذ في الوقت الراهن اللجوء الى الشارع بل يفضل الحوار" على حد تعبيره. أما السيد موسى تواتي فيربط تنظيم المسيرات ب"رفع حالة الطواريء وإنهاء حالة استثناء الجزائر العاصمة من تنظيمها" مؤكدا على "وجوب تحمل المبادرين بتنظيم مسيرات مسؤولية ضمان عدم المساس بالممتلكات العمومية والخاصة". ويذكر أن المحاولات العديدة للاتصال بحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وجبهة القوى الاشتراكية لمعرفة أرائهما حول الموضوعين لم تثمر.