تتزايد التساؤلات في الولاياتالمتحدة بعد سقوط مبارك خصوص مستقبل تعاونها مع مصر في مجال مكافحة الإرهاب. لقد كانت الحكومة المصرية لعشريات خلت شريكا محوريا لوكالات الاستخبارات الأمريكية من خلال تبادل المعلومات حول الجماعات المتطرفة على غرار القاعدة و كذا العمل بشكل وثيق حول عمليات مكافحة الإرهاب. وبسقوط الرئيس مبارك أحد الحلفاء الأوفياء للأمريكيين فان معالم العلاقات الأمريكية المصرية يمكن أن تتشكل من جديد. و ربما ذلك هو المعني الذي ينبغي إعطاؤه للتصريحات التي أدلى بها الرئيس باراك أوباما يوم الجمعة الفارط بعد الإعلان عن استقالة مبارك عندما أعطى الانطباع بوجود بعض القلق مع التأكيد على أن "أسئلة لا تزال بدون أجوبة". في هذا الصدد، كتبت صحيفة الواشنطن بوست اليوم الأحد أن حكومة مصرية اكثر ديمقراطية "يجب أن تتكيف مع شعب يمكنه أن يعارض علاقاتها المفضلة و الوثيقة مع واشنطن". كما تضيف الصحيفة نقلا عن بعض المحللين أن الإخوان المسلمين يمكن "أن يزيد تأثيرهم إذا تم تنظيم انتخابات حرة و شفافة" معتبرين أن هذه الجماعة الاسلاموية قد تخلت عن العنف "إلا أنها تبقى مناوئة لإسرائيل بشكل صريح و يمكنها المطالبة باستقلالية اكبر عن القادة السياسيين الأمريكيين". ويتساءل المحلل الأمريكي آرون دايفد ميلر مختص سابق في شؤون الشرق الأوسط بكتابة الدولة و حاليا عضو بمركز دراسات وودرو ويلسن قائلا "كيف سيتطور التعاون مع الولاياتالمتحدة بخصوص مكافحة الإرهاب مع هذه المشاكل الجديدة و أقول بان الفضاء سيتقلص". إلا أن بعض المسؤولين الأمريكيين و المحللين حسب ذات اليومية النافذة، فيرون انهم غير قلقين بشكل كبير بسبب الدور الكبير و المستمر للجيش المصري و المساعدة الأمريكية المقدر ب3ر1 مليار دولار سنويا التي تمنحها الولاياتالمتحدة. في هذا السياق، يقول روبار غرونيي الرئيس السابق لمركز مكافحة الإرهاب بوكالة الاستخبارات الأمريكية أن "المصريين مطالبين بالاحتماء من التطرف العنيف اكثر من أي شيء آخر". و يضيف انه مع حكومة جديدة "فان مستوى العلاقات الملائم مع الولاياتالمتحدة لن يكون مرتفعا حيث ستكون الحكومة المقبلة اكثر حرصا".ويضيف المحللون "أن التعاون مع مصالح الاستخبارات المصرية واسع إذ أن لمصالح أمنها عديد مصادر المعلومات في الوقت الذي لا تمتلك ذلك حكومة الولاياتالمتحدة سيما مثل غزة و السودان". وتفيد مصلحة الاستعلام جاينس للاستعلامات أن "المصريين قد أقاموا بنكا من المعلومات حول القاعدة و مجموعات أخرى إسلاموية أصولية في الشرق الأوسط كما أن المصلحة العامة للاستعلامات المصرية تشتهر كونها إحدى وكالات الاستعلامات الأكثر معرفة بالأصولية الاسلاموية و أبعادها الدولية". في هذا الإطار، يؤكد بروس هوفمان مختص في الإرهاب بجامعة جورج تاون أن الولاياتالمتحدة كانت لها خلال الحرب الباردة "نافذة على الاتحاد السوفييتي عبر إيران أحد الحلفاء الأقوياء للولايات المتحدة" في تلك الحقبة. و أضاف يقول "أن لدينا مثل تلك النوافذ على إيران و بلدان أخرى بفضل المصريين" مؤكدا انه "مهما سيحصل فان الأمر لن يكون أبدا مثل الماضي". وبالإضافة إلى الاستخبارات عملت مصالح الأمن المصرية بالتنسيق الوثيق مع نظيراتها الأمريكية في بعض العمليات خاصة بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001. "وأضحى هذا التعاون معروفا لدي الجميع بفضل ما اشيع من معلومات من ان الأمريكيين سلموا اشخاصا بطرق سرية متهمين بالإرهاب في بلدان مثل مصر لاستجوابهم". و لعبت حكومة مبارك بالمنطقة "دورا هاما لاحتواء المجموعة الفلسطينية "حماس" من خلال منع تهريب الأسلحة غير الشرعي و المناضلين في قطاع غزة ودعم الحصار الإسرائيلي". ويرى بروس أوفمان أن "حكومة مختلفة بالقاهرة قد لا ترى في ايران خطرا بنفس الشكل كما قد تستعمل هذه الحكومة ايران كاداة سياسة خارجية في علاقاتها مع الغرب". و اعتبر بعض المسؤولين الأمريكيين السابقين أنه بإمكان مصر أن تواصل تعاونها مشيرين إلى أن هذا البلد الذي تعرض خلال سنوات إلى اعتداءات من قبل جماعات إسلامية متطرفة لا خيار أمامه سوي محاربة الإرهاب. ومن جهته، يرى ميشال دون مسؤول سابق بكتابة الدولة و مختص في الشرق الأوسط أن "الحكومة المصرية المقبلة ستكون أكثر إصغاء للرأي العام" على عكس حكومة مبارك. و أضاف أن "للولايات المتحدة شراكة جيدة لمكافحة الإرهاب مع حكومات بلدان مثل تركيا الذي يعد بلدا ديمقراطيا مسلما". و أكد هذا الخبير أن "الفكرة القائلة بأننا لا نستطيع اقامة تعاون مع بلدان تصغي الي مواطنيها هي خاطئة". وقال أنه "إذا كانت حكومة مصر المقبلة سوف تكون أقل قمعا فان مصر سوف لن تنتج ارهابيين أمثال المصري أيمن الزواهيري الرقم 2 في تنظيم القاعدة". و شكك العديد من المسؤولين المكلفين بمكافحة الإرهاب و خبراء مختصين في الشرق الأوسط في امكانية استفادة القاعدة من التحولات السياسية الجارية في مصر على الأقل على المدى القصير. "القاعدة و الإخوة المسلمون كانوا أعداء منذ عدة عقود و أظهرت عمليات سبر الآاراء أن المصريين يرفضون بقوة كل المناهج الوحشية و ايديولوجية القاعدة الصارمة التي لا تتفق و طبيعة الديمقراطية التي يطالب بها ملايين المصريين خلال 18 يوما من المظاهرات التي أدت إلى تنحي مبارك". و من جهته يرى سكوت كاربونتيي من معهد الشرق الأوسط بواشنطن أن "تطور الوضع في مصر كان له انعكاسات وخيمة على القاعدة".