عبرت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات يوم الأربعاء في تقريرها السنوي لعام 2010 عن تخوفها من أن تؤدي جهود منع الدول والحكومات استخدام المخدرات والمتاجرة بها بطرق غير مشروعة إلى الحد من توفر المواد الخاضعة للمراقبة للأغراض المشروعة. و أكد رئيس الهيئة السيد حميد قدسي في رسالته التي وجهها من خلال هذا التقرير أنه "من الأهمية أن لا تؤدي جهود منع استخدام المخدرات و المتاجرة بها على نحو غير مشروع الى الحد من توفر المواد الخاضعة للمراقبة للإغراض المشروعة" مشيرا إلى أن "ذلك ينطبق أيضا على السلائف الكيميائية المستخدمة في صنع المخدرات على نحو غير مشروع لأنها لها استخدامات مشروعة". وشدد السيد قدسي على ان المجتمعات بحاجة ماسة إلى توفر المخدرات التي تستعمل لأغراض طبية مشروعة و هي في الوقت ذاته بحاجة الى الحماية من آثارها السلبية و هما كما أضاف، هدفان وثيقا الصلة أحدهما بالآخر و يحظيان باتفاق المجتمع الدولي المتجسد في الاتفاقيات الدولية لمراقبة المخدرات. وأوضح التقرير أيضا أن الأرباح الكبيرة المتحصل عليها في أسواق المخدرات غير المشروعة تفوق في الكثير من الأحيان الموارد المالية للمؤسسات الحكومية مما يشكل تهديدا حقيقيا لأمن الناس و للأمن الدولي. و ذكر التقرير أن المنظمات الاجرامية ذات الامبراطوريات القائمة على المتاجرة بالمخدرات اصبحت في بعض الاحيان قوى سياسية لها نفس نفوذ وسلطة المؤسسات الشرعية. و دعا التقرير في الوقت ذاته الى ضرورة بذل المزيد من الجهود للحد من الآثار الضارة للفساد المرتبط بالمخدرات لانه كما اوضح رئيس الهيئة في رسالته "ما من شيئ يضعف الجهود الرامية الى الحد من تجارة المخدرات غير المشروعة مثل نجاح التنظيمات الإجرامية في محاولاتها الرامية الى ترهيب الموظفين العموميين و إفسادهم". كما دعا الحكومات الى إنشاء أنظمة تتميز بالكفاءة و الشفافية و الموضوعية لتجنيد الموظفين الحكوميين و ترقيتهم و كذلك نظام لقياس أداء الموظفين و لتناوبهم مؤكدا أنه يجب على جميع الأجهزة المعنية بمراقبة المخدرات أن تطبق اجراءات لكشف تضارب المصالح و تسجيل الموجودات و ان تكون لديها آليات أدبية. وشددت الهيئة على ضرورة ان تعمل الحكومات و المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات لتكون العقاقير المشروعة المعالجة للآلام والأمراض في متناول الجميع ولمنع تسريبها و استعمالها كمخدرات. و من بين التوصيات التي وجهتها الهيئة للحكومات "جمع البيانات الاحصائية حول الاحتياجات من العقاقير المشروعة و التشريعات والتوعية و التدريب و نظم المراقبة الوطنية في هذا المجال و منع التسريب و التعاطي. و أكدت الهيئة في ملحق مكمل أن أكثر من 80 بالمائة من سكان العالم لا تتوفر البتة على سبل الحصول على العقاقير المسكنة للألم أو تتوفر بقدر غير كاف مما يتسبب في تحملهم آلاما يمكن تجنبها. وفي هذا السياق، عبر رئيس الهيئة السيد حميد قدسي عن قلقه من أن "90 بالمائة من العقاقير المشروعة يستهلكها ما نسبته 10 في المائة من سكان العالم في الولاياتالمتحدةالأمريكية و أستراليا و كندا و نيوزيلندا و بعض البلدان الأوروبية" بينما تنعدم هذه الامكانيات الحصول على المخدرات و المؤثرات العقلية للأغراض الطبية أو تكاد تنعدم في الكثير من البلدان في افريقيا و آسيا و أجزاء من القارة الأمريكية. وشدد نفس التقرير على أن نقص الأدوية المراقبة من شأنه "حرمان المرضى حقهم في الحصول على المزايا الصحية و التخفيف من حدة الألم و المعاناة" و إن توفرها بكميات مفرطة "قد يؤدي الى تعاطيها ومن ثم الارتهان لها". ومن ثمة دعت الهيئة أوساط الصناعة الى "التحرك بسرعة" من اجل منع تسريب الادوية و استخدامها كوسيلة لتيسير ارتكاب الجريمة مشيرة في هذا الاطار الى ان الكثير من البلدان و المناطق شهدت أفعالا إجرامية وقعت بتيسير من المخدرات. كما حثت على استمرار اليقظة و زيادة التعاون لكبح تسريب السلائف الكيميائية لصنع المخدرات على نحو غير مشروع مؤكدة ان الشبكات الاجرامية لها "قدرة فائقة على التكيف من خلال تحوير أساليبها التسريبية و الإنتاجية للتحايل على تدابير المراقبة الأكثر صرامة التي اعتمدتها الحكومات الوطنية".