الجزائر - استعرض الوزير الأول أحمد أويحي يوم الأحد موقف الحكومة تجاه العديد من القضايا الوطنية و الدولية و على رأسها الإصلاحات السياسية و الإقتصادية و الإجراءات الخاصة بالجبهة الإجتماعية إضافة إلى الوضع في ليبيا و تبعاته على المنطقة. و خلال ندوة صحفية عقدها غداة إنعقاد الثلاثية (حكومة-نقابة-أرباب عمل) ذكر أويحي بحزمة الإصلاحات التي أقرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مؤكدا أنها جاءت مبنية على أساس قرارات سيادية و"ليس لأن الجزائر في أزمة". و أكد بأن الرئيس بوتفليقة قرر إعطاء "دفع قوي" للإصلاحات السياسية التي "لا تعد وليدة أحداث يناير الماضي " وأنه عازم "على المضي قدما في هذه الإصلاحات وإتمام عهدته الرئاسية". و حرص على التأكيد بأن الوضع في الجزائر ليس نفسه في البلدان التي تشهد موجة من الإحتجاجات مذكرا بأن الشعب الجزائري "دفع ضريبة جد ثقيلة نتيجة الإضطرابات و الفوضى". كما توقف عند أهم الأسباب التي أفرزت شهر يناير المنصرم إضطرابات على الساحة الاجتماعية و التي لخصها في أزمة السكن و البطالة و "اضطرابات مصالح لوبيات الإقتصاد المزيف الذي يحارب للدفاع عن مصالحه" على حساب مصلحة الاقتصاد الوطني. و أشار في هذا الإطار إلى أن ولاية الجزائر سجلت لوحدها إيداع 12 ألف طلب سكن اجتماعي إضافة إلى آلاف طلبات العمل من قبل الشباب. و قد توصلت الدولة -حسب الوزير الأول—إلى "تسيير" الوضع بالإعتماد على عدة أوراق سياسية و إقتصادية و إجتماعية "ساعدت الجزائر على تجاوز هذه المرحلة". و ذكر في هذا الشأن بأن الجزائر قد قطعت مسارا هاما في الديمقراطية يعكس ذلك توفرها على 40 حزبا و 80 يومية اعلامية و 60 نقابة. كما استعرض أويحي حصيلة الأربعة أشهر الأولى من الإجراءات الإجتماعية التي كانت قد باشرتها الحكومة لفتح باب العمل أمام الشباب البطال. و دائما في الشق الإجتماعي ذكر الوزير الأول بأن الحكومة قد أبدت دائما استعدادها لمناقشة مختلف المطالب الخاصة بالأجور و غيرها غير أنه سجل وجود "مطالب تعجيزية" لا يمكن مناقشتها ترفع بين الحين و الآخر. و تطرق في هذا الجانب إلى إضراب الأطباء المقيمين الذين اعتبر مطالبتهم بتحسين ظروف العمل أمرا "منطقيا" غير أنه أوضح بأن رفضهم للخدمة المدنية "ليس رفضا موجها للحكومة و إنما للشعب". أما على الصعيد السياسي الذي يطبعه في الوقت الحالي فتح باب المشاورات حول العديد من الورشات القانونية دعا أويحي أحزاب المعارضة إلى المشاركة "بقوة وفعالية" في إنجاح الإصلاحات المعلن عنها لتترك الأمر بعد ذلك الى الحكومة التي سوف تلتزم -كما قال- "بوضع حيز التنفيذ كل القرارات التي ستصدر بخصوص هذه الإصلاحات". و دائما فيما يتعلق بمشاريع القوانين التي يجري الإعداد لها كشف الوزير الأول عن أن الحكومة مقبلة على طرح مشروع قانون عضوي يضمن مشاركة نسوية بنسبة 30 بالمائة على مستوى المجالس المنتخبة. و في رده على سؤال حول اقتراحات تقدم بها بعض المشاركين في المشاورات مفادها إشراك الجيش في مبدأ حماية الدستور دعا أويحي السياسيين إلى تحمل مسؤولياتهم بهذا الخصوص مضيفا بأن الجيش الوطني الشعبي قدم "تضحيات كبيرة وهو اليوم يضطلع بدوره في استتباب الأمن عبر مختلف ربوع البلاد". و من جانب آخر فند الوزير الأول رسميا ما روج مؤخرا حول وجود مبادرة عفو شامل عن سجناء سياسيين كانوا ينتمون للجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة و متورطين في قضايا ارهابية مشيرا الى أن الدولة الجزائرية "مدت يدها لكل من هو خارج جادة الصواب" و لا تزال. كما أكد بأن الرقم المقدم حول عدد هؤلاء المساجين (4000) "غير صحيح" و أنه في حقيقة الأمر "لا يمثل حتى 10 بالمائة" من العدد المذكور. و حول مسألة إختطاف المواطنين بمنطقة القبائل حيا أويحي تضامن المواطنين بالمنطقة و الذي يساهم بشكل كبير في الحفاظ على الأمن و السلم مؤكدا بأن "الدولة تقوم بواجبها" غير انها بحاجة الى تضامن المواطنين. كما نوه بعودة عناصر الدرك الوطني إلى منطقة القبائل للحفاظ على الأمن على غرارا باقي مناطق البلاد و هو التعاون الذي سينجم عنه القضاء على الإرهاب في المنطقة في مدة "لا تتجاوز الستة أشهر". و على المستوى الإفريقي و تحديدا فيما يخص التعاون بين دول الساحل في مجال مكافحة الإرهاب أكد أويحي أن "التعاون العسكري (بينها) قائم و واضح" حيث يجمع بين هذه البلدان مصلحة مشتركة من منطلق أن "كل ما يمس هذا الحزام يمس كل دول المنطقة". تطرق أويحي في سياق ذي صلة إلى قضية "تنقل الأسلحة الليبية في صحراء الساحل و وصولها إلى أيدي قوات إرهابية" بعد أن أصبح خزان الأسلحة الموجودة في ليبيا "في مهب الريح". و تساءل أويحيى إن كان ما وصفه ب"انتعاش" العمليات الإرهابية الأخيرة بشمال البلاد و التي خلفت 40 شهيدا "علاقة بالفوضى الحاصلة في ليبيا". و حول موقف الجزائر تجاه ما يحدث في ليبيا قال الوزير الأول "موقفنا واضح و يقوم على مبادئ معروفة. نلتزم بقرارات مجلس الأمن و موقف الاتحاد الافريقي الذي يقوم على شقين الدعوة إلى وقف القتال و تبني حل سياسي للنزاع". و أضاف بأن الجزائر "تعترف بالدول و ليس بالأنظمة و هذا ما تم تسجيله مع ما حدث في تونس و مصر حيث تعاملنا مع السلطات الجديدة" للبلدين. و أفاد بالمناسبة أن الحكومة الجزائرية تلقت طلبات من قبل متعاملين ليبيين لاقتناء مواد غذائية و أدوية وردت بالايجاب عليها لكن بشروط. و أوضح في هذا السياق بأن الجزائر عرضت هذا الملف على لجنة العقوبات لمنظمة الأممالمتحدة للتأكد من امتثال هؤلاء للقوانين من جهة و لتفادي خروج مواد أخرى من التراب الوطني عدا المواد الأساسية و الأدوية من جهة أخرى. كما أبدى إستعداد الجزائر لإستقبال مراقبين أمميين بمنطقة العبور "الدبداب" على الحدود الجزائرية الليبية في حالة رغبة المنظمة مراقبة هذه العملية. أما بخصوص إعادة فتح الحدود البرية بين الجزائر و المغرب فقد أكد الوزير الأول بأنه "غير وارد" في الوقت الحالي مكتفيا بالقول بأن هذا الأمر "سيحدث يوما ما" غير أنه و على الرغم من غلق الحدود فان حجم المبادلات التجارية الرسمية مع المغرب يحتل "المرتبة الأولى" على المستوى الإفريقي. و عاد للتأكيد بأن هذه المسألة "غير مرهونة بقضية الصحراء الغربية" مضيفا "نحن في حاجة إلى مناخ تسوده النية الحسنة و الثقة المتبادلة بين الجيران (...) لكن التصريحات المغربية الرسمية الأخيرة التي اتهمت الجزائر بتمويل المرتزقة الأفارقة بليبيا لا تؤيد للأسف هذا الاتجاه".