البليدة - تعرف هذه الأيام الباردة المتزامنة مع تساقط الثلوج على مرتفعات جبال الشريعة التي يزيد علوها عن 1200 متر إقبالا كبيرا من طرف الزوار ممن تستهويهم الطبيعة الخلابة قادمين إليها من مختلف مناطق الوطن. ويتجلى ذلك من خلال الصورة التي يرسمها أصحاب المركبات الذين تصطف بهم الطريق الوطني رقم 37 المؤدية إلى مرتفعات الشريعة و التي تحمل ترقيم مختلف ولايات الوطن كالشلف و تيبازة والجزائر العاصمة و بومرداس وكذا حتى من خارج الوطن فضلوا جلهم اتخاذ جبال الشريعة كوجهة مفضلة للترويح عن نفسهم وقضاء أوقات ممتعة رفقة الأصدقاء والأبناء الذين هم في عطلة شتوية. ولعل ما حفز المواطنين على اتخاذ جبال الشريعة كمقصد أول للترويح عن نفسهم و تغيير الجو هو التحسن الملحوظ في حالة الطقس نهاية الأسبوع الجاري و كذا المصعد الهوائي الذي يستقطب هو الأخر عدد هام من العائلات التي لا تمتلك سيارات بحيث وجدت في هذه الوسيلة متنفسا لها و فرصة للتمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة رفقة أبنائها. وتنقل هذه الوسيلة "التلفريك" التي تعد أطول مصعد هوائي في العالم بطول 07 كيلومترات ما معدله 900 شخص في الساعة يتمتعون خلالها و هم في الطريق إليها بمختلف المناظر الطبيعية الخلابة بالمنطقة التي كست هذه الأيام الباردة معطفها الأبيض. وتحسبا لهذا الموسم الذي يشهد سنويا إقبالا منقطع النظير للزوار و بهدف تسخير لهم كافة المتطلبات الضرورية كانت السلطات المحلية قد انتهت من انجاز عدة عمليات تهيئة تصب في مسعى تحسين ظروف استقبال قاصدي المنطقة من محبي السياحة الجبلية و ذلك من خلال حملات النظافة الواسعة التي قامت بها البلدية و تنصيب حاويات للنفايات بمختلف ربوع المنطقة إضافة إلى تنصيب العديد من الطاولات و المقاعد الموجهة للعائلات. كما تم تهيئة عدد من فضاءات الاستراحة بجنبات المنعرجات سيما بمنطقة بني علي بالقرب من محطة المصعد الهوائي واستراحة غابة الكستناء و الأرز الأطلسي في انتظار تهيئة نادي التزحلق الذي يستهوي هو الآخر عشاق رياضة التزحلق وتهيئة ساحة للعب الأطفال و 6 أكشاك ستستغل مستقبلا كنقاط بيع سياحية. كما تم في إطار جملة هذه التحضيرات تصليح قناة المياه الموصلة لماء الينبوع بحنفية المحطة لم تشتغل منذ 15 سنة و هو الأمر الذي سيمكن السياح من شرب المياه الطبيعية المتدفقة من أعالي الشريعة. وتفضل عائلات أخرى في هذه الأيام الشتوية المصادفة للعطلة الشتوية للأطفال الهروب من ضوضاء المدينة و ضجيجها و ذلك من خلال كراء أحد الشاليهات الخشبية المتواجدة بالمنطقة و المكوث بالوسط الطبيعي المفتوح لقضاء أوقات من المتعة و الجمال. وتشكل هذه الفترة من السنة لسكان المنطقة الجبلية فرصة لكسب بعض الأموال من خلال عرضهم لمنتجات استهلاكية محلية كخبز الدار و البيض المسلوق و الزيتون و زيت الزيتون و العسل و الجبن المحلي و بعض الفواكه المحلية كالتين المجفف و أخرى تقليدية مصنوعة محليا ( أواني طينية و أشياء تذكارية موادها الأولية مستوحاة من الطبيعة ) تستهوي كثيرا الزوار الذين لا يتوانون في شراء بعض منها. فهي إذن جبال الشريعة أو "رئة المتيجة" كما يطلق عليها محبوا البيئة تصنع هذه الأيام الحدث و تفتح ذراعيها لمحبي الطبيعة من كل حدب و صوب.