باتنة - خطفت عروس (سيدي معمر) الأضواء في العرس التقليدي الذي احتضنته دار الثقافة محمد العيد آل خليفة بعاصمة الأوراس مساء الأحد بمناسبة انطلاق فعاليات الأسبوع الثقافي لولاية الشلفبباتنة. و اكتشف الجمهور الذي حضر المناسبة على وقع أنغام الزرنة الأصيلة العادات والتقاليد العريقة التي تميز العروس المعمرية ومازال الكثير من سكان ولاية الشلف لاسيما منطقة تنس و شرشال يحتفظون بها إلى حد اليوم لأنها تحمل الكثير من البركة تقول خديجة حبار حرفية مشاركة ضمن الوفد الضيف و المشرفة على مشهد تمثيل هذا العرس التقليدي. فالعروس حسب هذه الطريقة تظهر بلباس تقليدي عريق تميزه الجبة و البرنوس والشدة التي تثبت مع مرآة صغيرة على الرأس قبل أن يسدل منديل أحمر على وجهها لتكون هذه علامات العروس التي زوجت وفق الطريقة المعمرية والتي استقطبت على ما يبدو اهتمام الكثير من الشباب الباتني. و أمام طبق من الكسكسي التقليدي المعطر بالدهان (زبدة مملحة تترك لفترات طويلة و تستعمل في المأكولات التقليدية) والمزين بأنواع من الخضروات حكت خديجة قصة العروس المعمرية التي يعود أصلها إلى ولي صالح عرف بالمنطقة باسم سيدي معمر مكحلة (ارتبط اسمه بالبندقية والبارود لأنه كان صاحب مبادئ وشهم ) حيث أوصى بأن يكون مهر العروس 4 دورو (كانت وقتها ذهبية) وكيس من الدقيق وبضعة كيلو غرامات من الدهان (الزبدة المملحة). و تضيف نفس المتحدثة بأن سيدي معمر حسب الروايات التي تحفظها الذاكرة الشعبية والمتوارثة أبا عن جد صادف ذات يوم وهو يتجول ببلدته بتنس شابين مغرمين يتجاذبان أطراف الحديث في مكان بعيد عن الأنظار فزجر الفتى معيبا إياه الانفراد بالفتاة وهو الأمر الذي ترفضه أعراف وتقاليد المنطقة ويمنعه الدين الإسلامي الحنيف فدافع الفتى عن نفسه وأخبر الشيخ بأنه قصد ولي الفتاة خاطبا لكن تم رفضه لأنه فقير ولا يملك من المال الكثير. و أكدت خديجة بأن الروايات المتوارثة أبا عن جد اجتمعت على أن سيدي معمر رافق الفتى إلى ولي الفتاة ولأن كلمته كانت مسموعة أمر والد الفتاة بقبول الشاب والدراهم التي في جيبه وكانت عبارة عن قطعة نقدية وحيدة من فئة (4 دورو ذهبية). و دعا الولي الصالح منذ تلك اللحظة إلى تشجيع الزواج بهذا المهر الزهيد و كانت وصايته لأهله وسكان منطقته وظل الإقبال عليها إلى حد الآن بمناطق عدة من ولاية الشلف لكن بتغيير طفيف تقول خديجة التي ذكرت وأج بأنها تزوجت هي الأخرى على الطريقة المعمرية حيث تحولت 4 دورو الآن إلى مبلغ 80 ألف د.ج كأقصى مبلغ يدفع كمهر للعروس. و كان المشهد الممثل للعرس بهيجا وسط ديكور تقليدي زينته الزربية الشلفية العريقة و جعلته رسالة الولي الصالح سيدي معمر التي ضمنها وصيته رونقا وبعدا روحيا لأنه أدرك وببساطة كبيرة أن الأحاسيس لا تقاس بالمال. و قد لاقت هذه التظاهرة في يومها الأول إقبالا كبيرا من طرف الجمهور الذي سيكتشف طيلة أسبوع جانبا من الموروث الحضاري والثقافي الذي تزخر به ولاية الشلف لاسيما من خلال المعارض المتنوعة التي احتضنها رواق دار الثقافة.