أكد الناطق الرسمي السابق للوفد الجزائري في مفاوضات ايفيان رضا مالك في حديث لواج أن اتفاقيات ايفيان التي تم التوصل إليها في 19 مارس 1962 قد وضعت حدا للاستعمار الفرنسي بالجزائر مكرسة مبادئ عدم تجزئة السلامة الترابية للجزائر و وحدة شعبها و استقلالها التام. وأوضح مالك أن اتفاقيات ايفيان قد تم التوصل إليها "بصعوبة" حيث أن وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية "لم يتنازل عن أي شيء من المبادئ المعلنة في بيان أول نوفمبر و المتمثلة في عدم تجزئة سلامة التراب الوطني و وحدة الشعب الجزائري الذي كان موجودا قبل الاستعمار سنة 1830 و بخاصة الاستقلال الكلي للجزائر". كما أضاف أن "لتلك الاتفاقيات فلسفة خاصة" حيث "أنها (الاتفاقيات) لم تكن فقط وسيلة لوضع حد لحرب في قمة القسوة دامت 7 سنوات و ثمانية أشهر و إنما تعلق الأمر أيضا بفرصة نظهر فيها بشكل جلي أن الجزائر قد أصبحت قادرة و انه يحق لها الحصول على سيادتها. و تابع الناطق الرسمي لوفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية قائلا أن محاولات تقسيم التراب الجزائري التي تضمنها مخطط غي مولي و التي كانت تستهدف خاصة الصحراء الجزائرية سيما بعد اكتشاف النفط سنة 1956 قد كانت وراء تمديد حرب الجزائر. و اعتبر في هذا الخصوص أن عمل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية "كان واضحا و جليا و دقيقا" في هذا الخصوص مشيرا إلى أن الوفد الجزائري كان لديه موقف "ثابت" حول مسالة السلامة الترابية. و أضاف يقول مالك أن الجانب الفرنسي كان يسعى طوال المفاوضات إلى إقناع جبهة التحرير الوطني انه "توجد في الجزائر فسيفساء مختلفة من السكان و التي يوجد من بينها أقلية من أصل أوروبي". إلا أن الجانب الجزائري -حسب رضا مالك- لم يتراجع حول هذه النقطة مذكرا في هذا الخصوص بانسحاب الوفد الجزائري خلال مفاوضات لوغران و تشبثه بإدراج مسالة الصحراء الجزائرية في جدول الجولة الأخيرة من المفاوضات. ثبات و مرونة الوفد الجزائري في ايفيان في هذا الصدد عاد مالك إلى الخلافات التي كانت بين قيادة جيش التحرير الوطني و الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية فيما يخص تلك المفاوضات معتبرا أن هذا الخلاف يعكس "خصوصية" و "قوة" الثورة الجزائرية. و ذكر في هذا الخصوص بان الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية كانت قد قدمت لأول مرة خلال دورة للمجلس الوطني للثورة الجزائرية بعد جولة مفاوضات روس مشروع نص غير مكتمل للمفاوضات مضيفا أن أعضاء قيادة جيش التحرير الوطني الذين كانوا قد صوتوا ضد المفاوضات قد رضخوا لقرار أغلبية أعضاء المجلس الوطني للثورة الجزائرية من اجل مواصلة المفاوضات. كما أشار رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق إلى أن المبادئ الرئيسية للوفد الجزائري خلال تلك المفاوضات لم تكن قابلة للتفاوض إلا انه اعترف "بوجود مسائل أخرى كان ينبغي على الجانب الجزائري أن يتحلى فيها بالمرونة". و من بين تلك المسائل -حسب مالك- هناك وضع الأقدام السوداء (الأقلية من أصل أوروبي) و وضع الصحراء الجزائرية و التواجد الفرنسي في القواعد العسكرية في الجزائر. و بذلك كان يجب -حسب ذات المتحدث- إعطاء مهلة أقصاها ثلاثة سنوات للأقلية الأوروبية من اجل الاختيار بين الجنسية الفرنسية أو الجنسية الجزائرية. أما بخصوص القاعدة البحرية بمرسى الكبير فان فرنسا -حسب ذات المسؤول الجزائري- قد طالبت بمنفذ تحت سيادة فرنسية على التراب الجزائري "في شكل جبل طارق فرنسي". و تابع يقول "إننا رفضنا ذلك" مؤكدا بان الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية "كانت ضد تواجد القواعد العسكرية الأجنبية على التراب الجزائري" مضيفا "إننا توصلنا إلى اتفاق حول مدة 15 سنة بالنسبة لمرسى الكبير". الايرغون في نجدة منظمة الجيش السري و عن سؤال حول الحقائق التي أوردها في كتابه حول اتفاقيات ايفيان و المتعلقة بمشاركة عناصر من تنظيم الايرغون التابع لمناحيم بيغن إلى جانب المنظمة المسلحة السرية في الاعتداءات التي نفذت في الجزائر عشية الاستقلال أكد رضا مالك على أن تلك العناصر قد دخلت إلى التراب الجزائري من اجل المساهمة في فرض الحل الذي تريده المنظمة المسلحة السرية بخصوص القضية الجزائرية. كما أشار الناطق الرسمي للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في ايفيان إلى انه قد تأكد اليوم بان عناصر من الايرغون قد شاركوا في تدريب إرهابيين من المنظمة المسلحة السرية التي زرعت الرعب في المدن و القرى الجزائرية و ذلك من اجل عرقلة اتفاقيات ايفيان. لقد قام شارل ديغول -حسب مالك- بإرسال مبعوث إلى إسرائيل من اجل مطالبة بيغن بالتوقف عن إرسال عناصره إلى الجزائر. كما ذكر بان دايفد بن غوريون قد طلب سنة 1960 خلال زيارته إلى فرنسا من شارل ديغول بإنشاء دولة للأقلية الأوروبية في شمال الجزائر. و خلص في الأخير إلى أن الأعمال الإرهابية التي قامت بها المنظمة المسلحة السرية قد عجلت في ذهاب الأقدام السوداء فيما أدى الموقف الإسرائيلي إلى ثني الأقلية اليهودية عن تبني الأطروحات الاستقلالية لحزب جبهة التحرير الوطني على الرغم من وجود بعض اليهود الجزائريين الذين انحازوا إلى كفاح الجزائريين من اجل الحرية.