أكد أمس رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك أن اتفاقيات ايفيان تمثل منعرجا حاسما في تاريخ الجزائر كونها حملت في الخمسين ورقة منها المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها الدولة الجزائرية اليوم بعد جهد جهيد وعلينا دراسة هذه الاتفاقية لنستخلص العبر خاصة أمام الظروف الحرجة التي تمر بها بلادنا والمنطقة العربية. وقال رضا مالك في الندوة التاريخية المنظمة بمركز الصحافة «المجاهد» بالتنسيق مع جمعية مشعل الشهيد تحت عنوان «وقفة عرفان لمفاوضي ايفيان» أن اتفاقية ايفيان بنيت على ثلاثة مبادئ أساسية وهي وحدة الشعب الجزائري ومبدأ وحدة التراب الوطني في إطار الحدود الموجودة أثناء اندلاع الثورة في نوفمبر بما فيها المرسى الكبير الذي كانت فرنسا تعتبره تابعا لها، بالإضافة إلى مبدأ الاستقلال التام بمعنى ممارسة الجزائر لكل حقوقها السيادية بما فيها الدبلوماسية والدفاع. واعتبر المتحدث في هذا الصدد أن المبادئ التي تضمنتها الاتفاقية تعد الأساس الذي بني عليه التفاوض بين الطرف الجزائري والفرنسي بهدف تصفية الاستعمار نهائيا ، وهو ما جسده العمل الجماعي للمفاوضين والجيش و الحكومة المؤقتة التي وضعت استراتيجية محددة لنضالها وللثورة، إذ كان هناك تنسيق بين العمل السياسي والكفاح المسلح فما كان يتقرر على الطاولة الخضراء ما هو إلا انعكاس لما كان يجري في الميدان. وحسب رضا مالك فان الاتصالات السرية بين السلطات الاستعمارية وجبهة التحرير الوطني تعود إلى 12 أفريل 1956 بالقاهرة ثم ببلغراد، وكان الهدف من ورائها معرفة درجة ذكاء والخبرة السياسية لقادة جبهة التحرير وجرهم إلى وقف إطلاق النار ليتمكنوا من القضاء على الثورة إلا أن المفاوضات توقفت بسبب اختطاف القادة الخمس. وأشار مالك في هذا السياق إلى أن ديغول حاول بعد مجيئه للحكم إحياء هذه المفاوضات، ومن ذلك الاتصالات السياسية في أكتوبر 1958 ولكن إعلانه لمشروع «سلم الشجعان» ورفع الراية البيضاء من أجل تنظيم عملية استسلام الجبهة والجيش أدى إلى قطع هذه الاتصالات. وحسب رئيس الحكومة الأسبق فإن الاتصالات تجددت مرة أخرى في جوان 1960 في محادثات مولان لكنها باءت بالفشل ثم تجددت في مفاوضات لوسارن لتفشل كسابقتها بسبب إصرار فرنسا على فصل الصحراء، و بدأت من جديد بمدينة إيفيان على الحدود الفرنسية السويسرية يوم 18 ماي 1961، إلا أنها توقفت لعدة مرات نظرا لنشاط منظمة الجيش السري الفرنسي التي استطاعت أن تكسب العديد من العناصر اليمينية المتطرفة، والعمل على إحباط وإفشال المفاوضات كما كان هناك اختلاف في وجهات النظر بين الجانبين في العديد من القضايا مثل: المستوطنين و الجنسية والقواعد العسكرية و قضية الصحراء. و قال رضا مالك في نفس السياق انه بعد 02 اكتوبر1961 سلم ديغول في مؤتمر صحفي بضرورة التفاوض مع جبهة التحرير الوطني على أساس استقلال الجزائر بما فيها الصحراء، فبدأت مفاوضات ايفيان الثانية في 06 مارس 1962 بين يوسف بن خدة ولويس جوكس فتوصل الجانبان إلى اتفاق عام وشامل لجميع المشاكل بين فرنساوالجزائر. وبخصوص وقف إطلاق النار قال رئيس الحكومة الأسبق انه جاء بعد موافقة الطرفين الجزائري والفرنسي على بنود اتفاقية إيفيان حيث تم التوقيع على وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962، وأصبحت نافذة المفعول على الساعة الواحدة من نفس اليوم في جميع أنحاء الوطن ، وانتهت الحرب وتولت اللجنة التنفيذية المشتركة الإشراف على تسيير الجزائر المستقلة.