سمحت تظاهرة الأسبوع الثقافي لولاية عين تموشنت المقام حاليا بقالمة للجمهور العريض بالتعرف على كيفية اقامة "الوعدة" وتوظيفاتها الاجتماعية والاقتصادية من خلال جملة من العادات والتقاليد التي تميز هذه المنطقة الواقعة بشمال - غربي البلاد. و نشط هذا المهرجان الثقافي المحلي الذي افتتح الأحد الماضي وسيختتم يوم الخميس بدار الثقافة عبد المجيد الشافعي 60 مشاركا و ذلك في مختلف الفنون. و تم بالمناسبة تقديم محاضرة بعنوان "الوعدة بين التراث الثقافي والتوظيف الاجتماعي" من طرف الأستاذ صبراوي جلول تابعها جمع من التلاميذ وطلبة الجامعات و بعض المتطلعين إلى معرفة خصوصيات ولاية عين تموشنت. وبعد تقديمه لتعريفات مختلفة لمفهوم "الوعدة" المشتق حسبه- لغويا من كلمة "الوعد" أشار الأستاذ صبراوي أن أصل هذه العادة يرجع إلى كون المزارعين بالمنطقة كانوا يضربون وعدا مع الله مع بداية كل موسم فلاحي بإخراج الزكاة والتصدق على الفقراء والمحتاجين إذا ما توج موسمهم بالنجاح والمردود الوفير . وأضاف أن هذه الظاهرة تطورت بمرور الوقت لتأخذ أبعادا اجتماعية واقتصادية مختلفة وأشكالا احتفالية جعلت منها تظاهرات و مهرجانات كرنفالية . وذكر المحاضر أن الوعدات ترتبط عادة بالأولياء الصالحين حيث تقام كل "وعدة" باسم ولي صالح أو رجل يرجع أبناء المنطقة إليه لحل مشاكلهم ونزاعاتهم مشيرا في ذات السياق إلى وجود 3 أنواع من "الوعدة" معروفة بالولاية منها "البدوية" التي تتميز بنصب الخيام وسباق الخيل ورقصات العلاوي و"وعدة توات" التي تكون بالرقصات الجماعية على طلقات البارود وأخيرا "وعدة سيدي بلال" التي يتم خلالها "التجول بثور" وسط المدينة قبل ذبحه لإطعام المقبلين على التظاهرة. ورغم اختلاف الأشكال الاحتفالية والتعبيرية لهذه "الوعدات" فهي في مجموعها تعبر من الناحية الاجتماعية على "التمسك بالقيم الأصيلة ومظاهر التكافل والتضامن" بين كل الفئات وتكون "فرصة للتسامح والإصلاح" بين المتخاصمين ومناسبة للتناسب والزواج كما أوضح المحاضر . وتمثل الوعدة أيضا فضاءا للتبادل التجاري وسوقا مفتوحة وتأخذ أيضا بعدا سياحيا للتعريف بتراث المنطقة وثرائها التقليدي والطبيعي والذي عادة ما يجلب عددا هاما من السياح الجانب. وفي تطرقه إلى أكبر "الوعدات" المعروفة ببلديات ومناطق عين تموشنت ذكر المحاضر ثاني أكبر وعدة على المستوى الوطني وهي وعدة "سيدي الشيخ" ببلدية أولاد كيحل التي يذبح فيها أكثر من 100 رأس من الغنم وتدوم 3 أيام و و "وعدة" سيدي بلال وتوات ومولاي الطيب. كما أقيمت بمناسبة الأسبوع الثقافي لعين تموشنت بقالمة العديد من المعارض للتعريف بالصناعات التقليدية على غرار صناعة الفخار والحلي والمأكولات التقليدية واللباس ومعرض المكرمي (العقد) والزرابي والفن التشكيلي وكذا عرض دعائم ولوحات إشهارية وتقديم أشرطة وثائقية تعرف بالمنطقة من كل النواحي السياحية والثقافية والتاريخية. وفي نفس السياق تم تقديم عدة استعراضات فلكلورية لفرقة الآلات النحاسية وفرق توات وبلال بوحجر في نوع القمبري و إحياء عدة حفلات فنية من طرف فرقة الراي لبلمو مسعود وفرقة الفرح وعروض مسرحية متنوعة إضافة إلى قراءات شعرية قدمها كل من مقران قويدر ومشري حليمة.