يحمل متحف المجاهد بولاية الطارف ذاكرة منطقة أقصى شرق البلاد بكاملها والتي يمتاز مسارها التاريخي إبان الكفاح المسلح بأنه مرصع بالبطولات. وتلعب هذه المنشأة المخصصة للتذكر والتي أنشئت خلال سنوات تسعينيات بقلب مدينة الطارف دورا قياديا في جمع شهادات المجاهدين والمواطنين الذين عايشوا أو كانوا شهودا على الوقائع المتعلقة بسنوات ثورة أول نزفمبر 1954 . ويحتوي المعرض الدائم الذي يشغل بهو الطابق الأرضي من المتحف على مئات الصور الفوتوغرافية لأبطال الثورة وهم أبطال من ولاية الطارف أو جاؤوا من مناطق أخرى من الوطن للانضمام إلى صفوف جيش التحرير الوطني بالمنطقة. ويمكن للزائر أيضا اكتشاف ترسانة كاملة تشمل الأنواع المختلفة من الأسلحة النارية والذخيرة والقذائف إضافة إلى معدات الاتصالات السلكية واللاسلكية والملابس المستعملة من طرف المجاهدين. وفي وسط هذا الطابق ينتصب أول علم جزائري رفع بحمام بني صالح يوم الاستقلال الوطني. ويعرض أيضا بباحة المتحف حطام محرك طائرة مقاتلة للجيش الاستعماري أسقطت بالصخيرة (بلدية عين كرمة) من طرف كل من الشهيد سبتي قتمي والمجاهد الراحل الحمدي كمامين خلال المعركة الكبيرة التي وقعت بالقرب من الحدود الجزائرية التونسية. ويرى عزيز عوفي مدير متحف المجاهد أن هذه المؤسسة تعد "مستودعا للذاكرة الجماعية" من خلال تسليطه الضوء على ملحمة قاعدة الشرق التي كانت ولاية الطارف جزءا مهما فيها. فعلى الرغم من التمركز الكبير للقوات الاستعمارية بالمنطقة والتهديد المستمر من طرف "حواجز الموت" والأسلاك المكهربة والملغومة كخطي شال وموريس اللذين يمثلان ذكرى سيئة جدا للجزائريين إلا أن مجاهدي قاعدة الشرق ساهموا بشكل واضح في الثورة التحريرية مثلما تشهد الوثائق العديدة المتاحة للجمهور والباحثين بمكتبة المتحف. ويحتوي متحف المجاهد أيضا على مكان اجتماع للمجاهدين الذين يلبون النداء دائما عندما يتعلق الأمر بتقديم شهادتهم للأجيال القادمة عن الأحداث التي ميزت قاعدة الشرق وعن كبرى المعارك التي كانت هذه المنطقة الحدودية مسرحا لها. وحول هذه النقطة الأخيرة استرجع المجاهد يوسف فزاري الذي التقته /وأج/ بالمتحف تصاميم قاعدة الشرق وخطي شال وموريس المكهربين مؤكدا على الدور الهام لهذه المنطقة في التموين وإيصال الأسلحة إلى الولايات الداخلية بالبلاد مما جعل المستعمر يتمركز أكثر بقواته من خلال ترسانة كاملة متطورة (رادارات ودبابات وطائرات ...) بالإضافة إلى خطوط جهنمية والتي على الرغم من المخاطر التي شكلتها تم اجتيازها مرارا وتكرارا من طرف مقاتلي جيش التحرير الوطني بدافع إيمانهم بضرورة نيل الحرية. ويوجد بالطابق الأول للمتحف مكتبة تثير الإعجاب غنية بالكتب والمؤلفات والوثائق التاريخية التي تؤرخ للثورة ولمناضلي جيش التحرير الوطني ولتضحيات العديد من الشهداء الذين سقطوا خلال حرب التحرير. وتستخدم هذه المكتبة أيضا للقاءات والنقاشات والمؤتمرات والاجتماعات المخصصة للحديث عن حرب التحرير. للإشارة فإن هذا المتحف قد كثف نشاطاته بمناسبة الاحتفال بخمسينية الاستقلال من خلال تقديم أكبر عدد من المراجع للأجيال القادمة.