سارعت المديرية الفنية الوطنية لكرة القدم "للتبرء" من الاقصاء المر الذي تعرض له المنتخب الجزائري لكرة القدم لاقل من 17 سنة خلال الدور التصفوي الاخير المؤهل الى كاس افريقيا للأمم 2013 لهذه الفئة، محملة ''الاندية'' مسؤولية الاخفاق امام بوتسوانا (2-2، 2-4 ض.ج) يوم الاحد. وأوضح المدير الفني الوطني بوعلام لعروم قائلا ''علينا الإعتراف بأنه في الجزائر لا زلنا متأخرين في ميدان التكوين. وليعلم الجميع أن هذا الملف ليس من صلاحيات الاتحادية الجزائرية لكرة القدم (الفاف)''. وأوضح لعروم في تصريحات صحفية بملعب عمر حمادي (الجزائر) عقب اقصاء اشبال المدرب حسان بلحاج، أنه ''يتوجب على الاندية أن تقوم بدورها في التكوين. وإذا ما لجأت الاتحادية لإنشاء أكاديميات لكرة القدم، فإنها اضطرت لذلك بعدما لاحظت تقصير الأندية في هذا الجانب". وبعث هذا الإقصاء الجدل حول موضوع التكوين في كرة القدم بالجزائر، وهو الملف الذي غالبا ما يعود إلى الواجهة بعد كل اخفاق لدى الفئآت الشبانية (وكم هي كثيرة في السنوات الأخيرة). وبخصوص منتخب أقل من 17 سنة فقد كان الجميع يعتقد أنه حقق الاهم بافتكاك التعادل في لقاء الذهاب (1-1)، باعتبار أن التعادل سلبيا في مباراة العودة كان كافيا ل''شبان'' الجزائر لتحقيق التأهل الى النهائيات المقررة بالمغرب الا أنهم أخفقوا في نهاية المطاف بعدما ضيعوا تقدمهم الضئيل في بداية المقابلة واحتكموا. من جهته، علق عضو المديرية الفنية، توفيق قريشي، قائلا ''الاقصاء مر. هؤلاء الشبان يستحقون احسن من ذلك. لكن الذي يجب أن نتفق عليه هو أن التكوين مهمة الاندية التي من المفروض أن تكون الخزان الاول للمنتخبات''. وأضاف ايضا ''مبدئيا، ينتقي أي ناخب وطني أحسن العناصر في الاندية'' مشيرا في السياق نفسه الى ''مسؤولية مسيري الاندية'' خاصة لدى الفئآت الصغرى، والذين حسبه يواصلون تهميشهم لفرقهم الشبانية، وهو الامر الذي دفع ''الفاف'' للاعتماد على اكاديميات كرة القدم بهدف وضع حد للاخفاقات المتتالية بالنسبة للمنتخبات الشبانية منذ سنوات. ومعلوم أن أول تجربة للاتحادية في هذا الشأن أعطت ثمارها وذلك باحتلال المرتبة الثانية لمنتخب اقل من 17 سنة في كأس افريقيا للأمم 2009 بالجزائر كما حقق الفريق تأهلا تاريخيا هو الأول من نوعه الى مونديال هذه الفئة بنيجيريا. الأكاديميات ... سلاح ذو حدين ويرى المحللون أنه مباشرة بعد نهاية كأس العالم تم التخلي عن هذا المنتخب الذي كان يحمل آمال الكرة الجزائرية، حيث لم ينجو لاعبوه من ''الاندثار'' على غرار ما حصل مع سابقيهم. وأكد مسؤول المديرية التقنية أن ''إنشاء الأكاديميات جاء من خلال إرادة الفاف للتصدي في أسرع وقت ممكن للفجوات على مستوى الاندية في مجال التكوين لكنها ليست الوسيلة المثالية لان الشبان بحاجة للمنافسة ووضعهم في الأكاديميات قد يؤدي إلى تحطيمهم''. وكان المدرب الوطني لأقل من 17 سنة، حسان بلحاج، قد صرح ل''واج'' سهرة لقاء بوتسوانا ''حتى نضمن منتخبا وطنيا قويا يجب ان نحوز على لاعبين مكونين جيدا في انديتهم''. وهو الرأي الذي شاطره العارفون الذين نددوا بما وصفوه ''اختلاس مسؤولي الاندية لاعانات الدولة الموجهة للفئأت الشابة لصالح فرق الأكابر''. من جهتهم، دافع رؤساء الاندية عن مواقفهم مبرزين في هذا الصدد ''نقص المرافق الرياضية في الجزائر'' ما يعد عائقا كبيرا بالنسبة لهم لتحقيق تكوين نوعي. وعلق الناطق الرسمي لأولمبي الشلف، عبد الكريم مدوار، على الأمر ''في الشلف غالبا ما تتأهل فرقنا الشبانية إلى نهائيات كؤوس الجزائر. لكن ذلك ليس إلا الشجرة التي تغطي الغابة لأن هذه الفرق تحضر في ظروف سيئة بسبب النقص الفادح في الهياكل الرياضية، حيث يتدرب احيانا هؤلاء الشبان في ربع الميدان للسماح لفرق اخرى بالتدرب في نفس الملعب''. ويرى التقنيون ان هذا المشكل تعاني منه بوجه خاص الاندية في العاصمة، ما يعني بأن ما يحدث في جمعية الشلف بعيد على أن يكون "حالة خاصة". ولا تعتبر قضية أولمبي الشلف ''معزولة''. مراكز التكوين، أو المشروع الذي قد لا يرى النور ولإعطاء التكوين قيمته الحقيقية في الجزائر، راهن الجميع على دخول الأندية المحلية عالم الاحتراف، سيما وأنه من بين المهام الرئيسية الموكلة لها يحتل عنصر التكوين مقدمة الأولويات. لكن ذلك لم يترجم بعد على أرض الواقع، حيث لم يتمكن أي فريق من الفرق ال32 المحترفة من تشييد مركز التكوين الخاص به، وفق ما ينصه عليه أيضا دفتر الشروط الذي التزمت بتطبيقه الأندية المعنية قبل الدخول في عالم الاحتراف. وصرح رئيس الرابطة المحترفة لكرة القدم، محفوظ قرباج، ''من المؤسف جدا أن يركز رؤساء الأندية مطالبهم لدى السلطات العمومية على أمور أخرى كثيرة عدا مراكز التكوين''. وكانت الدولة قد قررت في إطار اجراءات مرافقة للاحتراف منح الأندية قطعا أرضية لاحتضان مراكز تكوينية ملتزمة بالتكفل بتمويل هذا المشروع بنسبة 80 بالمائة لانجازه. لكن محفوظ قرباج، رئيس رابطة كرة القدم المحترفة لاحظ بأن تجسيد هذه الوعود لم يتم بعد على أرض الواقع، باعتبار أن لا أحد من الأندية المعنية حصلت على تلك القطع الأرضية. وتأسف قرباج أيضا لسلوك رؤساء الفرق الذين غالبا ما يركزون في مطالبهم تجاه السلطات العمومية على عدة أمور أخرى، متجاهلين المطلب الرئيسي الذي كان من المفروض عليهم الاهتمام به بشكل خاص وعاجل، ألا وهو الاسراع في انجاز مراكز التكوين. وفي انتظار ان يرى المشروع النور، تبقى مختلف المنتخبات الجزائرية للفئآت الشبانية تعاني من تردي النتائج، ومعرضة إلى الاخفاق حتى أمام أصغر المنتخبات في إفريقيا. وفي ظل هذه الظروف، يتأهب الفريق الجزائري لأقل من 20 سنة للمشاركة في الموعد الكبير لفئته شهر مارس المقبل ويتعلق الامر بكأس إفريقيا للامم المقررة بالجزائر (عين تيموشنت ووهران). ولأن الهدف المسطر هو احتلال إحدى المراكز الاربعة الاولى من أجل ضمان تأشيرة التأهل إلى مونديال 2013 لهذه الفئة بالامارات العربية المتحدة، يترقب الملاحظون أن يلجأ المدرب الوطني، جون مارك نوبيلو، الى ما تنجبه المدارس الكروية الأجنبية من لاعبين ذوو أصول جزائرية. ولعل الاقصاء الذي تعرض إليه منتخب أقل من 17 سنة بملعب عمر حمادي، والذي تابعه التقني الفرنسي عن قرب بما أنه كان حاضرا بملعب بولوغين، سيعزز موقفه بخصوص "حتمية" الاعتماد على العناصر الناشطة في الخارج، يتكهن التقنيون الجزائريون بأسف شديد.