أكد بوزيد لزهاري عضو مجلس الأمة يوم الإثنين بالجزائر أن كل الدساتير الجزائرية كرست مبدأ التنافي مع العهدة الإنتخابية بدءا من دستور 1963 مشيرا إلى ان القانون العضوي المحدد لحالات التنافي مع العهدة البرلمانية الصادر في 2012 يرمي إلى تحسين أداء البرلمان وضمان إستقلالية ممثلي الشعب. وأوضح لزهاري في تدخله خلال اليوم الدراسي حول "حالات التنافي مع العهدة الإنتخابية" أن دستور 1963 نص على ضرورة أن ينظم هذا الموضوع بقانون والذي تم إصداره في أوت من عام 1964. وبعد أن اشار إلى أن دستور 1976 وسع من حالات التنافي مع العهدة الإنتخابية ودقق فيها بشكل أكبر وتمت ترجمة أحكامه في قانون 1979 أبرز أن قانون حالات التنافي الصادر في أوت 1989 و الذي نص عليه دستور 1989 حدد مجموعة من الوظائف التي تتنافى مع العهدة الإنتخابية "دون المساس كثيرا بالقطاع الخاص". و قال أن القانون العضوي المحدد لحالات التنافي مع العهدة البرلمانية الصادر في 2012 "رغم أنه جاء متأخرا لكونه منصوص عليه في دستور 1996 و رغم تحفظات المجلس الدستوري بخصوص بعض مواده إلا أنه يرمي إلى تحسين أداء البرلمان و ضمان إستقلالية ممثلي الشعب و تفرغهم الكلي لممارسة مهامهم". و إعتبر لزهاري هذا النص القانوني الجديد "أكثر عقلانية" و "تعامل مع القطاع العام و الخاص على قدم المساواة". بدوره أوضح الأستاذ عبد الجليل مفتاح من جامعة بسكرة أن القانون العضوي الجديد المحدد لحالات التنافي جاء في سياق دعم مسار إصلاح المنظومة القانونية لتطوير المؤسسات السياسية الجزائرية واصفا هذا النص القانوني الجديد ب"المهم جدا" لكونه يتعلق أساسا بالبرلمان "الذي يمثل إرادة الشعب" كما قال. غير أن مفتاح سجل بعض الإشكاليات في تطبيق هذا القانون خاصة —كما قال— أنه لم يحدد "بدقة" حالات التنافي و عدم التنافي مع العهدة البرلمانية و لم يعطي الحق للنائب في الطعن في قرار إعتباره في حالة تنافي مع العهدة البرلمانية. أما الأستاذ يلس شاوش بشير من كلية الحقوق بجامعة وهران فقد إعتبر موضوع حالات التنافي مع العهدة الإنتخابية "مبدأ نسبي قابل للتغير و التطور" مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بظاهرة لصيقة بإنشاء البرلمانات عبر التاريخ لتكريس إستقلالياتها و ضمان تأدية مهامها على أكمل وجه. وأضاف أن كل الدول تعمل بمبدأ التنافي مع العهدة الإنتخابية البعض منها تحاول تأطيره من خلال دساتيرها و قوانينها و البعض الآخر تركه للأعراف مثل بريطانيا و هولندا. وعقب تدخلات المحاضرين فتح النقاش أمام المشاركين في هذا اليوم الدراسي من برلمانيين ومختصين وطلبة لطرح إنشغالاتهم وتقديم إقتراحاتهم لإثراء موضوع اللقاء. و في هذا السياق أكد الأستاذ في القانون مسعود شيهوب أن القانون العضوي الجديد المحدد لحالات التنافي مع العهدة البرلمانية جاء لسد فراغ قانوني دام أكثر من 16 سنة أي منذ دستور 1996. و أوضح أن هذا القانون الجديد وسع من مبدأ حالات التنافي لتشمل النشاط التجاري العام والخاص داعيا إلى ترك الوقت أمام هذا القانون للحكم عليه ثم سد الثغرات التي تظهر عند تطبيقه على أرض الواقع. كما دعا شيهوب إلى تعديل المادة 103 من الدستور خلال التعديل الدستوري المعلن عنه لتوسيع حالات التنافي إلى العهدة الإنتخابية المحلية أي على مستوى البلديات والولايات. وأشار إلى وجود ثغرات عديدة في مواد هذا النص القانوني لاسيما عدم وجود ضمانات للنائب للدفاع عن نفسه أمام هيئة محايدة في حالة إعلانه في حالة تنافي مع العهدة البرلمانية. وقد اختضنت إقامة الميثاق (الجزائر العاصمة) اليوم الإثنين يوما دراسيا حول موضوع "حالات التنافي مع العهدة الإنتخابية" بحضور برلمانيين وأساتذة جامعيين ومختصين. وتم خلال هذا اللقاء الذي نظمته وزراة العلاقات مع البرلمان تقديم مداخلات حول مواضيع "نظام التنافي من حيث المبدأ والنشأة و التطور" و "حالات التنافي في التشريع الجزائري" و "كيفيات معالجة حالات التنافي و منازعاتها".