أوصى مختصون في كيمياء المياه اليوم الثلاثاء بباتنة بضرورة الشروع في تجسيد مشروع توسيع محطة معالجة المياه المستعملة بعاصمة الأوراس. وأشاروا في ختام أشغال الملتقى الدولي حول تعبئة واستغلال الموارد المائية الذي احتضنته على مدى يومين جامعة باتنة إلى الخطورة الكبرى التي تشكلها المياه المستعملة غير المعالجة والتي تعد المصدر الرئيسي لتلوث البيئة والمحيط إلى جانب أثرها السلبي على الصحة العمومية. و ذكر رئيس اللجنة العلمية للملتقى و مسؤول قسم الري بجامعة باتنة كمال تيري أن المحطة التي أنشئت في السبعينيات "أصبح منسوبها حاليا لا يتماشى والتطور العمراني للمدينة". وقد أثبتت التحاليل التي أجراها مختصون في الميدان بباتنة —حسب نفس المتحدث— أن المحطة "لا تعالج سوى 30 بالمائة من المياه المستعملة بعاصمة الولاية فيما تطرح 70 بالمائة المتبقية في الهواء الطلق". ويعد الشروع في تجسيد مشروع توسيع المحطة الذي تم تسجيله لفائدة الولاية حسب ذات المختص من "الأولويات القصوى" لاسيما وأن هذا الكم الهائل من المياه غير المعالجة والمحملة بالمعادن الثقيلة يستغل في سقي المحاصيل الزراعية بهذا الجزء من المدينة على طول ضفتي وادي قرزي إلى غاية سهل المعذر المعروف بكونه حوض حليب لما يتوفر عليه من مراعي واسعة المساحة. وحذر المشاركون في الملتقى من جهة أخرى من تلوث المياه الجوفية الناجم عن زيوت"الاسكاريل" الناجمة عن المحولات الكهربائية القديمة والمخزنة في ظروف غير ملائمة. وفي هذا الصدد دعا المختصون إلى ضرورة ألاخذ بعين الاعتبار اقتراحات ذوي الاختصاص للاستغناء للتخلص من هذه المادة وفقا للطرق العلمية المنتهجة عالميا. وشدد المشاركون خلال هذا اللقاء العلمي التي عرف مشاركة نوعية لباحثين في مجال كيمياء المياه وهو التخصص الذي تنفرد به جامعة باتنة على الصعيد الوطني على ضرورة أخذ الهيئات الفاعلة ومنها السلطات المحلية بعين الاعتبار نتائج الأبحاث التي يتوصل إليها المختصون الجامعيون لتطبيقها ميدانيا. كما دعوا إلى انتهاج تسيير للبيئة وللمياه "يأخذ بعين الاعتبار المعطيات العلمية الاساسية والبحث التطبيقي الميداني الذي أجراه الباحثون الجزائريون الذين لا يقلون كفاءة عن الباحثين الاجانب" كما أكد تيري. و أضاف ان الكثير من الحلول للمشاكل البيئية وغيرها "موجودة في أدراج الجامعة الجزائرية وتحتاج فقط لمن يفعلها لصالح المجتمع". وكان المشاركون في الملتقى الذين جاؤوا من مختلف جامعات الوطن قد ناقشوا على مدى يومين جدوى استعمال كيمياء المياه لتعبئة الموارد المائية و المحافظة عليها في ظل التحولات المناخية. وحظي بالمناسبة موضوع التطهير في المدن الجزائرية بحيز لا بأس به من المناقشة ليتم التطرق كمثال لذلك إلى حالة مدينة قسنطينة التي قال الدكتور عمري إبراهيم من جامعة باتنة بأنها تستحق الاهتمام فعلا لأنها تواجه خطر انزلاق التربة الذي يهدد حوالي 15 ألف مسكن بمدينة الجسور المعلقة. وأعاد المختص هذا الإشكال إلى ظاهرة تسرب المياه سواء المستعملة أو مياه الأمطار إلى الأسفل مما يجعل الأرضيات هشة وبالتالي يؤثر على عمر وسلامة البناءات الموجودة في هذه المناطق. وتطرق أيضا إلى النمو العشوائي للمباني خارج المناطق الحضرية وبصفة فوضوية مما يؤدي إلى مشاكل التطهير وانتشار المفارغ الفوضوية إلى جانب النقص الكبير في البالوعات في المدن و انعدامها أحيانا وهي كلها عوامل تساهم بطريقة أو بأخرى في تلوث المحيط وتهديد الموارد المائية الجوفية بالتلوث. وتميز الملتقى الذي بادر إلى تنظيمه قسم الري بجامعة باتنة بحضور مكثف لطلبة اختصاص كيمياء المياه الوحيد على المستوى الوطني الذي أستحدث منذ سنة ونصف ويسعى إلى تكوين إطارات في المستقبل في مجال المحافظة على الموارد المائية حسب ما أشار إليه مدير معهد الهندسة المدنية والري والهندسة المعمارية بجامعة باتنة الدكتور نور الدين لحباري.