يتواصل مسلسل العنف في سوريا بشكل يبعث على القلق خاصة مع ورود انباء عن إستخدام المعارضة المسلحة لغاز الأعصاب (السارين) ضد القوات النظامية فضلا عن إحتدام المواجهات المسلحة التي تودى بحياة عشرات القتلى يوميا وإنعكاس هذا الوضع على جهود الإغاثة التي أصبحت "شبه مستحيلة" في البلاد التي تعيش أكثر من عامين في ظل هذه الأزمة. ويتميز الوضع في سوريا بتصعيد خطير في أعمال العنف التي امتدت إلى مختلف مناطق البلاد فى الوقت الذي أصبحت عملية إجلاء الجرحى والقتلى بالمناطق الأكثر تضررا "أمرا يمثل تحديا يوميا" بالنسبة لهيئات الإغاثة وفق ما أكده رئيس بعثة الصليب الأحمر فى سوريا ماغنى بارث. وفي سياق القلق الذي أعرب عنه بارث إزاء ما يحدث في البلاد أكد هذا الأخير اليوم "أن الطريقة التى يدير بها أطراف النزاع فى سوريا المعارك واعمال القتال تنذر بالخطر" مشيرا إلى أنه "مع تصاعد القتال فى البلاد أصبح يتم ترك عدد متزايد من الضحايا فى ساحات القتال دون إخلاء". وطالب بارث أطراف النزاع في سوريا بالإلتزام بالقانون الدولي الإنسانى ومعاملة جثث القتلى باحترام مشيرا إلى أن" الصليب الأحمر شدد على الأطراف مرارا وتكرارا بأن تميز فى جميع الأوقات بين المدنيين والاشخاص المشاركين مباشرة فى القتال". نفس مستوى القلق أعربت عنه منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) على خلفية التقارير التي أفادت بمقتل العشرات من بينهم نساء وأطفال في سوريا حيث قالت مديرة المكتب الإقليمي لليونيسيف ماريا كاليفيس " أن أعمال القتل هذه تذكر بأن المدنيين وخاصة الأطفال هم الذين يدفعون الثمن الأغلى نتيجة سفك الدماء المتواصل في سوريا". وأشارت إلى أن خمسة ملايين و 500 ألف شخص اضطروا إلى النزوح بسبب أعمال العنف ولجأ منهم مليون وأربعمئة ألف إلى الدول المجاورة التي تعاني من الضغوط الشديدة مطالبة أطراف النزاع "باحترام التزاماتها القانونية الدولية واحترام قدسية أرواح الأطفال". — تأكيدات يإستخدام المعارضة لغاز الأعصاب (السارين) في المواجهات — وتأتى هذه التصريحات بعد تأكيد القاضية السويسرية كارلا ديل بونتى عضو لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن جرائم الحرب في سوريا أن محققي اللجنة جمعوا شهادات تكشف أن مسلحي المعارضة السورية استخدموا غاز الأعصاب (السارين) في المواجهات مع القوات النظامية مشددة على أن "هذا الغاز "تم إستخدامه من جانب المعارضين المقاتلين وليس من قبل السلطات الحكومية السورية". وأوضحت ديل بونتي ان "محققينا زاروا الدول المجاورة لسوريا وأجروا مقابلات مع الضحايا والأطباء والمستشفيات الميدانية وطبقا لتقريرهم توجد شكوك قوية وملموسة على استخدام غاز السارين" مبرزة أنها "لم تر دليلا على استخدام القوات النظامية السورية الأسلحة الكيميائية المحظورة بموجب القانون الدولي". كما تفيد التقارير الواردة عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن "حصيلة قتلى أمس الأحد في سوريا وصلت إلى 109 شخص معظمهم في طرطوس ودمشق وريفها " مشيرة إلى أنه "من بين القتلى 15 طفلا و3 أجنة و15 سيدة و24 قتيلا من المسلحين". وتؤكد التقارير أن "الجيش الحر(المتمرد) فجر مقرا لقوات النظام في حي (الرصافة) بدير الزور شرقي البلاد واستهدف مطار (دير الزور) العسكري وكتيبة الدفاع الجوي التابعة له" بينما ذكر ناشطون أن "المسلحين أسقطوا مروحية في ريف (دير الزور) ما أدى إلى مقتل 8 عسكريين كانوا على متنها من بينهم 3 ضباط " . ومن جهتها أعلنت شبكة (شام) الإخبارية "تجدد الاشتباكات بين الجيشين الحر والنظامي في أحياء مخيم اليرموك و العسالي وبرزة و جوبر والعدوي بدمشق بينما قصفت قوات النظام أحياء برزة و تشرين والقابون وجوبر والحجر الأسود والتضامن والقدم وباب توما وقدسيا". — الهجوم الإسرائيلي على الأراضي السورية يزيد من حدة القلق الدولي— ومما يزيد من حدة القلق حيال الأزمة السورية الهجوم الإسرائيلي الذي استهدفت مركز البحوث العلمية في منطقة جمرايا في ريف دمشق متسببا في مقتل أكثر من 15 جنديا سوريا ليكون الهجوم الثاني من نوعه بعد اختراق طائرات إسرائيلية حربية المجال الجوي السوري في 30 جانفي الماضي وقصفها بشكل مباشر أحد مراكز البحث العلمي في نفس المنطقة. و أثار هذا الهجوم ردود فعل دولية منددة بهذا "الانتهاك الخطير والجديد للقانون الدولي و سيادة و الوحدة الترابية لدولة عربية" حسبما أكده في تصريح لواج الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية عمار بلاني . ودعت العديد من الدول من بينها الجزائر مجلس الأمن لمنظمة الاممالمتحدة إلى "تحمل مسؤولياته من أجل وضع حد للاعتداءات الصارخة التي تعمل على تفاقم ظرف اقليمي متدهور للغاية" في حين حذر متتبعون من "أن تصبح الحرب في سوريا أوسع نطاقا وتقلبا بحيث تصبح حربا إقليمية" وذلك في ضوء تحليل الوضع الراهن والغارات الجوية التي شنتها إسرائيل على سوريا منذ أيام. — الوضع الراهن يعزز القناعة بضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية — وعليه بات من الواضح أن الحل للأزمة السورية "لابد أن يكون سياسيا" خوفا من "إمكانية امتداد رقعة الصراع في المنطقة" وفق ما أكده اليوم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) أندريس راسموسن الذي أعرب هو الآخر عن قلقه من ان "يؤثر الوضع السوري على دول الحلف وشركائه الآخرين في المنطقة". وأكد راسموسن على أن "ما يحدث الآن في سوريا يؤكد على ضرورة التحرك بسرعة من أجل البحث عن حل سياسي" مناشدا كافة أطراف المجتمع الدولي مضاعفة الجهد لإيجاد حل يحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري". من جانبه يؤكد مجلس الأمن الدولي إلتزامه بالبحث عن حل سياسي من خلال تجديد الثقة في المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي الذي "سيستمر في مهمته من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا".