يرى العديد من الحرفيين المشاركين في الصالون الوطني الثالث للباس التقليدي الذي انطلقت فعالياته مساء الأربعاء بقصر المعارض "المعبودة" بسطيف مشاركتهم في هذه التظاهرة بمثابة رسالة من أجل الاهتمام أكثر بالصناعات التقليدية و التمسك بها حفاظا على الهوية الوطنية. و أكد عارضون لنماذج في الخياطة و الطرز التقليدي الأصيل و أزياء و ألبسة نسائية و رجالية تميز تراث و عادات و تقاليد مناطق مختلفة من الوطن و تعكس أصالة المجتمع الجزائري من سطايفي و عاصمي و قسنطيني و تلمساني و قبائلي و شاوي بأنهم يدركون أكثر من أي وقت مضى بضرورة التمسك بحرفتهم و الارتقاء بها كوسيلة للحفاظ عليها . و صرح عدد من المشاركين لوأج خلال افتتاح هذه التظاهرة بأن كل الحرفيين و المهتمين بالمجال مطالبون بالعمل من أجل إعادة إحياء اللباس التقليدي المميز لكل منطقة من مناطق الوطن باعتباره رمزا للتراث الشعبي المتوارث عبر الأجيال . و حسب السيد لخضر بوغراب و هو صاحب مؤسسة خاصة لصناعة اللباس التقليدي البوسعاديا لذي عرض نماذج لمعاطف تقليدية مطورة تعتمد على الطرز و كذا قشابيات و برانيس فإن اللباس التقليدي يستطيع أن يصبح موضة عالمية إذا ما تم التمسك به و الحفاظ عليه و إتقانه و عدم إهماله و تقديمه في شكل يمتع العين ليستقطب المهتمين به . واعتبر هذا العارض غزو الألبسة الصينية للسوق الجزائرية قد أدى إلى تراجع اقتناء الرجل البوسعادي للباس التقليدي الأصيل بالنظر لغلاء أسعاره غير أنه يضيف- و بفضل تطوير الحرفة و استعمال الأقمشة الصناعية تم بعثه من جديد و جعله في متناول كل شرائح المجتمع. و في ظل غياب "البنوار" السطايفي المعروف باسم "شرب زدف" الذي لطالما كان سيد المعرض خلال الطبعات الفارطة اتخذت القندورة القسنطينية أو قندورة "القطيفة" المميزة للباس التقليدي النسوي لمنطقة قسنطينة جانبا كبيرا من المعرض و استقطبت اهتمام عدد كبير من الزوار منهم العديد ممن يحضرن لزفاف بناتهن اللواتي استفسرن حول كيفية اقتناءها . و أكدت بالمناسبة حياة طلحة حرفية مختصة في خياطة هذا اللباس بأن إدخال العصري و مواكبة التطور في خياطة و طرز القندورة القسنطينية جعلها محل إقبال كبير من طرف نساء المنطقة و حتى من الولايات المجاورة ليس فقط العرائس اللواتي تحتم عليهن العادات و التقاليد المتوارثة ارتدائها من أجل الحنة و إنما كل النسوة باختلاف أعمارهن. و أضافت بأن إدخال بعض التقنيات الحديثة بمزج الفتلة و المجبود معا و كذا خيط "الكنتيل" الملون المستورد جعلها تستهوي و محل إعجاب وإقبال كبيرين لدى نساء المنطقة و ذلك بالرغم من غلاء أسعارها التي تتراوح ما بين 7 آلاف و 12 ألف د.ج. و حسب هذه الحرفية التي عرضت مجموعة فاخرة من قندورة القطيفة المطرزة بخيوط ذهبية ممزوجة بين الفتلة و المجبود و وفق أشكال هندسية و رسوم زهرية جميلة فإن اللباس التقليدي الجزائري باختلاف أنواعه لا يزال يحظى باهتمام كبير من طرف الأجيال بالرغم من أن اللباس الجاهز المستورد أصبح يغزو السوق الجزائرية . و غير بعيد عن اللباس البوسعادي و القندورة القسنطينة يعرض حرفيون و حرفيات أخريات استفاد معظمهم ضمن آليات التشغيل التي أتاحتها الدولة لمزاولة نشاطاتهم أزياء و ألبسة أخرى تعكس الموروث الحضاري المتجذر في تقاليد سكان الجزائر كالقندورة القالمية و "النابل" و "الشبيكة" المميزين لمنطقة شرشال و كذا اللباس التقليدي القبائلي. وتهدف فعاليات هذا الصالون الوطني للباس التقليدي الذي أشرفت سلطات الولاية على افتتاحه إلى الحفاظ على الطابع الأصيل للباس التقليدي الجزائري باعتباره رمزا للتراث الشعبي المميز لكل منطقة من مناطق الجزائر الواسعة و ذلك من خلال ترقية المنتجات الحرفية والتقليدية و تثمين الحرف اليدوية . كما يعد بمثابة فرصة للتقارب والتعارف و الاحتكاك ما بين حرفيي 31 ولاية من البلاد قصد تبادل الخبرات فيما بينهم وفتح آفاق جديدة لعرض و تسويق منتجاتهم حسب ما أشار إليه رئيس غرفة الصناعات التقليدية بالولاية السيد عبد القادر حشاني. وسينظم على هامش هذا الصالون الذي سيتواصل إلى غاية 24 ديسمبر الجاري نصف يوم دراسي ينشطه أعضاء اللجنة الوطنية للتقييم و التحكيم الخاصة بالمسابقة الوطنية للزي التقليدي الرسمي و المهني رجالي و نسائي و بمشاركة حرفيات و حرفيون المنتقاة منتجاتهم للنهائيات. و سيكون هذا اللقاء وفقا للمنظمين بمثابة فضاء يتم من خلاله تقييم الأعمال و تقديم توجيهات كما سيتم بالمناسبة تنظيم مسابقة لاختيار أحسن منتوج و أحسن جناح عرض.