افتتحت اليوم الأربعاء ببجاية أشغال ملتقى دولي حول الفقيه المحدث و البيبليوغرافي الشهير في القرون الوسطى الغبريني بمشاركة باحثين قادمين من جامعات جزائرية و أجنبية لاسيما تونس و فرنسا و الولاياتالمتحدةالأمريكية لاستعراض مسيرة وأعمال هذه الشخصية التي كانت بمثابة فقيه و مربي و بيداغوجي ومؤرخ و رجل سياسة خلال فترة كانت فيها بجاية محل إشعاع علمي واسع. وقد اشتهر الغبريني واسمه الحقيقي أحمد أبو العباس و هو من مواليد منطقة آيت غبرين بولاية تيزي وزو بكونه كان فقيها ذو كفاءة كبيرة اشتغل في عدة مناطق من المغرب العربي لاسيما بتونس قبل أن يقيم في بجاية حيث شغل منصب قاضي القضاة. وتزامن مجيئه إلى عاصمة الحماديين مع انتشار حركة علمية و أدبية واسعة نال منها الكثير و مكنته من الاحتكاك بشخصيات بارزة على غرار الفيلسوف الكاتلاني ريمون ليل. و كانت بجاية تحتضن في تلك الفترة مجموعة كبيرة من العلماء الحاملين كلهم للقب " أمراء العلم" متخصصين في مجالات متعددة و متنوعة كعلم اللاهوت و الرياضيات و الهندسة المعمارية و الموسيقى و الأنثربولوجيا. وقد احتك الغبريني بمختلف هذه التخصصات التي مكنته من كتابة بأشهر قبل وفاته مقتطفات تحمل عنوان "عنوان الدراية " يتحدث فيها عن ما يربو عن مائة عالم من بجاية إلى جانب تقديم معلومات وافية حول تلك الفترة الزمنية التي لا تزال تحظى باهتمام الباحثين الجامعيين في الجزائر و بالخارج. وفي هذا الإطار، يرى المؤرخ دومينيك ارفوي من جامعة تولوز الفرنسية أن "حولياته من شأنها وضع جسر مستقبلا بين الأبحاث السوسيولوجية و التاريخية " مستندا إلى ملاحظة لابن خلدون الذي اعتبر أن هذه المجموعة حول سيرة العلماء " لا يراد بها إبراز امتياز شخص واحد و إنما مدينة برمتها في زمان معين بفضل أدبائها و رجال الدين." ولا تزال هذه المؤلفة بعد مرور 700 سنة على نشرها تحظى باهتمام الباحثين في شتى الميادين. و قد أدت هذه المساهمة التي تجمع بين علم و تأثير الكاتب إلى شغل مناصب مسؤولية في السياسة و أخذ قرارات من الأهمية القصوى. وقد اشتهر الغبريني بكفاءات كبيرة و شغل منصب قاضي القضاة و كان يحظى باحترام الجميع. كما شغل عدة وظائف (قاضي سفير مستشار سياسي فيلسوف شاعر...) سيسعى المشاركون في الملتقى من أجل تسليط الضوء على حياة العلامة و مسيرته وأعماله وكذا جمع و تصنيف الوثائق المتوفرة.