أكدت الجزائر أمس الأربعاء أن الحل الوحيد لضمان الأمن في مجال الأدوية يكمن في إنشاء فضاء موحد في مجال الأدوية و المستلزمات الطبية من خلال إنشاء وكالة عربية للأدوية على غرار نظيرتها الأوربية. و في مداخلة لها في أول يوم من أشغال اجتماع اللجنة التقنية العربية للأدوية التي تحتضنها على مدار يومين العاصمة الأردنية عمان، أكدت وزارة الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات --على لسان المستشارة بدرة بن قدادرة -- بأن مشروع الوكالة العربية للأدوية من شأنه أن يكون "فضاء لتثمين كل الاستثمارات العربية و تفعيل الابتكارات في هذا المجال مع رفع كل الحواجز ما بين الدول العربية في إطار تشريع موحد و وفقا لأمثل المواصفات". و لفتت المسؤولية بوزارة الصحة إلى أنه و في ظل العالم المتغير الذي يتميز بهيمنة الكتل الجهوية كالاتحاد الأوربي و مجموعة دول أمريكا و اتحاد دول آسيا و المحيط الهادي، "يتعين على الدول العربية تجاوز التنظيمات الشكلية (...) للوصول إلى تصور إقليمي شامل يسمح بخلق فضاء عربي حقيقي يعتمد أساسا على الابتكار و الإنتاج و ليس على مجرد المتاجرة بأشياء يتم تصنيعها خارج حدودها"، مستدلة في ذلك بتجربة المنطقة العربية للتبادل الحر. و من هذا المنظور، سجلت السيدة بن قدادرة "عزم" الجزائر على تنمية صناعة محلية "تعتمد على الابتكار و استغلال القدرات الخلاقة لخريجي جامعاتها" و ذلك من منطلق "القناعة الكاملة بأن فاقد الشيء لا يعطيه"، علما أن عدد المؤسسات المختصة في إنتاج الأدوية بلغ حاليا "ما يقارب 75 مؤسسة" و هو ما يمثل "48 بالمائة من الحجم المالي من سوق الأدوية في الجزائر". أما من الجانب التنظيمي، فقد ذكرت ذات المسؤولة بأن الدولة الجزائرية كانت قد قررت إنشاء الوكالة الوطنية للدواء التي أوكلت إليها مهام السهر على تنظيم و تسيير الدواء من حيث التسجيل (بما في ذلك السعر) و المراقبة و اليقظة الصيدلانية و هي الهيئة التي ستكون "بمثابة سلطة مستقلة على غرار ما هو موجود في العديد من الدول التي سبقت الجزائر في تنظيم هذا القطاع الحساس". غير أنه و بالمقابل، تبقى هناك العديد من التحديات التي يستوجب رفعها و المتعلقة بإيجاد بدائل في حال إنقطاع مصادر التموين بالمادة الخام و أخرى ذات صلة بموقع الجزائر و إسهاماتها في مجال ابتكار الأدوية الجديدة. و نقلت ممثلة وزارة الصحة "القناعة التامة" للجزائر بأن تأمين سوق الأدوية في البلدان العربية بصفة عامة و بها بصفة خاصة "لا يمكن أن يتحقق إلا إذا أخذنا كل الإجراءات و الترتيبات التي تجعل الصناعة الصيدلانية المحلية في بلداننا تستحوذ على جزء معتبر من الصناعة الصيدلانية الدولية بفضل الابتكارات التي هي السبيل الوحيد لفرض وجودنا و الاستحواذ على حصة معتبرة من السوق الدولية للدواء"، تقول السيدة بن قدادرة. و تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد العربي لمنتجي الأدوية و المستلزمات الطبية عبر بالمناسبة عن أمله في عقد اجتماعه المقبل بالجزائر لدراسة المقترح الجزائري المتمثل في إنشاء وكالة عربية للأدوية على غرار النموذج الأوروبي.