يفرض سوق الرحمة الذي ينظم بمدينة تيبازة للعام الثاني على التوالي بمناسبة شهر رمضان نفسه كآلية مناسباتية "فعالة" لضبط أسعار الخضر و الفواكه بإعتماده على البيع المباشر (منتج-مستهلك) مما جعل أغلب تجار التجزئة "لا يرحبون" بالمبادرة التي تعد منافس "شرس" لهم. و في محاولة لرصد آراء تجار التجزئة توقع صاحب محل بوسط مدينة تيبازة تسجيل تراجعا للمبيعات خلال شهر رمضان بسبب عزوف المستهلكين على اقتناء حاجياتهم من الخضر والفواكه بمحلاتهم حيث يقدر إنكماش الأسعار بنسبة 50 بالمائة حسب معطيات المديرية المحلية للتجارة. وكان وزير التجارة عمارة بن يونس قد أوضح لدى إشرافه الخميس الماضي على افتتاح السوق أن المبادرة لا تهدف إلى "منافسة الأسواق العادية بقدر ما تسعى للمحافظة على القدرة الشرائية لذوي الدخل الضعيف" لافتا الى أن الوسيط أو تاجر التجزئة الذي "لا يمكن التخلي عنه يشكل إحدى الحلقات الأساسية لأية عملية تجارية". و تتبنى أسواق الرحمة القاعدة التجارية "البيع المباشر" أي أن العملية تجري بين المنتج و المستهلك النهائي دون وسيط و التي غالبا ما يلجأ إليها المنتجون بشكل "مناسباتي" بغرض الترويج لمنتوج ما أو لأغراض "تضامنية" مثلما هو الحال بالنسبة لسوق الرحمة بتيبازة. و يتعلق الأمر ب"مساهمة" المنتجين في تجسيد معاني التضامن الاجتماعي من خلال "البيع المباشر" للخضر و الفواكه و اللحوم وفق أسعار "جد معقولة خاصة أن السلع المعروضة طازجة و حية" على حد تعبير أحد منتجي البطاطا. منتجات طازجة بأسعار مغرية : قفة ب 1500 دينار وتعرض السوق التي تنظمها السلطات الولائية بالتنسيق مع غرفة الفلاحة خضر وفواكه طازجة بأسعار "مغرية" حيث لا يتعدى تكلفة قفة تحتوي على كل المواد لمدة 10 أيام على الأقل 1500 أو 2000 دينار فقط مقابل نحو أزيد من 3000 دينار لدى تجار التجزئة لكنها (السوق) تبقى "بعيدة" عن تلبية كل حاجيات المستهلكين. و رغم ترحيب اغلب السكان بالمبادرة أعرب من جهة أخرى عددا من المستهلكين الذين إلتقتهم "واج" بعين المكان عن "أسفهم" لعدم تعميمها على شرشال و حجوط و بوسماعيل كونها تشكل تجمعات تحصي نمو ديمغرافي "كبيرا" كالقليعة التي يقطن بها ربع سكان الولاية أي قرابة ال150 ألف ساكن سيما و أن هناك العديد من الفضاءات التجارية بها تبقى "غير مستغلة". و بغض النظر عن بعض السلبيات المسجلة ك"تحايل" بعض التجار و عرضهم لأسعار مماثلة لتلك الممارسة في الأسواق العادية وصف بعض المستهلكين المبادرة ب"الناجحة" بإعتبار أن المنتج "لا يهمه التضامن بقدر ما يهمه الربح" و عليه فإن "تسجيل انخراط البعض منهم" في مثل هذا النوع من التظاهرات مؤشر "ايجابي" على "بداية انفتاح و تأقلم الفلاح مع تطور المفاهيم و الأساليب". إقبال كبير على المنتوجات الطازجة في الصباح و لعل أهم ما يميز تلك السوق الواقعة بالحي الإداري عند المخرج الغربي لمدينة تيبازة هو ذلك الإقبال الكبير للمواطنين على اقتناء الخضروات و الفواكه الطازجة في الساعات الأولى من الصباح. و يبرر العديد من المواطنين أسباب التهافت ب"دافع نوعية الخضر و الفواكه المعروضة و سعرها المغري" إلى أن سكان مدينة تيبازة "يشتاقون" إلى مثل هذه الفضاءات التجارية التي تجعلهم يعيشون "شعور جميل" خلال رحلة "التسوق و التجوال في أرجاء مثل هذه الأسواق. و إلى حين إنخراط "المستهلك" في ضبط الأسعار من خلال ثقافة "المقاطعة" و تطبيق قاعدة العرض و الطلب -يقول المدير الولائي للتجارة الساسي بيتر- يبقى "البيع المباشر" من بين الأساليب التي من شأنها أن تحافظ على القدرة الشرائية للمواطنين على الأقل خلال رمضان. إقامة سوق جوارية حلم السكان و تترك سوق الرحمة انطباعا خاصا لدى سكان مدينة تيبازة الساحلية التي لم تعرف لحد اليوم نجاح أية تجربة لإقامة أسواق جوارية على مدار السنة رغم توفرها على ثلاثة أسواق. و أدت هذه الوضعية إلى احتكار مجموعة قليلة محلات الخضر و الفواكه من خلال أسعار باهظة مقارنة بالأسعار المقترحة بأسواق حجوط و شرشال و القليعة و بوسماعيل مما يجعل اغلب سكان تيبازة مضطرون أسبوعيا للتسوق هناك. و تحصي تيبازة سوقين جواريين تابعين للبلدية و مركز تجاري ثالثا تابع للمصالح الولاية بقلب المدينة أغلق أبوابه مؤخرا بسبب عزوف التجار على كراء محلاته فيما لم يباشر الشباب الذين استفادوا في وقت سابق من مربعات بالسوقين المذكورين آنفا النشاط بهما -إستنادا لرئيس البلدية مليك جوهر- الذي كشف عن مشروع لإعادة بعث النشاط بهما مستقبلا. وفي إنتظار إنتهاء "قبضة" تجار التجزئة بتيبازة على ميزانية العائلات البسيطة ووضع حد لمظاهر التجارة الفوضوية يبقى تجسيد "الحلم" معلق على سوق مغطاة تم إنشائها مؤخرا بالمخرج الغربي للمدينة في إطار برنامج وزارة الداخلية الرامي للقضاء على التجارة الموازية.