سؤال : "تقومون بزيارة إلى الجزائر في سياق يتميز بكثافة التعاون الثنائي بين الجزائر و باريس. ما هي المحاور التي ستشكل محور المحادثات التي ستجرونها مع الطرف الجزائري؟ جواب : "أنا سعيد بعودتي إلى الجزائر بعد أن زرتها سنة 2013 في إطار بعثة إعلامية لمجلس الشيوخ حول منطقة الساحل رفقة السيد جان بيار شوفانمان الذي سيرافقني كذلك هذه المرة. و كانت آخر زيارة لرئيس مجلس الشيوخ الفرنسي إلى الجزائر سنة 1999 أي قبل 16 سنة. و هذا أمد طويل. و ارتأيت أنه من الأجدر أن أرد على دعوة نظيري عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الامة و الذي أشكره كثيرا. فالجزائر ستكون أول خرجة لي بالنسبة للضفة الجنوبية من المتوسط في إطار عهدتي الجديدة كرئيس لمجلس الشيوخ. علاقتنا الثنائية تعرف فعلا ديناميكية قوية و أنا مرتاح لذلك. لقد تم القيام بالعديد من الأعمال من أجل تقريب بلدينا و تحديد معالم مشروع طموح و بناء شراكة استثنائية. لقد أكدت على الأهمية التي توليها المؤسسات الفرنسية و كذا كل الأطياف السياسية لهذه الشراكة مع الجزائر. و ضمن هذا السياق الواعد فإن هناك العديد من المسائل التي سنتطرق إليها. فبلدينا يواجهات تحديات مشتركة : و أذكر الإرهاب الذي يخلف ضحايا في كل مكان. و هذا لأن بلدينا يكافحان بشجاعة و عزم ضد الإرهابيين و هما محل استهداف للإرهابيين. و أشير إلى التعاون الإستثنائي التي تمكن بلدينا من إقامته من أجل المساهمة في ضمان استقرار منطقة الساحل. و أتوجه بجزيل الشكر للسلطات الجزائرية للدور المحوري الذي تلعبه من أجل تسوية الأزمة في مالي و تقديمها لحلول في ليبيا. كما أن بلدينا يؤكدان نفس التضامن مع تونس : يجب علينا أن نبذل ما وفي وسعنا من اجل الاستجابة لتطلعات هذا البلد حيث كانت لي فرصة الحديث عن ذلك مرارا مع الحكومة الفرنسية. كما ستكون مسألة المهاجرين في منطقة المتوسط محل المحادثات. فالنزاعات التي يعرفها العالم بالإضافة إلى الفقر بالعديد من البلدان الإفريقية خلقت أزمات هجرة خطيرة يتعين على أوروبا مواجهة كأولوية و قد تمس البلدان المجاورة بما فيها الجزائر. يجب أن نبحث عن الوسائل الكفيلة بإشراك أكبر للجزائر في إيجال حلول لهذا الوضع المأساوي. و في المجال الثقافي أعرب عن ارتياحي لتعيين فرنسا كضيف شرف في الطبعة ال20 للصالون الدولي للكتاب بالجزائر. و هو قرار سياسي متميز يشكل رهانا كبيرا بالنسبة لعلاقتنا الثنائية. يجب أن نكون في مستوى هذا الموعد. كما ستشكل الشراكة الإقتصادية بين الجزائر و فرنسا محورا هاما في المحادثات و أذكر باستعداد بلدي لمرافقة الجزائر في تطوير اقتصادها و تنويعه من خلال مواصلة ديناميكية الإنتاج المشترك و الإستثمار على المدى البعيد الذي باشرناه و الذي يسمح بخلق الثروة و الشغل في كلا البلدين. وسيسهر مجلس الشيوخ الفرنسي على أن تساهم الجماعات الإقليمية الفرنسية فعليا في هذه الديناميكية. سؤال: "كيف تقيمون التعاون البرلماني وما هي آفاق الحوار الدائم بين الجزائروفرنسا لاسيما حول المسائل الإقليمية والدولية؟ وكيف يمكن لبرلماني البلدين الإسهام في تعزيز تعاونهما على الصعيدين السياسي والاقتصادي من أجل إقامة علاقات عمل تعود بالفائدة على الطرفين؟ جواب: تلعب البرلمانات دورا أساسيا في تطوير علاقاتنا الثنائية ولطالما كانت العلاقات بين مجلس الشيوخ ومجلس الأمة وثيقة كما تبرزه الزيارات العديدة لأعضاء من مجلس الشيوخ الفرنسي إلى الجزائر. بالفعل زار الجزائر في أبريل 2015 السيد جان بيير رافاران الوزير الأول الأسبق ورئيس لجنة العلاقات الخارجية والدفاع والقوات المسلحة بمجلس الشيوخ وكانت هذه الزيارة متبوعة بزيارة السيد ألان نيري رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية-الجزائرية بمجلس الشيوخ في إطار الزيارة التي قام بها وفد رئيس الجمهورية إلى الجزائر في 15 يونيو الأخير. ولا أذكر هنا إلا آخر اتصالات رفيعة المستوى. ومن المهم تعزيز هذه العلاقات أكثر. وفي هذا الصدد تتم حاليا دراسة اتفاق تعاون بين مجلس الأمة ومجلس الشيوخ الفرنسي أتمنى أن يتسنى التوقيع عليه بالأحرف الأولى خلال هذا الزيارة. وسيمكن هذا الاتفاق المجلسين من الاجتماع بانتظام في إطار منتدى رفيع المستوى بغية مناقشة المواضيع العديدة التي تهم علاقاتنا الثنائية وسيكون أول اتفاق من هذا النوع بين مجلس الشيوخ ومجلس الأمة اللذين يمثلان عنصرين أساسيين في سير مؤسساتنا السياسية كونهما يكملان الحوار السياسي بين المسؤولين الحكوميين للبلدين وهذا ما يميز الدبلوماسية البرلمانية: المرافقة والإثراء والمبادرة لكن عدم حل محل النظام التنفيذي. سؤال: "قطعت أشواط مهمة خلال السنوات الأخيرة بشأن مسألة الذاكرة بين البلدين. هل يعد اعتراف فرنسا بالمعاناة التي تسبب فيها الاستعمار تمهيدا لاعتراف رسمي بالمجازر التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في الجزائر؟ جواب: لقد كانت لرئيس الجمهورية الفرصة للتأكيد أمام غرفتي البرلمان الجزائري في ديسمبر 2012 أن العلاقة بين بلدينا يجب ان تقوم على ركيزة الصراحة و الحقيقة حول ماض أليم.على ذلكم هو الأساس الذي يمكننا من التقدم و التوجه بعزم نحو المستقبل.إنه الطرح الأمثل و هو الذي يمكن بلدينا من العمل معا في ظل السكينة و الاحترام في جو هادئ.و قد سجلت خطوات معتبرة لاسيما خلال زيارة السيد توديشيني كاتب الدولة المكلف بقدماء المحاربين و عضو سابق في مجلس الشيوخ. الذاكرة موضوع هام يتعين مواصلة التطرق له دون عقدة مع ترك عناية كتابة التاريخ للمؤرخين.نحن نتحدث عن المآسي التي تجابهنا فيها لكننا لا نتطرق كفاية لتاريخنا المشترك الذي سطر عبر معارك الحرب الكبرى و في صفوف فرنسا الحرة. هذا التاريخ يجمعنا و يساهم في بناء مستقبل مشترك و أنا على يقين من ذلك لأنه اتجاه التاريخ أن تنجح الجزائر و فرنسا معا ما تمكنت فرنسا و ألأماني من تحقيقه رمزيا و هو الوصول الى قراءة لتاريخهما مشتركة و متوازنة و محترمة للجميع من أجل الأجيال الصاعدة. سؤال: في كل مرة يثير سكان الصحراء مسألة تعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجنوب الجزائري معتبرين أن قانون "مورين" الذي اعتمده البرلمان الفرنسي والمتعلق بتعويض الضحايا كان محدودا فيما يتعلق بالضحايا الجزائريين.هل يمكن الحديث بنقص في القانون نفسه أو في تطبيقه لاسيما و أن الرئيس فرانسوا هولاند قد أكد مرارا على ضرورة تطبيقه كليا؟ جواب: إن الدولة الفرنسية تتحمل كليا مخلفات التجارب النووية وتتصرف بكل شفافية. وقد تم بذل كل الجهود حتى يتم إحقاق حق الضحايا أو ذوي حقوقهم طبقا لتدابير الاعتراف و التعويض التي أقرت في 5 يناير 2010.و يتم بحث الطلبات الصادرة عن الرعايا الجزائريين ضمن هذا الإطار الذي لا يضع أي تمييز بين الطالبين الفرنسيين و الجزائريين. أنا أعرف أن الحكومة الفرنسية تتحاور بشكل منتظم مع السلطات الجزائرية حول هذا الموضوع من أجل إعلام الجمهور الجزائري بشكل أمثل و تسهيل تقديم الملفات من طرف الضحايا الجزائريين أو ذوي حقوقهم. سؤال: يشكل الارهاب تهديدا كبيرا على الجزائر و فرنسا و المجموعة الدولية برمتها.ما هي بنظركم قطاعات التعاون التي ينبغي تطويرها و تعزيزها بين البلدين في إطار مكافحة هذه الظاهرة العابرة للأوطان؟ كيف يمكن لمجلس الشيوخ الفرنسي الاسهام في نجاح الجزائر الرامية لإيجاد حلول للأزمات في بعض البلدان و بخاصة مالي و ليبيا؟ جواب: لقد أصبت حين أكدت أن الارهاب لايعرف حدودا. و قد عرفت مجموعتنا الوطنية صدمة عنيفة بداية شهر يناير عبر سلسلة من الاعتداءات لاسيما ذلك ذلك استهدف مقر جريدة شارلي إيبدو. كما أنها تجنبت مؤخرا مجزرة حقيقية على متن رحلة القطار الرابطة بين باريس و امستردام في 21 اغسطس الفارط. و الجزائر بذاتها دفعت ضريبة ثقيلة للارهاب. الارهاب يستدعي ردا حازما و منسقا بين مختلف البلدان المشاركة في مكافحته. و هي الحال بالنسبة للساحل حيث تشارك القوات الفرنسية بشكل مباشر.فالتعاون بين كل بلدان المنطقة يمثل عاملا ضروريا للنجاح و ينبغي تعزيزه باستمرار. أود في هذا المقام بالذات أن أنوه مجددا بتجند الجزائر الفعال من أجل مكافحة هذه الظاهرة و أن أجدد عرفان فرنسا العميق للجهود التي بذلها اصدقاؤنا الجزائريون بعد الاعتداء الجبان الذي استهدف في سبتمبر 2014 مواطننا هرفي غورديل. أود أن اقدم التعازي للسلطات الجزائرية في ضحايا الاعتداء الارهابي الذي استهدف الجيش في منطقة عين الدفلى في شهر يوليو المنصرم. فيما يتعلق بمالي، لعبت الجزائر دورا ملحوظا من اجل الوصول الى توقيع اتفاق السلم و المصالحة في يونيو الماضي و تلك خطوة هامة. يتعين الآن على كل الاطراف مواصلة توحيد جهودها بغية إنجاح تنفيذ ما تم الالتزام به و تذليل الصعوبات التي قد تظهر. في ليبيا ما من خيار آخر سوى بعث الحوار بين الليبيين و تشجيع إحلال الأمن من خلال وحكومة وحدة وطنية تجمع كل من يحاربون الارهابيين و ذلكم هو مسعى الممثل الخاص .لألأمين العام الاممي برناردينو ليون.يجب التقدم في هذا المسار الكفيل وحده بإخراج البلد من الطريق المسدود . و بإمكان برلماني بلدينا تنسيق جهودهما حول هذه المواضيع الحساسة حتى يتكلما حيثما أمكنهما ذلك بصوت واحد.