يواجه إطلاق مسار حوار بين طرفي الأزمة في سوريا، ما يسمى ب"المعارضة" و السلطة، مجددا مسألة تثبيت هيئة الحكم الانتقالي من عدمها،بينما يواصل الجيش السوري عملياته الميدانية في الوقت الذي تستمر فيه أيضا الضربات الجوية الروسية ضد معاقل الإرهاب. فالأزمة السورية التي اندلعت شهر مارس 2011 اي منذ قرابة الخمس سنين لم يتبلور حتى الآن أي حل سياسي لها بسبب تنامي العنف الذي تسبب بحركة نزوح داخلية وخارجية من المناطق التي شهدت اشتباكات عنيفة، إضافة لسقوط أكثر من 290 الف قتيل بين مدني وعسكري. ولغاية تجلي الرؤى حول مستقبل هذا الحوار يبقى المؤكد في الأزمة بسوريا في الوقت الراهن ان روسيا ستواصل وستبقي على تدخلها العسكري في هذا البلد للمساعدة في دحر "داعش والارهاب" طالما تطلب الأمر ذلك حسب أخر التصريحات الصادرة عن القيادات الروسية. وكان ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية الروسي قد صرح أمس بأن بلاده "ستدعو الحكومة السورية والمعارضة للحضور لموسكو الأسبوع المقبل لإجراء محادثات" وقال "لا توجد مشكلة الآن مع الحكومة السورية وان موسكو تجري حاليا محادثات مع العديد من ممثلي الجماعات السورية المعارضة للحضور إلى روسيا". يشار إلى أن هذه هي المرة الثالثة التي تدعو فيها روسيا الحكومة السورية والمعارضة للحضور إلى موسكو لإجراء محادثات، حيث كانت قد تبنت جولتي محادثات بين الطرفين في شهري يناير وأبريل. وفي ردها عن هذا التطور أبدت احدى اقطاب المعارضة السورية بالخارج ردة فعل استباقية لما يمكن مناقشته مع حكومة سوريا في حال التئام مثل هذا اللقاء وشددت هيئة التنسيق الوطنية المعارضة على أنها لن تشارك في أية حكومة أو انتخابات برلمانية أو رئاسية إلا بعد تثبيت هيئة الحكم الانتقالية . الحكومة السورية، من جهتها، رفضت على لسان فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري امس فكرة فترة انتقالية لحل الأزمة في بلاده والذي قال أنها موجودة فقط في "أذهان من لا يعيشون على أرض الواقع" وان حكومته تتحدث عن حكومة موسعة وحوار وطني. الا انه اعرب بالمقابل عن اشادته بالبيان الصادر عن الاجتماع الاخير حول الأزمة ببلاده في فيينا والذي دعا الى هدنة على مستوى سوريا واستئناف المحادثات بوساطة الاممالمتحدة . وتأتي تصريحات المقداد بعد أيام على اجتماع فيينا الدولي بمشاركة 17 دولة معنية بالأزمة السورية وانتهى بنقاط توافق لكن بخلاف كبير حول مستقبل الاسد على ان يعقد اجتماع جديد خلال اسبوعين. يشار إلى أنه عقد اجتماع دولي في يونيو 2012 ضم ممثلين عن الدول الخمس الكبرى في مجلس الامن والاممالمتحدة وجامعة الدول العربية صدر عنه ما عرف ببيان (جنيف 1) الذي نص على تشكيل حكومة بصلاحيات كاملة من النظام والمعارضة تشرف على المرحلة الانتقالية. كما دعا بيان فيينا الأممالمتحدة إلى الشروع "بناء على بيان جنيف 2012 وقرار مجلس الامن الدولي رقم 2118 في جمع ممثلين عن الحكومة والمعارضة السورية من أجل عملية سياسية تؤدي إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وجامعة وغير طائفية يعقبها (وضع) دستور جديد وانتخابات ". الأزمة السورية ..التنافر والانشقاق مستمر بين واشنطنوموسكو واشنطن التي رأت علاقاتها تتدهور في وقت ما مع روسيا بسبب الأزمة بسوريا واتهامها بدعم النظام السوري في مواجهة المعارضة، لا زالت تبقي على نظرتها الرافضة ل"الوصاية الروسية " حيث اعلنت اليوم عن رفضها لان تحتضن روسيا للمحادثات السورية -السورية. كما اعتبرت ان اجتماع المعارضة السورية مع مسؤولين من الحكومة السورية في روسيا الأسبوع المقبل "يعتبرسابقا لأوانه، ولم يحن موعده بعد". وفي هذا الصدد قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، اليزابيث تروديو، أنه ب"الرغم من أن واشنطن تؤمن بأن الحل الدبلوماسي هو السبيل لإنهاء الأزمة السورية، إلا أنه من المبكر جدا أن تنخرط الجماعات المعارضة في المفاوضات". وأضافت "نعتقد أن هناك وقتا ومكانا محددا لكل شئ، وسيأتي اليوم الذي سيكون للجماعات المعارضة ممثل في المفاوضات بشأن سوريا ولكن لم يحن الوقت لذلك الآن" مشيرة إلى أن المفاوضات في فيينا "لم تسمح بعد لإجراء مفاوضات بين النظام السوري والمعارضة". وقالت المتحدثة "إن واشنطن تعتقد أنه من خلال العمل بما تم الاتفاق عليه في فيينا، سيأتي الوقت الذي يمكن للمعارضة السورية أن تتفاوض فيه ولكن هذا مبكر جدا، قبل اجتماع مجموعة فيينا مرة أخرى". عزم روسي للمضي قدما لتحقيق هدف دحر الارهاب بسوريا روسيا التي بدأت في ال 30 سبتمبر الماضي حملة عسكرية ضد ما يسمى بتنظيم "داعش" بسوريا استجابت لطلب الرئيس السوري بشار الاسد والتي نفذت في اطارها آلاف الطلعات الجوية، اكدت اليوم أن عملها في هذا الاطار سيتواصل حتى تحقيق هدف دحر الارهاب. وبلهجة قوية تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم وقال "لن يستطيع أحد إرهاب روسيا" وأن بلاده ستستفيد من الضغوط التي تمارس ضدها، لأنها تتيح إمكانية فريدة للتطور،لافتا في الوقت ذاته إلى أن موسكو تركز جهودها على التنمية الداخلية. جاء ذلك في تصريحات للرئيس الروسي خلال لقائه مع ممثلي المؤسسات العلمية والثقافية والدينية الاجتماعية لجمهورية داغستان في معرض أقيم بمناسبة مرور 2000 عام على إنشاء مدينة دربنت قال فيها ان الهدف الرئيسي لبلاده بما في ذلك ما يخص سوريا، هو محاربة الإرهاب معربا في المقابل عن استعداد روسيا "التعاون مع كل القوى التي تحارب الإرهاب بغض النظر عن الانتماء المذهبي". من جانبه أبلغ نائب وزير الدفاع الروسي، أناتولي أنتونوف، اليوم الاربعاء المشاركين في الاجتماع الثالث لوزراء دفاع اتحاد دول جنوب شرق آسيا المعروف (آسيان)، أن القوات الجوية الروسية ستواصل عمليات قصف مواقع الإرهابيين في أراضي سوريا حتى انتهاء القوات المسلحة السورية من عملياتها الهجومية على التنظيمات الإرهابية. وشرح إن "الطيران الروسي تمكن من القضاء على عشرات نقاط القيادة ومستودعات الذخيرة ومئات الإرهابيين وكميات كبيرة من الآليات الحربية".