أكد دبلوماسي جزائري يوم السبت أن الأوضاع في اليمن بعد مرور نحو سنتين من الصراع آيلة إلى الإنفراج سواء أمنيا أوسياسيا بالنظر الى الوعي الذي تبلور لدى اليمنيين أنفسهم من جهة ولدى المجتمع الدولي الذي استوعب أكثر من أي وقت مضى أن حل الأزمة لا يمكن أن يكون إلا سياسيا. وأوضح الدبلوماسي الجزائري أن المتتبع للأحداث في اليمن يمكنه ان يلمس الليونة التي بدت جلية سواء على الموقف الداخلي لأطراف الأزمة المتمثل في جماعة الحوثيين وأنصار جماعة الرئيس السابق علي عبد الله صالح أو لدى السلطات الشرعية المتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي أو لدى الاممالمتحدة ودول التحالف العربي. و يرجع هذا التحول في المواقف بعد تغير موازين القوى على أرض المعركة وذلك بعد أن تمكنت القوات الموالية للشرعية في البلاد (المقاومة الشعبية والجيش اليمني) بدعم مع قوات "تحالف عربي بقيادة السعودية" من إحراز تقدم واسترجاع 80 بالمائة من الأراضي اليمنية. كما أبرزت تصريحات المسؤولين السياسيين في الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين نيتهم الذهاب نحو مفاوضات جديدة /جنيف 2/ في الفترة الممتدة بين (10-15) نوفمبر الجاري بناء على دعوة من الأممالمتحدة حيث أن هناك قناعة واضحة لدى كل الاطراف ان "العودة الى المفاوضات ضرورية وأن الحل العسكري لم يعد يجدي نفعا و أن قرار مجلس الأمن رقم /2216/ هو مفتاح حل الأزمة". مكاسب عسكرية مهدت للبحث عن عملية سياسة في اليمن و قال الدبلوماسي الجزائري أن كل الاطراف اليمنية على رأسها جماعة الحوثيين وانصار الرئيس السابق ادركوا اليوم أنهم "خسروا المعركة" من الناحية العسكرية بعد ان تمكنت قوات الجيش والمقاومة الشعبية بمساعدة دول التحالف العربي من إسترجاع نحو 80 بالمائة من الاراضي اليمنية, بينما لازالت القوات تواصل تقدمها في شمال البلد سيما لتحرير بالكامل العاصمة صنعاء. وقد تمكنت العملية العسكرية بعد سبعة أشهر من انطلاقها إثر تسلح عناصر جماعة الحوثي واستيلائهم على مؤسسات الدولة وزحفهم في عدد من المحافظات من ايقاف هذا المد من جهة وتدمير المخزون العسكري لقوات صالح التي كانت تستولي على أكبر مخزون للسلاح في البلاد. وكان وزير الخارجية السعودي, عادل الجبير , قد أعلن مؤخرا عن قرب إنتهاء عاصفة الحزم في اليمن وأبرز أن وقف الخيار العسكري, الذي إعتبره الجبير كان "آخر الخيارات" بالنسبة إلى بلاده, كان من المفروض ان يتوقف بعد تحقيق شرطين أساسيين هما بلوغ جميع اهداف العاصفة او معظمها و إستسلام القوى المتمردة الى جانب التوصل الى إتفاق سياسي يرضي جميع الأطراف. وبالنظر إلى الواقع فقد تمكنت قوات التحالف من إسترجاع وبسط السيطرة الشرعية على العديد من الأراضي اليمنية سيما مدينة /مأرب/ النفطية وباب المندب اللذين يمثلان التحدي الأكبر لقوات التحالف في إنتظار تحرير محافظة تعز وسواحل البحر الاحمر من جهة اضافة الى المساعدة في عودة الحكومة اليمنية برئاسة خالد بحاح لمزاولة مهامها الرسمية من /عدن/ وأكدت أن الشرعية الدستورية افشلت الانقلاب. ويرى من جهته الدبلوماسي الجزائري أنه لا بد قبل الخوض في العملية السياسية من إعلان هدنة بين الأطراف المتناحرة شروطها سحب السلاح عبر مراحل مع إعطاء الأولوية لوقف الاقتتال داخل الأراضي اليمنية ووقف عاصفة الحزم, ليتم فيما بعد فتح المجال للشروع في العملية السياسية. وفي هذا السياق, أكد المصدر انه تم الإتفاق بين مختلف الأطراف الفاعلة في القضية على تنظيم مفاوضات في العاصمة السويسرية جنيف في الفترة الممتدة من (10-15) نوفمبر الجاري لبحث عن الآليات العملية لتنفيذ القرار الأممي 2216 الذي يسمح برسم خارطة الطريق ويؤسس لتشكيل حكومة وفاق وطني ويمهد الطريق لإجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية. ويلزم القرار 2216 الحوثيين وحلفائهم بوقف العنف والتخلي عن السلاح والانسحاب من المدن التي سيطروا عليها تباعا منذ منتصف العام الجاري. الجهود الدولية أعطت ثمارها في اليمن وسط تواصل معاناة اليمنيين عاد الدبلوماسي الجزائري المختص في الشأن اليمني ليتحدث عن الجهود الدولية المبذولة لحل الازمة اليمنية على رأسها الاممالمتحدة والتي بدأت تعطي ثمارها بعد لقاءات ماراطونية قادها مبعوثها الخاص الجديد, اسماعيل ولد الشيخ, الذي لديه خبرة واسعة في الاوضاع اليمنية, في مسقط طيلة الاشهر الماضية والتي تمخض عنها قبول كل الأطراف الخوض في العلية السياسية. وهو الأمر الذي أكده المسؤول الأممي بنفسه بعد ان أعلن مؤخرا عن "قرب إنفراج الأزمة في اليمن" مؤكدا أن "مفاوضات مسقط مستمرة ونسبة نجاحها كبير". وقد أبدى الرئيس الحالي الذي يمثل الشرعية في البلاد السيد عبد ربه منصور هادي موافقته للمشاركة في المفاوضات مع الحوثيين التي دعت اليها الاممالمتحدة اواخر الشهر الماضي في محاولة لحل الازمة والتوصل الى حل لإستعادة المسار السياسي الإنتقالي إستنادا الى قرار مجلس الامن 2216 ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية. وكان مبعوث الأممالمتحدة إلي اليمن قد دعا, في رسالة له, الرئيس عبد ربه منصور الذي يمثل الشرعية في البلاد للمشاركة في جولة جديدة من المفاوضات مع الحوثيين وحلفائهم بعد أن أكدت الجماعة إلتزامها بتنفيذ القرار 2216 . ومن جهة أخرى شكل تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن "دافعا ملحا" لوقف كل العمليات العسكرية في هذا البلد الذي تسبب الصراع الطائفي-الاقليمي فيه في كارثة إنسانية حقيقية. و في هذا السايق كان السيد اسماعيل ولد الشيخ قد شدد على ان الاوضاع مرشحة لبلوغ "مراحل الخطورة" خلال فترة قياسية ما لم تتم العودة السريعة الى سبيل محادثات السلام كخيار بديل ووحيد لانقاذ البلد الذي فقد اكثر من 10 آلاف شخص وإصابة 30 ألف آخر بينما قدر مسؤولون أن البلد بحاجة الى أكثر من 30 مليار دولار لاعادة اعماره. (بقلم: نوال قارة)