أهم ما ميز الرياضة الجزائرية سنة 2015 هي قضية المنشطات التي تفشت في مختلف الرياضات، وهو الأمر الذي حرك السلطات العمومية بقيادة وزارة الشباب والرياضة لوضع حد لهذه الظاهرة التي أخذت أبعادا خطيرة. فعلى الرغم من بعض النتائج الجيدة التي حققها الرياضيون الجزائريون خلال هذا العام، إلا أن "آفة" تعاطي المنشطات عكرت الجو الرياضي الوطني. وكانت أول حالة يتم اكتشافها في فبراير المنصرم مع المصارع عبد الكريم وكالي، الذي تم ضبطه "ايجابيا" بعد خضوعه للكشوفات من قبل لجنة الاستئناف التابعة للجنة الوطنية لمكافحة المنشطات، خلال البطولة الوطنية للمصارعة. ولم تتوقف الامور عند هذا الحد، حيث وبعدها بشهر تم اكتشاف حالة أخرى وذلك في رياضة الدراجات ويتعلق الامر بهشام شعبان، وهي القضية التي تأسف عليها مسؤولو الرياضة في الجزائر، سيما وأنه كان يحمل آمال هذه الرياضة وهو الفائز بدورة الجزائر الكبرى-2015. وتم كشفه بعد خضوعه مرتين للمراقبة في كل من قسنطينة وعنابة يومي 24 و 28 مارس لحساب دورة الجزائر الكبرى، ليتم نزع اللقب منه. ولم تتوان اللجنة المختصة في تطبيق القانون وتسليط العقوبة على كل من هشام شعبان وعبد الكريم وكالي بالايقاف لمدة اربع سنوات. "تلطيخ" كرة القدم الجزائرية بالمواد المحظورة لم يتوقف "تسونامي" المنشطات عند هذه الرياضات بل تعدى ذلك الى الرياضة الاكثر شعبية، ألا وهي كرة القدم. ولعل ابرز وأكثر القضايا التي عصفت بالساحرة المستديرة الجزائرية، قضية لاعب اتحاد الجزائر يوسف بلايلي، الذي توقفت مسيرته وهو في أوج عطائه، إثر كشفه تناول مواد محظورة. ووقع الخبر كالصاعقة على عشاق النادي العاصمي، خاصة وأن الامر لم يتوقعه أحد، ليقر بعدها اللاعب بتناوله للمنشطات، كما تخلى عن حقه في القيام بتحاليل عن العينة "ب". وتم اخضاع صانع ألعاب الاتحاد للمراقبة --التي كانت ايجابية-- عقب انتهاء مباراة فريقه امام مولودية العلمة (فوز 1-0) يوم 7 اغسطس الماضي في مرحلة المجموعات لمنافسة رابطة الابطال الافريقية ثم مرة أخرى يوم 19 سبتمبر أمام شباب قسنطينة في البطولة (فوز 2-0). وبعدما كان المختصون يرون فيه مستقبل الكرة الجزائرية وأن أبواب المنتخب الوطني باتت مفتوحة له، جاءت عقوبة الكنفدرالية الافريقية لكرة القدم و رابطة كرة القدم المحترفة بإبعاد ابن مدينة وهران، صاحب 23 عاما، عن الميادين لمدة أربع سنوات ما قد يضع حدا لمسيرته الكروية. بعدها بأيام فقط، اهتز الوسط الكروي الجزائري على وقع حادثة مماثلة كان "بطلها" وسط ميدان أمل الأربعاء، رفيق بوسعيد. وتم كشف اللاعب ذو 27 ربيعا عقب انتهاء مواجهة فريقه امام سريع غليزان (هزيمة 0-1) ضمن البطولة الوطنية، غير أنه برر ذلك بتناوله دواء وصفه له الطبيب بسبب التهاب اللوزتين. كما مست الظاهرة ايضا بطولة الرابطة الثانية ويتعلق الامر بنادي شبيبة سكيكدة و لاعبها نوفل غسيري الذي تم كشفه هو الآخر ايجابيا بعد مقابلة ناديه أمام جمعية الخروب التي لعبت بتاريخ 23 اكتوبر الفارط (هزيمة 0-1). وسلطت رابطة كرة القدم المحترفة عقوبة الايقاف لأربع سنوات على كل من بلايلي وبوسعيد وغسيري، حسب قوانين الاتحادية الدولية (الفيفا). في انتظار ما ستسفر عنه قضية اللاعبين نبيل حافظ، حسين مراكشي (اتحاد الكرمة)، عثمان بسعد و محمد طاهير حديبي (ترجي قالمة) الذين سيتم السماع اليهم يوم 28 ديسمبر بسبب الشكوك التي تحوم حول تعاطيهم للمنشطات خلال لقاء الدور ال32 من كأس الجزائر بين الفريقين. إصرار من السلطات العمومية للقضاء على الظاهرة أمام هذه الظاهرة "المخيفة" و الخطيرة على صحة الرياضيين، حاول المسؤولون التصدي لها بكل صرامة من خلال بعث حملة تجنيد واسعة للحد من تعاطي المنشطات التي أصبحت تهدد مصداقية الرياضة الوطنية. و كان وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي قد صرح سابقا : "هذه الوضعية من شأنها أن تجند مجموع الهياكل و الأطراف من خلال التدخل و تحمل المسؤولية بما فيها وسائل الإعلام التي تلعب دورا رئيسيا و محفزا من أجل الحفاظ على أخلاقيات الرياضة". ومن أجل تجسيد أقواله ميدانيا، سنت وزارة الشباب والرياضة قانونا جديدا للرياضة 13-05 المتعلق بتنظيم و ترقية النشاطات البدنية و الرياضية الذي يدعم أكثر المكافحة ضد تناول المنشطات. وأوضح المسؤول الأول على الرياضة في هذا المجال قائلا : " تترجم ثماني مواد و ثلاثة أحكام جنائية للقانون الجديد 13-05، بوضوح الإرادة الكبيرة لسلطات البلاد للتصدي، و بكل صرامة، لظاهرة تعاطي المنشطات". وقد تم يوم 8 أكتوبر الماضي، خلال يوم دراسي خصص لهذه "الآفة"، إبرام رسالة اتفاق حول القانون العالمي ضد تناول المنشطات بين ما لا يقل عن 26 اتحادية وطنية. من جهتها قررت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم مضاعفة عمليات الكشف عن تناول المنشطات حتى أنها طلبت من الأندية اعلامها بأماكن و أوقات اجراء الحصص التدريبية حتى يتمكن الأطباء من أخذ عينات بول اللاعبين المعنيين بالمراقبة. وكانت الجزائر التي تعد رائدة في ترقية خصال الممارسة الرياضية الخالية من كل شكل من أشكال الغش، قد وقعت عام 2005 على المعاهدة العالمية المتعلقة بمكافحة تعاطي المنشطات. في هذا السياق، تم تنصيب المركز الوطني ضد تناول المنشطات على مستوى المركب الأولمبي محمد بوضياف (الجزائر) لكن دون أن يشرع رسميا في مهامه. ولهذا قررت وزارة الشباب والرياضة تجميد كل المساعدات المخصصة لتسيير المركز، طالما لم يشرع بعد في عمله. ولم تبق اللجنة الأولمبية والرياضية الجزائرية في معزل عن "الحرب المسلطة على تناول المنشطات" إذ قام رئيسها مصطفى براف بإطلاق صفارة الإنذار عقب اللقاء الذي جمعه برئيس اللجنة الدولية الأولمبية توماس باخ عندما أكد أنه "ستتم معاقبة كل حالات تناول المنشطات بصرامة، وعلى الرياضيين توخي الحذر الشديد". وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قد أرسل مذكرة إعلامية نشرها على موقعه الرسمي، يهدف من خلالها الى تحسيس الأطباء و المدربين و الرياضيين الشباب و أقاربهم بخطورة و عواقب تعاطي المنشطات. ويتعلق الأمر بقائمة تتضمن 11 رسالة بسيطة تم اختيارها من طرف خبراء تسيير مكافحة المنشطات بالتنسيق مع الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، حيث قدم الفيفا نصائح قاعدية لكن هامة، على غرار التأكد من قائمة المواد الممنوعة، و تفادي المخدرات المروحة للنفس وتوخي الحذر بخصوص المكملات الغذائية، وطلب الاذن لتناول أدوية تحوي مكونات ممنوعة بغرض العلاج. وسيكون عام 2016 تحت شعار مكافحة تناول المنشطات بالجزائر وكذا على مستوى أعلى السلطات الرياضية العالمية.