يهدف قانون المالية 2016 الذي يأتي في ظرف صعب -والذي وقعه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة اليوم الأربعاء- إلى تحسين الموارد المالية للدولة وهذا بالحد من تبذيرها نظرا للتراجه الكبير لأسعار النفط دون المساس بأهداف النمو و لا التوازنات الإجتماعية. ويهدف هذا القانون الذي وصف من قبل مشريعه "بالعادي" جاء في سياق "غير عادي" إلى تسيير "حذر" للموارد المالية للبلد في سياق أزمة مالية ولكن بتوفير إطار مشجع لتفعيل الإستثمار المنتج الذي يبقى من أهم أولويات الحكومة كبديل لا مفر منه لسياسة الإقتصاد المبني على النفط. ونظرا لهذه الوضعية قلصت الدولة ب 9 بالمائة من نفقاتها خلال 2016 مقارنة ب 2015 في حين تتوقع زيادة ب 3ر1 بالمائة في عائدات ميزانيتها السنة المقبلة. وللمرة الأولى ستتجاوز الايرادات العادية (88ر3.064 مليار دج) الجباية البترولية (55ر1.682 مليار دج) و هو ما يعتبر كبداية للتنويع الإقتصادي. وتعتزم كذلك الدولة - التي تطمح لتنويع مواردها المالية على المدى المتوسط خصوصا بتجنيد المدخرات القابعة في البنوك و حصد رؤوس أموال السوق الموازية و إعادة تنشيط السوق المالية- جلب موارد إضافية لميزانيتها بإعادة تكييف بعض الرسوم. وبهذا يرفع القانون من 7 الى 17 بالمائة نسبة القيمة المضافة لكل من بيع البنزين الديازال و إستهلاك الغاز الطبيعي و الكهرباء الذي يتجاوز حد معين. وهو إجراء يهدف زيادة على ضمان موارد إضافية و كذلك الحد من تبذير الديازال و الذي يعتبر مادة مستوردة و مدعمة و تقليص الفارق بين سعره الحقيقي و سعر البيع و كذا الحد من تهريبه. ولكن لن تمس هذه الزيادات الطبقات الفقيرة من المجتمع الذي يعد بتقديم دعم تعويضي مقابل هذه الزيادات. كما يقترح القانون الرفع من قيمة قسيمة السيارات ما بين 16 و 40 بالمائة على حسب نوع المركبة و سنها و طاقتها. تحسين الاستثمار و دعم النمو وفيما يتعلق بالاستثمار يقترح مشروع قانون المالية 2016 اجراءات تحفيزية لتشجيع الاستثمارات خاصة المنتجة وتلك التابعة للصناعات الناشئة. تخص هذه الاجراءات خاصة تسهيل الحصول على العقار الاقتصادي والتمويل و كذا تبسيط الإجراءات الجبائية. وحسب مشروع القانون سيسمح للمتعاملين الخواص بتهيئة وتسيير مناطق النشاط والمناطق الصناعية و هي سابقة أولى في الجزائر. هذا الإجراء يضاف للجهود المبذولة من قبل السلطات لتطهير سوق العقار الصناعي الذي يعرف ظغوط كبيرة و مضاربات و التي ترمي من خلالها الحكومة لحل مشكل العقار الصناعي ما أجل تلبية الطلب عليه. وفي مجال الإستثمار دائما جاء قانون المالية 2016 بإجراء جديد (مادة 66 في مشروع القانون أصبحت 62 بعد التعديلات البرلمانية) و التي تسمح بفتح رؤوس أموال المؤسسات الإقتصادية العمومية للخواص الوطنيين المقيمين. ورغم الجدل الكبير الذي أثارته هذه المادة في البرلمان فقد تم الإحتفاظ بها في القانون بعد تعديلها. وجاء في الصيغة المعدلة للمادة المتعلقة بفتح رأسمال المؤسسات الاقتصادية العمومية ازاء المساهمة الوطنية "تلزم المؤسسات الاقتصادية العمومية التي تنجز عمليات شراكة بفتح رأسمالها الاجتماعي لفائدة المساهمة الوطنية المقيمة وفقا لما هو مرخص له قانونا و الاحتفاظ بنسبة 34 بالمائة من مجموع الأسهم او الحصص الاجتماعية". ويمكن "للمساهم الوطني المقيم امتلاك هذه الأسهم لمدة خمس سنوات. و بعد إجراء معاينة قانونية باحترام جميع التعهدات المكتتبة يمكن رفع امام مجلس مساهمات الدولة خيار شراء الاسهم المتبقية". وفي حال موافقة المجلس تتم عملية التنازل بالسعر المتفق عليه في ميثاق الشركاء او بالسعر الذي يحدده المجلس و التنظيم ويتمثل الهدف من هذا الاجراء الذي نص عليه قانون الاستثمار في 2001 ولكن جمد في 2009 في دعم المؤسسات العمومية الاقتصادية باشراك المتعاملين الخواص في اطار سياسة شاملة لتجديد الصناعة. كما يسمح القانون باللجوء الى التمويلات الخارجية عند الضرورة لتجسيد استثمارات استراتيجية بشكل مباشر او بالشراكة. ويطمح هذا الإجراء حسب المشرع الى تسهيل الولوج للتمويل بالنسبة للإستثمار مع تفادي المديونية الكلاسيكية الخارجية ما يعني ديون بين المتعامل الوطني و الأجنبي وليس بين الدولة و نظيرتها الخارجية. من جهة أخرى، حدد النص ب 30 بالمائة كنسبة للأرباح التي يجب إعادة إستثمارها و هذا كمقابل للتسهيلات المقدمة في إطار دعم الإستثمار. وعلاوة على ذلك ينص قانون المالية للعام المقبل على الاعفاء من قسيمة السيارات المركبات التي تسير بالغاز الطبيعي المضغوط وغاز النفط المسال كوقود بهدف تشجيع استعمال الوقود النظيف والمصنع بالجزائر. صرامة في الميزانية وينص مشروع القانون من جهة أخرى على خلق آلية للحفاظ على توازن الميزانية قادرة على "التمكن من تجميد أو إلغاء القروض في حالة ما اذا تسبب ذلك في تذبذب التوازنات العامة لقانون المالية أو توازن الميزانية". وهكذا يمكن سن "مراسيم تعديل" خلال السنة الجارية بناء على تقرير وزير المالية للتكفل --من خلال تجميد او الغاء القروض الموجهة لتغطية النفقات --بوضعية تعديل ضرورية في حالة تدهور التوازنات العامة كما تنص على ذلك المادة 70 من مشروع قانون المالية 2016 . ويهدف هذا الإجراء التي تم انتقاده بشكل كبير من قبل النواب الى الحذر في تسيير ميزانية الدولة في ظل تراجع أسعار البترول. كما ينص قانون المالية 2016 من جهة أخرى على اغلاق في نهاية 2017 ست (6) حسابات تخصيص خاص للميزانية موضحا بان كل حساب مغلق سيمنح لميزانية الدولة. وعلى صعيد آخر ينص القانون على مراجعة الاتاوة المفروضة على استغلال المجال العمومي الهيدروليكي للاستكشاف التجاري للمياه المعدنية و الطبيعية و مياه الينابيع. و من المنتظر اقرار اتاوات بنسبة 5 بالمائة و 2 بالمائة على التوالي للايرادات الخام من استغلال تجهيزات الحمامات (مياه حموية) و ايرادات بعنوان الاشتراكات (استهلاك البشري او الصناعي للمياه). كما ينص القانون على ضريبة متعلقة بجواز السفر بالنسبة للجالية الجزائرية بالخارج قدرها 6000 دج للجواز العادي أو 12.000 دج في حالة ما اذا كان الجواز يحمل 50 صفحة.