ودعت الجزائر اليوم الجمعة زعيمها الثوري و قائدها التاريخي، حسين آيت أحمد، الذي ستبقى ذكراه حية في القلوب و نضاله خالدا في صفحات التاريخ الوطني. فبمسقط رأسه بقرية آث يحيى، دائرة عين الحمام، بولاية تيزي وزو، ووري جثمان الراحل الثرى ليلتحق بوالدته التي سيجمعه بها للأبد قبر واحد، تحت أنظار جمع غفير من المواطنين الذين قدموا من مختلف أرجاء وطن لتوديع من دأبوا على مناداته بحميمية: "الدا الحسين". وقد شيع الفقيد إلى مثواه الأبدي مسؤولون سامون في الدولة وشخصيات وطنية وأجنبية وممثلون عن الأسرة الثورية والأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية، يتقدمهم رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة و الوزير الأول عبد المالك سلال والأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السعيد عبادو. و كان جثمان الراحل آيت أحمد قد سجي عشية دفنه، بمقر حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي أسسه سنة 1963 و الذي تحول منذ الإعلان عن وفاته بلوزان السويسرية إلى مزار لوفود المعزين من مواطنين و سياسيين و رسميين أبوا إلا أن يقدموا واجب العزاء. و قد أجمع الكل على خصال الفقيد و حبه اللامتناهي للجزائر، متوقفين عند محطات نضاله أثناء الثورة التحريرية في سبيل استرجاع الحرية و بعدها عقب الاستقلال في سبيل إرساء الديمقراطية. قامة تاريخية بأبعاد إنسانية وسياسية و كان رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة قد أكد في برقية تعزية وجهها إلى كافة أفراد أسرة الفقيد أن حسين آيت أحمد يعد "قامة تاريخية بأبعاد انسانية وسياسية أخذت لها مكانا واسعا في تاريخ النضال الجزائري، بل في تاريخ كل حركات التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار في العالم". وحيا الرئيس بوتفليقة "إخلاص الراحل لوطنه حيث كان حريصا على وحدة أمته،جريئا في مواقفه، وفيا لمبادئه، لطيفا في تعامله، بناء في انتقاداته، شريفا في معارضته لبعض المسؤولين الذين كثير ما اختلف معهم في نمط الحكم وأسلوب التسيير لا يساوم ولا يهادن في قضايا وطنه التي آمن بعدالتها و كافح من أجلها سحابة عمره". كما سجل بأن الجزائر فقدت برحيل آيت أحمد "رجلا من رجالاتها الذين خدموها بإخلاص واستمسكوا بالعروة الوثقى في كفاحهم من أجل تحريرها و كانوا منارة لجيلهم و للأجيال القادمة و قدوة حسنة يقتدى بها في الرأي و المبدأ و السلوك". وبإعلان وفاة أحد آباء الكفاح الوطني، توشحت الجزائر بالسواد في حداد وطني لمدة ثمانية أيام يعادل حداد رئيس دولة، أعلن عنه رئيس الجمهورية. رسميون و سياسيون و مسؤولون أجانب يرثون "الدا الحسين" و قد أبى العديد من المسؤولين إلا أن يتنقلوا إلى مقر جبهة القوى الإشتراكية الذي ضم بين حناياه جثمان الراحل بعد وصوله إلى أرض الوطن،على غرار وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية و التعاون الدولي رمطان لعمامرة و وزير الدولة مدير الديوان برئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، فضلا عن رؤساء الأحزاب السياسية بمختلف أطيافها وعدد كبير من رفقاء السلاح و ممثلي المجتمع المدني. كما أبرق كل من الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز و الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي و الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند و رئيس البنين بوني يايي والرئيس الموريتاني السابق محمد خونا ولد هيدالة إلى رئيس الجمهورية يعزونه في وفاة الراحل آيت أحمد. و قامت مساعدة كاتب الدولة للشرق الأوسط آن بيترسون بالتوقيع على سجل التعازي باسم الحكومة الأمريكية تكريما لهذا المناضل من أجل القضية الوطنية، فيما تنقل أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد بالولايات المتحدة إلى مقر سفارة الجزائر تكريما لهذا القائد التاريخي للتعبير عن تعاطفهم مع الجزائر التي فقدت إبنا بارا وأحد رموز المقاومة ضد الإستعمار.