بوجدور (مخيمات اللاجئين الصحراويين) - تكتسي زيارة الأمين العام الأممي, بان كي مون, المنتظرة يوم السبت المقبل لمخيمات اللاجئين الصحراويين "مرحلة جديدة على مسار تسوية النزاع في الصحراء الغربية", كما تؤكده مصادر صحراوية التي شددت أيضا على ضرورة فتح مفاوضات "جدية و مسؤولة" بين طرفي النزاع,المغرب و جبهة البوليزاريو, وفقا لدعوة السيد با كي مون بهذا الخصوص. فبعد مصادقة مجلس الأمن الدولي يوم الخميس الماضي على وثيقة يدعو فيها الأمين العام الأممي للتنقل للمنطقة قبل أبريل المقبل يقوم بان كي مون بأول زيارة له إلى المنطقة لبحث سبل الدفع بمسار التسوية لنزاع دام أكثر من 40 سنة في آخر مستعمرة في إفريقيا. وقد شرع السيد بان كي مون في جولته يوم أمس الثلاثاء حيث تنقل الى اسبانيا بالنظر للمسؤولية التاريخية التي يضطلع بها هذا البلد فيما يتعلق بالنزاع في الصحراء الغربية. و ستنقل بعدها الى بوركينا فاسو حيث سيلتقي سلطات البلاد التي أنجحت الانتقال السياسي السلمي, قبل أن شرع في صميم زيارته للمنطقة بزيارة موريتانيا ثم مخيمات اللاجئين الصحراويين و بعدها الجزائر. ففي مخيمات اللاجئين الصحراويين سيجري السيد بان كي مون محادثات مع الامين العام لجبهة البوليزاريو, محمد عبد العزيز, كما سيلتقي بالفريق الاممي العامل بالمخيمات وسيزور بعثة "مينورسو" المتواجدة ببئر لحلو بالصحراء الغربية. وكانت آخر زيارة من هذا المستوى إلى المنطقة لبحث النزاع حول الصحراء الغربية, قام بها الأمين العام الأممي السابق كوفي عنان في ديسمبر 1998 حيث قام بزيارة مدينة العيون المحتلة للاطلاع على ترتيبات إجراء استفتاء الصحراويين لتقرير مصيرهم وهو الإستفتاء الذي لم يتم إجراؤه لحد الآن. إلتزام أممي متجدد و حركية جديدة في التعاطي مع الملف الصحراوي وتترجم زيارة بان كي مون إلى المنطقة الإلتزام المتجدد لهيئة الأممالمتحدة, الذي لطالما عبرت عنه بشكل واضح و صريح, بالدعوة إلى ضرورة إيجاد سلمي حل لهذا النزاع بما يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفقا لمقتضيات الشرعية الدولية. ويتضح هذا الإلتزام الأممي من خلال الجهود الحثيثة التي بذلها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية, كريستفر روس, إلى المنطقة والذي قام خلال السنة المنصرمة بثلاث جولات إلى المنطقة (مارس سبتمبر و نوفمبر) سعى من خلالها إلى إقناع طرفي النزاع (المغرب و جبهة البوليزاريو) بالعودة إلى المفاوضات المجمدة منذ مارس 2012 بهدف إيجاد حل عادل لهذا النزاع. كما أن هذه الحركية الجديدة التي يتمتع بها بان كي مون تنم عن "تغير عملي في آليات التعاطي مع هذا النزاع" على المستوى الأممي لاسيما في هذه المرحلة المضطربة التي تعرفها المنطقة, حسب ما يؤكده الممتبعون. ففي آخر تصريح له في هذا الملف (نوفمبر 2015), تكلم الأمين العام الأممي بان كي مون بكل وضوح على أن "الوضع في شمال غرب أفريقيا يثير القلق بشكل متزايد فيما يقترب الصراع حول مستقبل الصحراء الغربية والمعاناة البشرية الناجمة عنه من عامهما الأربعين", داعيا إلى ضرورة وضع حد لهذا النزاع ل"يتمكن سكان المنطقة من التصدي للتحديات المشتركة". ولئن كان تصريح بان كي مون "سابقة من نوعه" في الملف الصحراوي, فإنه يؤكد على المنطلقات التاريخية والقانونية التي تؤطر هذه القضية ب"كون الصحراء الغربية ليست أرضا مغربية وأن وضعها النهائي لا زال مرتبطا بتصفية الاستعمار عن طريق تمكين الشعب الصحراوي من حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال", حسبما أكده آنذاك الرئيس الصحراوي, محمد عبد العزيز. مناورات الرباط تفضح نواياها غير السليمة وتأتى جولة بان كي مون هذه, على الرغم من العراقيل التي يضعها المغرب أمام الجهود الأممية الرامية إلى بعث مسار التسوية السلمية لهذا النزاع. حيث تحاول الرباط حسبما أوضحه ممثل جبهة البوليساريو لدى الأممالمتحدة احمد بخاري تأخير هذه الزيارة إلى ما بعد الاجتماع السنوي الدوري حول ملف الصحراء الغربية الذي يعقده مجلس الأمن الدولي في أبريل القادم. وبهذا الخصوص, يقول السيد بوخاري أن "السلطات المغربية لا تريد أن يكون لهذه الزيارة علاقة مع التقرير المقبل حول الصحراء الغربية" الذي من المفروض أن يقدمه بان كي مون إلى مجلس الأمن في الأسبوع الأخير من شهر ابريل المقبل للمصادقة عليه و إتخاذ قرار تمديد مهمة بعثة الأممالمتحدة في المنطقة (المينورسو) لسنة أخرى. ويوضح المسؤول الصحراوي قائلا "أنها إستراتيجية معروفة للمغرب وهي توقيف أي تقدم في الملف الصحراوي خلال عهدة بان كي مون التي أشرفت على نهايتها" خاصة في ظل قناعته الراسخة بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفق ما تقتضيه الشرعية الدولية. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد دعا إلى ضرورة البحث عن تسوية مبكرة للنزاع بالصحراء الغربية وذلك في تقرير عاجل قدمه شهر أغسطس الماضي حمل من خلاله المغرب مسؤولية عرقلة جهود الأممالمتحدة للتوصل إلى حل عادل للقضية الصحراوية. وضع حقوقي مزر في الأراضي الصحراوية المحتلة كما يشكل الوضع الحقوقي الذي يعيشه الصحراويون العزل في الأراضي الصحراوية المحتلة جانبا مهما من هذه الزيارة الأممية خاصة في ظل غياب أية آلية لمراقبة حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة التي تعرف حصارا أمنيا و إعلاميا خانقا تفرضه الرباط. وفي ظل عدم قدرة بعثة "المينورسو" على ضمان إحترام حقوق الشعب الصحراوي على أراضيه المحتلة, تمعن دولة الاحتلال المغربي في "سياسة قمعية شاملة ضد الشعب الصحراوي دون أن تقيم أدنى وزن للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني", كما تؤكده باستمرار هيئات دولية و منظمات حقوقية عالمية. أكثر من ذلك, فقد منعت السلطات المغربية منذ مطلع السنة الجارية أكثر من 70 مراقبا مستقلا و ناشطا حقوقيا من أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية, كانوا متوجهين إلى الأراضي الصحراوية المحتلة, و ذلك للتستر على فضائحها الحقوقية في هذه المناطق الخارجة عن نطاق الرقابة الحقوقية الدولية . وفي مدن الداخلة السمارة أو العيون المحتلة لم يسلم الصحراويون المسالمون من وحشية قوات الاحتلال المغربي التي شنت حملات قمعية شرسة بحق المتظاهرين السلميين المطالبين بتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والاستقلال والتمتع بثرواته الطبيعية. كما تحرم سلطات الإحتلال السجناء السياسيين و الحقوقيين الصحراويين من أبسط حقوقهم الإنسانية في العلاج و الزيارة العائلية و المحاكمة العادلة وهو ما دفع العديد منهم إلى خوض إضرابات متكررة عن الطعام كطريقة للتنديد بوحشية التعامل معهم. جدير بالذكر أن الصحراء الغربية مسجلة منذ سنة 1966 على قائمة الأقاليم غير المستقلة وبالتالي المعنية بتطبيق اللائحة رقم 1514 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تنص على منح الاستقلال للبلدان و الشعوب المستعمرة و هي تعد آخر مستعمرة في إفريقيا والمحتلة من المغرب منذ سنة 1975.