تبقى برامج الأحزاب السياسية المقترحة في اطار الحملة الانتخابية تحسبا لتشريعيات الرابع مايو "متقاربة" فيما بينها لكن "سطحية" في مسألة التخلص من التبعية للمحروقات و الانتقال الطاقوي حسب اراء ملاحظين و خبراء. تعتبر جبهة التحرير الوطني في برنامجها الانتخابي أن الطاقة هي "مصدر حيوي" ترتكز عليه كل القطاعات الإقتصادية و لهذا و نظرا للتراجع المستمر في الإنتاج البترولي الوطني و إرتفاع الطلب الداخلي بسبب الطلب المتزايد للسكان على الطاقة يشجع الحزب الإستثمار في ميادين الطاقة المتجددة و تحقيق مشاريع جديدة بالشراكة مع متعاملين أجانب لإعادة إطلاق القطاع الذي يحتاج الى "قفزة في مجال البحث العلمي لبلورة تقنيات تمكن من تنويع مصادر الطاقة دون إلحاق أضرار بالمحيط". ويقاسم التجمع الوطني الديمقراطي هذا الرأي حيث ذكر في برنامجه التشريعي أن "الإستهلاك الداخلي للبترول و الغاز في تزايد مستمر في حين من المرتقب ان يتراجع إنتاج هذه المواد". و للمحافظة على الإستقلال الطاقوي الوطني يقترح حزب أحمد أويحي, "اضافة على زيادة إستكشاف المحروقات التقليدية, تكثيف موارد طاقة جديدة". كما يقترح التجمع الوطني الديمقراطي في برنامجه تطوير الطاقات المتجددة خصوصا الشمسية بإستثمارات عمومية و خاصة و تحفيزات جبائية و مالية من قبل الدولة و إستكشاف و تقييم آبار الغاز و البترول الصخري مع السهر على المحافظة على المحيط و صحة السكان و كذا دعم الإستثمار العمومي أو الخاص في البتروكيماويات للمزيد من التثمين للمحروقات على المستوى الوطني. من جهتها, دعت جبهة المستقبل الى إنشاء وكالة خاصة لإنجاز اهداف الانتقال الطاقوي تكون اهم اداة للدولة لتحقيق أمثل لإستراتيجياتها الوطنية للتنمية المستدامة, مقترحة أن يتم المزج خلال فترة الانتقال الطاقوي بين الطاقات الأحفورية (بترول و غاز و فحم) و الحلول البديلة كالطاقات المتجددة و هذا ما يمثل المزيج الطاقوي. من جهته, يرى التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية أن الجزائر هي حاليا في "مرحلة تراجع العرض" نظرا لإنخفاض موارد المحروقات و انفجار الطلب الداخلي على الطاقة, معتبرا أن "أزمة الموارد الأحفورية لا تخص فقط الأجيال القادمة بل هي قضية حالية". و قال الحزب انه "في انتظار إعادة توازن المحروقات في ديناميكية مناسبة بين ضرورة الإستفادة من الطاقة لصالح الجميع و حتمية إمتصاص العجز", يقترح وضع سوق "للفعالية الطاقوية و الطاقات المتجددة (الشمسية و الهوائية)" يقوده في مرحلة أولى الطلب العمومي و الذي ينجم عنه "شهادة الفعالية الطاقوية". عقلنة كما يرى تحالف حركة مجتمع السلم-جبهة التغيير في برنامجه انه يجب التخطيط و إدارة برنامج طاقوي "ناجح" في حدود 2030 من خلال إعداد دراسات جدوى لإستغلال أصناف الطاقة التقليدية و غير التقليدية الجديدة و المتجددة و كذا إعداد و تحيين الخارطة الطاقوية و المنجمية و تفعيل الصندوق الخاص بالطاقات المتجددة لتشجيع و تطوير وسائل البحث في الطاقات المتجددة. و شدد برنامج التحالف على ضرورة تحقيق الإكتفاء الداخلي عن طريق الطاقات المتجددة (خصوصا الطاقة الشمسية) و غير التقليدية (كالغاز الصخري مع ضرورة المحافظة على البيئة) و تسخير الطاقة التقليدية (البترول و الغاز) للتصدير, هذا مع تطوير و تفعيل المجلس الاعلى للطاقة و تحفيز الإنتاج الطاقوي المنزلي من المصادر المتجددة و العمل على إنشاء التعاونيات الطاقوية و الأحياء البيئية. و في تصريح لوأج حول مقترحات الأحزاب السياسية فيما يخص السياسة الطاقوية الوطنية يرى البروفيسور محمد شريف بلميهوب "تقاربا كبيرا في البرامج حول هذه المسألة", خصوصا في موقفها من "أهمية المحروقات في التطور الإقتصادي و الإجتماعي للبلد و النفاذ على المدى المتوسط للموارد التقليدية الممكن إستغلالها". "تفطنت الأحزاب السياسية الى أن الإستهلاك الداخلي أصبح من غير الممكن إستيعابه و لهذا تقترح جميعها بصفة الجزم مثل التجمع الوطني الديمقراطي الذهاب الى المحروقات الصخرية, أما الأحزاب الأخرى الاكثر تحفظا فتناولت موضوع الذهاب الى الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية", حسبه. لكن يضيف الخبير الإقتصادي, تبقى الأحزاب "سطحية حول هذا الموضوع المتشعب" مشيرا الى ان الاحزاب "في منطق رفع العرض من الطاقة في حين ان المشكل يكمن في الطلب المرتفع", مضيفا ان الاحزاب "لا تقترح ترشيد الإستهلاك من خلال رفع الاسعار لأن الموضوع حساس". "الاحزاب الوطنية تتبع نفس الإيديولوجية و هي نيل إعجاب المواطنين حتى و إن كان الخطر قريب ما يشير الى أن الشعبوية في تواصل عندنا". في المقابل, قال السيد بلميهوب أن الأحزاب "لا تقترح أي فكرة دقيقة حول النجاعة الطاقوية" لكن يرى بأن التجمع الوطني الديمقراطي و التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية "برزا قليلا" عن بقية الاحزاب, بما أن الأول "مع سياسة التنقيب و البحث عن الطاقات الأحفورية غير التقليدية ما يمثل العقلنة في حين يحاول الثاني محاربة التبذير و التي تعتبر كذلك خطوة تفيد عقلنة الإستهلاك".