أكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان, بوزيد لزهاري, يوم الأربعاء أن الحراك الشعبي لسنة 2019 كان "خطوة الى الأمام" في مجال تكريس حقوق الانسان في الجزائر, داعيا الى ايجاد آليات و ميكانيزمات تضمن عدم انتهاك هذه الحقوق. وأوضح السيد لزهاري في حديث خص به "وأج", غداة تقديمه للتقرير السنوي لعام 2019 لحقوق الانسان في الجزائر الى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن التقرير "توصل الى نتيجة مفادها أن الحراك الشعبي اتسم بالسلمية و بمشاركة طوعية للمواطنين الذين طالبوا بتكريس حقوق الانسان على أرض الواقع تطبيقا لما هو منصوص في المادتين 7 و8 من الدستور". وشدد على أن مسار حقوق الانسان في الجزائر العام الماضي كان "عملية متواصلة و خطوة إلى الأمام في مجال تكريس هذه الحقوق" لأن الشعب --كما قال-- "قام بحراكه ولم يقمع بل وجد مرافقة من الجيش الوطني الشعبي". وكشف أن التقرير أوصى بتمكين المواطنين من حق التظاهر السلمي شريطة احترام قوانين الجمهورية, من خلال اعتماد التصريح المسبق وليس الترخيص بالتظاهر, منوها بالمناسبة بالاقتراح المتضمن في مشروع تعديل الدستور في هذا الصدد . "المهم في التقرير --حسب السيد لزهاري-- هو ايجاد آليات وميكانيزمات التظلم ووسائل الانتصاف ووسائل جبر الضرر في مجال حقوق الانسان لتطبيقها فعليا على أرض الواقع", معتبرا أن القضاء "يبقى حامي حقوق وحريات الناس ثم المجلس و ثم الألية الجديدة وهي الدفع بعدم الدستورية". وأكد رئيس المجلس على أن رئيس الدولة "متشبع" بثقافة حقوق الانسان وأنه شدد على أن هذه الحقوق "سوف تكون في لب كل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والنهج الذي تتبعه الدولة في هذا المجال", مبرزا أن تكريس حقوق كل الجزائريين لا سيما في مناطق الظل ومن ثم "عدم التمييز بينهم". اقرأ أيضا: تبون مشبع بثقافة الحفاظ على حقوق المواطن "كما لمسنا في رئيس الدولة --يضيف المتحدث-- رغبة ملحة في أن يكون مطلعا على كل ما يتعلق بالنقائص الموجودة في مجال حقوق الانسان من أجل تجاوزها في ظل ارساء أسس الجزائر الجديدة. و نوه السيد لزهاري بالمناسبة بمسعى الاهتمام بمناطق الظل عبر الوطن حيث أكد بأنها "نظرة موفقة" في كيفية التعامل مع التفاوت الموجود بين المواطنين الجزائريين. و أكد السيد لزهاري أن التقرير السنوي يتضمن 331 توصية الى مختلف السلطات العليا , مشيرا الى أن القانون 16 - 13 المؤرخ في 3 نوفمبر 2016 يعطي للمجلس صلاحية الاقتراح على الحكومة لكل ما نراه يخدم مصلحة الأمة في شتى الجوانب التي تمس حقوق الانسان بما فيها اقتراح المصادقة على اتفاقات دولية معينة تخدم مصلحة الجزائر". و من بين الاقتراحات التي تقدم بها المجلس أشار الى الدعوة للمصادقة على اتفاقية الاختفاء القسري "في اطار الجزائر الجديدة" لافتا الى أن تقرير ادارة الدولة الأمريكية الأخير حول حقوق الانسان في العالم, ابرز أن الجزائر "خالية من القتل خارج القانون و من الاختفاءات القسرية" و اعتبره امرا "ايجابيا". وعن القيود التي يمكن أن تحد من الحريات السياسية والمدنية للمواطنين, قال السيد لزهاري بأن التقرير اختصرها في خمسة قيود "محددة دوليا" وهي من الضروري أن لا تمس بسمعة وكرامة الاخرين وبالحفاظ على النظام العام وبالأمن الوطني وبالصحة العامة وبمتطلباتها وبالأخلاق العامة. واكد السيد لزهاري أنه "يحق" على كل من يرى أنه أو عائلته قد تم اعتقاله بصفة تعسفية ومخالفة للقانون أن يقدم شكوى لدى المجلس الذي يراسل رسميا الجهات المعنية بالأمر, مشيرا بالمناسبة الى أن المجلس "ليس تابعا لأي جهة وهو متواجد لحماية حقوق الانسان ورعايتها". اقرأ أيضا: الجزائر ضحية لقضية الاتجار بالبشر نظرا للأزمات بالمنطقة وكشف في ذات الوقت أن هيئته "تلقت السنة الفارطة حوالي اكثر من 1000 شكوى تغطي مختلف المجالات لا سيما تلك المرتبطة بالسكن وقضايا العدالة", مشيدا في هذا السياق بالاستجابة "السريعة" لمصالح وزارة العدل لطلبات المجلس بخصوص تحويل المساجين من سجن الى اخر "مراعاة لظروف عائلاتهم". ولم يفوت السيد لزهاري الفرصة لينوه بالجيش الوطني الشعبي والأمن والدرك الوطنيين الذي قال عنهم أنهم من بين الجهات "الأكثر انضباطا" في التعامل مع مراسلات المجلس, اضافة الى وزارة العدل التي -- كما قال-- "تغيرت ممارستها ومعاملتها معنا بعد الحراك الشعبي حيث أصبحت أكثر مرونة وشفافية في ردها على مراسلات المجلس فيما يخص حقوق المساجين". وفي رده عن سؤال حول توقيفات طالت صحفيين ونشطاء سياسيين في الفترة الأخيرة, قال السيد لزهاري بأن هؤلاء الاشخاص "مدعوون لمراسلة المجلس عندما يرون بأنهم اعتقلوا بصفة تعسفية و في ظروف غير طبيعية حينئذ سوف نتدخل". غير أنه دعا هؤلاء الى عدم اللجوء الى جهات أجنبية "ممن يريدون استغلال هذه الوضعيات للتدخل في شؤون الجزائر الداخلية", مشددا على أنه "يمنع ادخال الصحفي الى السجن بسبب آرائه لكن اذا انخرط في جرائم أخرى فذلك أمر اخر".