يعد إطلاق جبهة البوليساريو لاستراتيجية شاملة لكسر حالة الجمود التي تشهدها القضية الصحراوية، دليلا واضحا على عدم استعدادها للقبول بتكريس الأمر الواقع، حسبما أكدته الباحثة وأستاذة القانون وحقوق الإنسان بجامعة "دويستو" بإقليم الباسك، ماريا لوبيث بييوسو. وأوضحت الأكاديمية الإسبانية - في مقال تحليلي نشر أمس الأحد، على الموقع الإلكتروني الصحراوي "البوابة الدبلوماسية" - أنه وبالموازاة مع حالة اللامبالاة التي تتبناها الأممالمتحدة والمجتمع الدولي بصفة عامة والمغرب كطرف للنزاع تجاه قضية الصحراء الغربية، أطلقت جبهة البوليساريو إستراتيجية شاملة لكسر الجمود (...) الأمر الذي يظهر بشكل واضح عدم استعداد الجبهة للقبول بتكريس الأمر الواقع". إقرأ أيضا: الصحراء الغربية: "إيكوكو" و"إيبسو" تستعدان لإطلاق مبادرة جديدة دعما لحقوق الشعب الصحراوي وأشارت في هذا الصدد، إلى أن جبهة البوليساريو - الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي - أعلنت مؤخرا عن قرارها الشروع في خطة لبناء وإعمار "الأراضي المحررة"، تطبيقا للرهان التقدمي القاضي بتعزيز حضور ومكانة "الأراضي المحررة". وقالت بييوسو، أن استراتيجية جبهة البوليساريو لكسر حالة الجمود التي تطبع النزاع، قد عززت من معركتها القانونية التي تخوضها خلال السنوات الأخيرة من خلال تقديم طعون قانونية عدة، منددة بالاستغلال غير الشرعي لموارد الإقليم الطبيعية وبالمساس بالوضع القانوني للإقليم غير المحكوم ذاتيا. وتعود الكاتبة في مقالها، إلى الحدث الذي طبع المشهد الصحراوي مؤخرا، والمتمثل في الإعلان عن تأسيس "الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي"، في الأراضي المحتلة، من قبل المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان أميناتو حيدار، والذي ترى فيه "رهانا واضحا لخلق حركة ترافع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره من داخل الأراضي المحتلة". وخلال القراءة التي أجرتها في البيان التأسيسي للهيئة، تؤكد الأكاديمية، أن الإشارة إلى الميثاق الإفريقي لحماية حقوق الإنسان، "يهدف إلى التذكير بأن المغرب يتعايش داخل الاتحاد الإفريقي مع الجمهورية الصحراوية، العضو المؤسس للمنظمة القارية الإفريقية، وهي المنظمة التي ما فتئت تؤكد على الطابع الاعتباري للجمهورية الصحراوية وشرعيتها كعضو بالمنظمة، علاوة على مرافعتها عن حق تقرير مصير الشعب الصحراوي كحل للنزاع". ومنذ الإعلان عن تأسيس الحركة، تضيف كاتبة المقال، أطلقت السلطات المغربية حملة مضايقات ضد السيدة حيدار ومدافعين آخرين عن حقوق الإنسان، تضاف إلى حالات القمع والاضطهاد التي يتعرض لها نشطاء حقوق الإنسان في المناطق المحتلة، "مما يؤكد أهمية حماية حقوق الإنسان ضمن أجندة الصراع، ويظهر مجددا الحاجة إلى توسيع صلاحيات بعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) في انتظار قرار التمديد لمأموريتها هذا الشهر، وتوفير حماية فعالة للمدنيين الصحراويين من قبل الآليات الدولية". سعي إلى تكريس الاحتلال في ظل انحياز دولي فاضح وتوضح كاتبة المقال، أنه بالموازاة مع الجهود الصحراوية المذكورة، يحاول المغرب تكريس احتلاله للإقليم، الأمر الذي ظهر جليا من خلال تدشين قنصليات عدة والإعلان عن بنى تحتية جديدة بالإقليم. وعلاوة على تلك البنى التحتية، تضيف الباحثة والأكاديمية، فقد تم الإعلان عن تشريعين شهر يناير الفارط يتضمنان ترسيم الحدود المائية الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الحصرية، بما في ذلك المياه المتاخمة للسواحل الصحراوية، ما يمثل "خرقا جديدا للوضع القانوني للإقليم غير المحكوم ذاتيا". كما تشير السيدة بييوسو، إلى أن ثغرة الكركرات تعد منطقة أخرى مهمة في معركة السيطرة على الإقليم والحصول على شرعية دولية، فهذا الممر الحدودي - الذي يعتبر منطقة عازلة بموجب الاتفاق العسكري المبرم بين جبهة البوليساريو والمغرب - "تحول إلى ثغرة مهمة منذ أن جعل منه المغرب في العام 2016 واحد من أكبر الممرات غير القانونية المراقبة في العالم". إقرأ أيضا: المغرب يصعد من سياسة العزل والمضايقات بحق الصحراويين ببجدور المحتلة وتؤكد في ذات السياق، أن "المجموعة الدولية تبدوا بعيدة عن القيام بدورها كوسيط محايد للنزاع"، ويظهر ذلك جليا، من خلال التغييرات اللغوية البارزة، التي أقصت الإشارة الواضحة إلى الاستفتاء كحل للنزاع، وتجنبت القيام بدور أكثر فعالية في الالتزام بالقانون الدولي. وبات هذا الموقف "الذي يشكل انحيازا فاضحا لمصالح الاحتلال" ، واضحا منذ استقالة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، السيد هورست كوهلر في مايو 2019 - حيث " مضى أكثر من عام على استقالته دون أن يكلف الأمين العام نفسه عناء تعيين خلف له"، توضح كاتبة المقال. وبالرغم من ذلك، تتوقع كاتبة المقال أن تمارس دولة جنوب إفريقيا - المعروفة بمواقفها الداعمة للصحراء الغربية - خلال رئاستها الدورية لمجلس الأمن الدولي شهر ديسمبر المقبل، الضغط من أجل مواصلة المفاوضات التي أطلقها المبعوث الأممي المستقيل هورست كوهلر، الرامية إلى حل النزاع في إقليم الصحراء الغربية. وفيما يتعلق بدور إسبانيا كقوة مديرة للإقليم، والتي تتمسك بموقفها المتمثل في "الحياد الفعال"، وتدعو إلى احترام لوائح الأممالمتحدة، مع التمسك بالبحث عن "حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين"، متجاهلة الإشارة إلى حق الشعب الصحراوي في تقير مصيره، تستشهد كاتبة المقال، بقراءة البروفيسور الإسباني، المهتم بالشأن الصحراوي، خوان سورويطا ليسيراس، الذي يشير إلى أنه قانونيا لا يوجد مفهوم يسمى ب"الحياد الفعال"، وأن من يرافع عن ذلك المفهوم "لا يؤيد تطبيق القانون"، كما هو واضح في وضع الصحراء الغربية بل "يشجع على انتهاكه"، ويؤكد في هذا الصدد، أن "الحياد الفعال" لإسبانيا لا يعدو كونه "تحيز مفضوح" يفسره الدعم الصريح لمواقف المغرب.