انتقدت عدة أوساط بالمغرب نية تغاض الحكومة على الرشوة المستشرية في المملكة بعد أن رفض رئيسها ،عزيز أخنوش، تخصيص، ضمن ميزانية الاستثمار لرئاسة الحكومة برسم السنة المالية 2022، أي اعتماد مالي للوقاية من هذه الآفة ومحاربتها. فبعد السيل من الانتقادات التي تلقتها الحكومة المغربية برئاسة أخنوش بخصوص القانون الجنائي لتجريم الاثراء غير المشروع وسحبها للمشروع الذي يضم بندا يخصه، أثار عدم تخصيص أخنوش، ضمن ميزانية الاستثمار لرئاسة الحكومة برسم السنة المالية الجديدة، أي اعتماد مالي للوقاية من هذه الآفة ومحاربتها، كثيرا من التساؤل فيما اذا كان هذا بمثابة "اعلان واضح للمضي في مسار التطبيع مع الفساد بما ينذر بأوضاع لا تحمد عقباها، اقتصاديا و اجتماعيا وسياسيا ومؤسساتيا". وكتبت الجريدة الإلكترونية "مدار 21" : "خصص رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، ضمن ميزانية الاستثمار لرئاسة الحكومة برسم السنة المالية 2022، صفر درهم كاعتماد مالي للوقاية من الرشوة ومحاربتها". وأضافت أن أخنوش رفض تخصيص اعتمادات مالية ضمن نفقات التسيير المتعلقة بميزانية رئاسة الحكومة برسم 2022، لمصاريف تسوية وتنفيذ الأحكام القضائية والقرارات الإدارية. وكان فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، اكد ان مشروع القانون المالي الجديد "لم يتخذ أي إجراءات وتدابير للقضاء على مظاهر الفساد والريع والرشوة وسوء حكامة تدبير الموارد والقطع مع مظاهر البذخ والإسراف المستنزفة للمالية العامة والقضاء على التهرب الضريبي، ولم تتخذ أي تدابير عملية كفيلة بتنظيم القطاع غير المهيكل الذي لا يزال يشكل السمة الأساسية للنسيج الاقتصادي، ويزيد من هشاشة عالم الشغل". كما لم يتضمن مشروع قانون المالية أي إجراء لتحسين القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم المواطنين ولا ميزانية كافية لأهم القطاعات الاجتماعية والحيوية. وفي هذا الشأن، أكد فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، إن مشروع القانون المالي "واصل نهج الحكومات السابقة في التملص من وظيفتها الاجتماعية في التشغيل"، موضحا ان ذلك "يتبين جليا من خلال تجميد التوظيف بالعديد من القطاعات العامة، وتعويضه ببرنامج الأشغال العمومية الصغرى والكبرى في إطار عقود مؤقتة، عبر إحداث 250.000 منصب شغل، مما سيكرس الهشاشة والعمل غير اللائق". كما سجل الفريق عدة ملاحظات حول مشروع قانون المالية لسنة 2022، إذ قال إن الحكومة اعتمدت مقاربة أحادية في إعداد وصياغة هذا المشروع دون إشراك الحركة النقابية بقيادة الاتحاد المغربي للشغل. وأضاف أن المشروع "لم يتضمن أي إجراء لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين من قبيل تخفيض الضريبة على القيمة المضافة وتسقيف أسعار بعض المواد الأساسية على سبيل المثال، كما أنه لم يعمل على توسيع الوعاء الضريبي عبر تضريب الثروات ومراجعة سياسة الإعفاءات والامتيازات للمقاولات غير المواطنة، وكبار الملاكين والبرجوازية". للتذكير، كانت الحكومة المغربية سحبت بداية شهر نوفمبر الماضي، مشروع تعديل القانون الجنائي، الامر الذي واجه انتقادا شديدا من جانب المعارضة وفعاليات المجتمع المدني، باعتبار أنه يضم بندا يجرم الإثراء غير المشروع، حيث اعتبرت هذا السحب إشارة من الحكومة الجديدة إلى أن مكافحة الفساد "ليست من أولوياتها". وواجهت حكومة أخنوش، منذ أسابيعها الاولى، غضب الشارع المغربي، حيث أرجع البعض ذلك "لضعف مشروعيتها و لظروف تعيينها"، الى جانب ان الأعيان "اللاسياسيين" اصبحوا يسيطرون على البرلمان الجديد، مما ولد مخاوف من تقوي المنظومة الاقتصادية "الريعية" وتدهور أكبر لظروف الفئات الهشة. ولقد كانت نتائج الانتخابات الثلاثية (تشريعية-جهوية-جماعية) مخيبة لآمال القوى التاريخية المعارضة للنظام، بعد أن فاز فيها حزبان ملكيان، الأول هو التجمع الوطني للأحرار (102 مقعدا بمجلس النواب) والذي أسسه النظام نهاية السبعينيات ووضع على رأسه أحمد عصمان، صهر الملك الراحل الحسن الثاني، وكان يتقلد منصب الوزير الأول آنذاك. أما الحزب الذي حل ثانيا فهو الأصالة والمعاصرة (86 مقعدا)، والذي لا بد من الإشارة إلى أن النظام أخرجه للوجود نهاية عام 2008 ليفوز بالانتخابات البلدية أشهرا بعد ذلك.