أولاد جلال أكد مشاركون في ندوة تاريخية يوم الخميس بالدوسن (ولاية ولاد جلال) حول انتفاضة واحة العامري 1876 التي وقعت أحداثها ببلدية الغروس بولاية بسكرة أن قمع الاستعمار الفرنسي لتلك الانتفاضة الشعبية يعد "جريمة متواصلة ضد الإنسانية". و أوضح الباحث في تاريخ المقاومات الشعبية، الدكتور العرافي إبراهيمي خلال هذا اللقاء الذي احتضنته دار الشباب لبلدية الدوسن (20 كلم شمال أولاد جلال) أن السلطات الفرنسية، كشفت في تعاملها آنذاك مع السكان المنتفضين وقادة الانتفاضة عن "وحشية وسياسة ممنهجة في الإبادة لا زالت نتائجها مستمرة إلى اليوم". و ذكر في ذات السياق أنه بالإضافة إلى جرائم الحصار و التقتيل وحرق واحات النخيل والاستيلاء على ممتلكات السكان، قام الاحتلال الفرنسي بتهجير سكان الواحة من مناطقهم إلى مناطق بعيدة عبر العالم من بينها كاليدونيا الجديدة وكورسيكا، حيث عانوا الويلات هناك ولا يزال أحفادهم يعانون جراء ذلك. و أضاف أن تلك الانتفاضة الشعبية التي كانت تعبيرا عن رفض قاطع للوجود الاستعماري، حيث حاول قائدها امحمد بن يحيى تحضير كل سكان الواحة والمناطق المجاورة للانتفاضة قبل فترة من الانطلاق الفعلي للكفاح بزيادة التلاحم وتعميق نبذ التعامل مع الوجود الاستعماري. و أشار ذات المؤرخ إلى أن السلطات الفرنسية آنذاك لم تكتف بإنهاء الانتفاضة، بل أقدمت على جرائمهم للقضاء على هذا المسعى الذي يقف أمام توسعها بجنوب البلاد. في ذات السياق، ذكر من جهته أستاذ التاريخ، العيد قيداد في مداخلته بعنوان: "أسباب ونتائج انتفاضة العامري 1876" أن فرنسا حاولت قمع أي نوع من التعاون والتضامن بين أفراد التجمعات السكانية بمناطق الزيبان، حيث عاقبت الذين شاركوا في الانتفاضة بمصادرة أملاكهم وفرضت عليهم غرامات باهظة، بالإضافة إلى تشجيع عملاء للاستعمار للقضاء على تماسك المجتمع كما سعت إلى خلق جو من الكراهية بين زعماء القبائل بالمنطقة. أما رئيس الجمعية المحلية "بسمة الثقافية "، طارق رزق الله، فذكر أن فرنسا تعاملت بقسوة مع السكان المنتفضين، حيث أرادت بجرائمها أن تخيف الجزائريين الذين حاولوا الوقوف في وجهها كما استطاعت بجريمة التهجير والنفي القسري للجزائريين إلى مناطق بعيدة أن تفكك تركيبة اجتماعية متماسكة ما زالت إلى اليوم تعاني منها العائلات بالمنطقة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن من حين لآخر لا يزال بعض أحفاد المهجرين يبحثون عن جذورهم بالمنطقة. تجدر الإشارة إلى أن هذه الندوة التاريخية التي نشطها مختصون في التاريخ قد بادرت إلى تنظيمها بلدية الدوسن بالتعاون مع الجمعيات المحلية و مديرية الثقافة والفنون بالولاية لتخليد ذكرى تلك الانتفاضة، حيث أقيمت بالمناسبة معارض للمخطوطات التاريخية و زيارات للمناطق الأثرية واستعراضات في الفروسية.