نظمت جامعة "الملك فيصل" بالعاصمة التشادية, بالتنسيق مع سفارة الجزائر بنجامينا, ندوة فكرية حول الثورة الجزائرية, بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال60 لاستعادة السيادة الوطنية. و ألقى بالمناسبة عميد كلية الآداب والفنون والعلوم الإنسانية بجامعة "آدم بركة" بمدينة أبتشي, الدكتور عطية جويد جار النبي, محاضرة بعنوان ''تاريخ مجيد وعهد جديد : التاريخ قضية كبرى في عالمنا المعاصر'', استعرض خلالها المراحل التاريخية التي مرت بها الجزائر بداية من الاحتلال, و وصولا إلى تاريخ استرجاع السيادة الوطنية, مبرزا السياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر والتي وصفها ب''الاستدمارية''. ولفت المحاضر الانتباه الى أنه و الى جانب الأهداف السياسية والاقتصادية للاحتلال الفرنسي بالجزائر, فإن الدافع كان دينيا محض, ذو شحنة صليبية, تمتد جذورها الى القرون الوسطى, مشيرا الى أن "مرافقة رجال الدين للقادة العسكريين تعد مثالا حيا على أن الأبعاد العقائدية هي أشد العوامل التصاقا بالوجود والمقاومة والثورة". و لفت الدكتور عطية الى أن شهداء الجزائر يفوق عددهم بكثير المليون ونصف, باحتساب قائمة الجزائريين الذين جندتهم فرنسا قصرا أثناء الحرب العالمية الأولى و الثانية, و كذلك ضحايا التجارب النووية الفرنسية و آثارها على الإنسان والحيوان والبيئة. و قال في هذا الاطار : "عدد الضحايا الجزائريين الذين سقطوا على يد المستعمر الفرنسي فاق العشرة ملايين", مدعما كلامه بشهادة و اعتراف للمؤرخ الفرنسي جاك غوركي الذي قال إن "الفرنسيين قتلوا قرابة 10ملايين جزائري منذ الاحتلال و الى غاية الاستقلال سنة 1962". و اعتبر المحاضر, استراتيجية الحرب الشاملة وسياسة الأرض المحروقة, التي انتهجها الاستعمار الفرنسي في الجزائر من تهجير و اعتقال وتعذيب و إبادة جماعية, ''جرائم ضد الإنسانية''. كما أبرز ذات المتحدث فضل الثورة الجزائرية على القارة السمراء, قائلا : ''لولا ثورة الجزائر لظلت جل افريقيا قابعة تحت وطأة الاستعمار", مردفا : "الثورة الجزائرية لم تحرر الجزائر فقط بل حررت الكثير من البلدان الإفريقية من براثن الاستعمار". من جانب آخر, نبه عميد كلية الآداب والفنون والعلوم الإنسانية بجامعة "ادم بركة" الى المؤامرات التي تحاك ضد الجزائر, والتي ما زالت قائمة الى اليوم, حيث أنه في سنة 2005 عمد البرلمان الفرنسي إلى سن قانون تمجيد الاستعمار. وفي معرض حديثه عن جزائر ما بعد الاستقلال, قال الدكتور عطية إن ''60 سنة من الاستقلال حملت مشاريع صناعية وعلمية متطورة ومتقدمة جدا'', مبرزا ''قيمة الجزائر ودورها المحوري وثقلها الذي سيتدعم أكثر فأكثر في هذا العهد الجديد برئاسة السيد عبد المجيد تبون''. كما تناول العميد عطية جويد في محاضرته, علاقات التعاون والتضامن بين الجزائر و تشاد, مشيرا الى أن ''الطلبة التشاديين الذين تخرجوا من الجامعات الجزائرية يعدون بالمئات ومنتشرون في جميع مؤسسات الدولة ويضعون عصارة تكوينهم ومعارفهم التي اكتسبوها في الجزائر, في خدمة شعبهم ولفائدة تنمية بلدهم''. كما لفت الى أن هناك 4 وزراء في الحكومة التشادية الحالية تخرجوا من الجامعات والمعاهد الجزائرية. هذا وتخلل الندوة عزف النشيد الوطني الجزائري, ووقوف الحاضرين دقيقة صمت على أرواح شهداء الثورة الجزائرية المباركة. كما أعقب المحاضرة, نقاش مستفيض أشاد فيه المتدخلون من الأساتذة و الدكاترة الذين درسوا بالجزائر بتنظيم هذه الندوة الفريدة لأول مرة في الصرح الجامعي, وحيوا بالمناسبة ''الثورة الجزائرية التي أضاءت طريق التحرر في إفريقيا''. كما أشاد بعض المتدخلين بالفترة التي قضوها في الجزائر, وبنوعية التعليم والتكوين الذي تلقوه وبالمعاملة الأخوية الصادقة للدولة الجزائرية وكرم الشعب الجزائري. و حضر هذه الندوة الفكرية, سفير الجزائربتشاد عمر فريتح, و كذلك مستشار رئيس الحكومة التشادية, ورئيس جامعة "الملك فيصل" وجمع غفير من الكوادر والأساتذة والباحثين, بعضهم درس بالجزائر. جدير بالذكر أن الدكتور عطية جويد جار النبي هو خريج جامعة بوزريعة بالجزائر, وكان عضوا نشطا في جمعية الجاحظية, كما عمل كمراسل للعديد من الجرائد الجزائرية.