بلغت مستويات التراجعات الحقوقية ومصادرة الحريات العامة بالمملكة، حدا ينذر باحتقان شديد، في ظل استمرار استهداف الحقوقيين والقوى المناضلة المطالبة بالحرية والكرامة و تكميم الافواه بهدف حجب الداخل المغربي المتهلهل و ابقائه بعيدا عن مرأى العالم. ففي الوقت الذي يعاني فيه المواطن المغربي من ازمات عدة كان النظام مسببها، على غرار ازمة غلاء المعيشة و ارتفاع اسعار المواد الاساسية والمحروقات ومشكل تأمين الماء, يمعن ذات النظام في تعميق معاناة المواطنين وتهديد أمنهم عبر استقطاب أزمات أخرى كمعضلة التطبيع مع الكيان الصهيوني و أزمة المهاجرين الافارقة. و في تحد صارخ لحقوق الانسان, أقدم المخزن على قمع وقفة سلمية لحزب "النهج الديمقراطي"، أول أمس الاثنين، مما أثار غضبا واسعا تعالت في ظله دعوات الى التجند ضد هذا النظام والوقوف الحازم أمام التراجعات الخطيرة في مجال الحريات. و أصدرت الكتابة الوطنية "للنهج الديمقراطي" بيانا عقب ما تعرضت له الوقفة السلمية التي حاول الحزب تنظيمها تنديدا بحرمانه من حقه في عقد مؤتمره الوطني الخامس, حيث أدانت فيه القمع الشرس والمتوحش الذي نفذته قوى القمع وخلف إصابات في صفوف مناضلات ومناضلي الحزب, مشددة على ان ذلك "يؤكد تمادي النظام المخزني في الإجهاز على كافة الحقوق والحريات، وتغول الدولة البوليسية". و أعلنت تشبثها بعقد مؤتمرها في وقته وأنها لن تخضع أو تستسلم لإرادة المخزن، وأنها مصرة على الاستمرار في النضال إلى جانب كافة المضطهدين والكادحين والكادحات من خلال بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين. و استطردت : "إن الدولة المخزنية لا تكتفي بهضم الحريات وقمع المناضلات والمناضلين المدافعين عن القضايا العادلة للشعب المغربي بل تجر الشعب المغربي لبراثن الصهيونية عبر التحالف العسكري والاقتصادي والثقافي مع الكيان الصهيوني". و أدانت في هذا الاطار استقبال نظام المخزن لرئيس أركان جيش الكيان الصهيوني، "مجرم الحرب وقاتل الاطفال", متجاهلة إرادة شرائح واسعة من الشعب المغربي. من جانبها، أكدت الهيئة التنفيذية لفدرالية اليسار أن منع الوقفة السلمية لحزب "النهج الديمقراطي" والإصرار على تفريقها باستعمال القوة، يكشف المستوى الخطير الذي بلغته التراجعات الحقوقية ومصادرة الحريات العامة بالمغرب، مما يؤدي إلى المزيد من الاحتقان والتوتر. اقرأ أيضا : المغرب : قوات الأمن تقمع وقفة احتجاجية سلمية لحزب النهج الديمقراطي و أكدت الفدرالية مساندتها لحق "النهج الديمقراطي" المشروع بقوة الدستور في الحصول على ترخيص لعقد مؤتمره في قاعة عمومية كباقي الأحزاب المغربية، داعية كافة القوى المناضلة والفعاليات الحقوقية لمساندة هذا المطلب. و على صعيد آخر، استنكرت الفدرالية "استقبال مجرم الحرب الصهيوني، رئيس أركان جيش العدو المسؤول عن ارتكاب جرائم حرب بشعة في حق الشعب الفلسطيني"، منددة بتمادي الدولة المغربية في مسلسل التطبيع، متجاهلة مشاعر الشعب المغربي وموقف قواه الوطنية والتداعيات الخطيرة على أمن واستقرار البلاد ومصالحها الاستراتيجية. كما انتقدت التنسيقية الوطنية للدفاع عن الحق في التنظيم والتجمع السلمي في المغرب، التي تضم اكثر من 20 منظمة حقوقية، من جانبها ما تعرض له مناضلو حزب "النهج الديمقراطي" من قمع وتنكيل، خلال وقفتهم الاحتجاجية، ودعت الى الوقوف الحازم أمام التراجعات الخطيرة في مجال الحريات. و عبرت التنسيقية عن "تضامنها التام" مع كافة المناضلين الذين طالتهم الآلة القمعية، ومع حزب "النهج الديمقراطي" مجددة الدعوة الى كافة القوى السياسية والمدنية بالمملكة للوقوف الحازم أمام هذه التراجعات الخطيرة في مجال الحريات الديمقراطية. و أظهرت مقاطع فيديو بثها الحزب على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، الانزال الامني المكثف أمام مقر وزارة الداخلية المغربية، ومحاصرة المتظاهرين من كل الاتجاهات، قبل ان تقوم القوات القمعية بدفع المتظاهرين "بشكل عنيف وغير مبرر"، ومطاردتهم عبر الشوارع.