تتواصل جرائم المخزن بحق المهاجرين الافارقة الموقوفين على خلفية مأساة يونيو الماضي على الحدود المغربية-الاسبانية، حيث تم تشديد العقوبة السجنية بحق 13 مهاجرا افريقيا تم اعتقالهم خلال المجزرة التي خلفت مقتل العشرات منهم على يد الأمن المغربي، خلال محاولة اجتياز السياج نحو جيب مليلية الاسباني. وأفادت الجمعية المغربية لحقوق الانسان-فرع الناظور أن "الغرفة الثانية بمحكمة الاستئناف بالناظور قد رفعت أمس الاثنين العقوبة السجنية ضد 11 سودانيا وتشاديين (اثنين) من سنتين ونصف الى 3 سنوات"، مؤكدة أن الاحكام التي اصدرها القضاء المخزني بحق المهاجرين الافارقة "قاسية". وليست هذه هي المرة الاولى التي يشدد فيها القضاء المخزني عقوباته القاسية بحق المهاجرين الافارقة، حيث قضت "استئنافية الناظور"، شهر أكتوبر المنصرم، بتشديد العقوبة الحبسية في حق مجموعة من المهاجرين المتابعين، من 11 شهرا حبسا نافذا وغرامة 500 درهم، إلى ثلاث سنوات حبسا نافذا و500 درهم غرامة. ويأتي تشديد هذه الاحكام القضائية في وقت تتعالى فيه المناشدات الحقوقية المحلية والدولية بضرورة احترام حقوق الانسان فيما يخص قضية المهاجرين الأفارقة وبضرورة إطلاق سراحهم، و اجراء تحقيق شفاف ونزيه حول المأساة التي لاقت تنديدا دوليا واسعا. كما يأتي رفع سنوات السجن بعد التقرير الأسود الذي قدمته الجمعية المغربية لحقوق الانسان منذ أيام حول "الخروقات الجسيمة" و "الانتهاكات الخطيرة" التي عرفتها "المحاكمات الجائرة" التي أقامها المخزن بحق طالبي اللجوء الأفارقة المعتقلين على خلفية هذه المأساة. ومن جملة الخروقات التي شابت المحاكمات "الماراتونية"، بحسب التقرير، والتي امتدت حتى ساعات متأخرة (ما بعد منتصف الليل)، أن "هؤلاء المهاجرين وقعوا على محاضر الشرطة دون الاطلاع عليها او قراءتها، وقاموا بإنكار كل التهم الملفقة إليهم خلال مثولهم أمام القاضي". إقرأ أيضا: مأساة الناظور-مليلية: أحكام القضاء المخزني بحق المهاجرين الأفارقة "انتقامية وقاسية وجاهزة" وأشار التقرير الى أن "البعض من هؤلاء المهاجرين وقعوا ضحية احتيال من قبل الضبطية القضائية التي قامت بابتزازهم بالتوقيع على المحاضر مقابل إخلاء سبيلهم، ليجدوا انفسهم امام تهم ثقيلة و احكام جائرة". ونبه التقرير الحقوقي الى "التطابق المفضوح في محاضر الشرطة المغربية، باستعمال تقنية +نسخ ولصق+، وكأن الامر يتعلق بمتهم واحد"، وهو ما يؤكد أن "هذه المحاضر مزورة، تم اعدادها على المقاس من اجل تسليط اقصى العقوبات على هؤلاء المهاجرين الفارين من الظروف المعيشية الصعبة ببلدانهم". والأخطر، يضيف التقرير، أن عناصر الامن الذين يمثلون الحق العام، اكدوا أنهم "لم يتعرضوا للعنف من قبل المهاجرين"، و ان الشهادات الطبية التي حصل عليها أعوان الامن ممن قيل أنهم تعرضوا للعنف من قبل المهاجرين الافارقة، كانت "دون اجراء فحص طبي، وهو ما يعتبر تزويرا وتضليلا للقضاء". وخلص التقرير الى أن الاحكام التي ادين بها المهاجرون الافارقة المعتقلين على خلفية احداث 24 يونيو، "جد قاسية وجائرة"، تؤكد "مدى تسخير القضاء لخدمة سياسة الهجرة"، مشددا على أن المتابعات "تنتفي فيها شروط المحاكمة العادلة ووزعت فيها أحكام بأزيد من قرن من السجن في حق 88 مهاجرا تم اعتقالهم يوم الفاجعة وبعدها". ودعت الجمعية المغربية لحقوق الانسان الى تحقيق دولي في مأساة الناظور-مليلية، وحملت السلطات المخزنية مسؤولية الخروقات الجسيمة بحق المهاجرين الأفارقة. جدير بالذكر أن معاناة المهاجرين الافارقة بالمغرب لا تتوقف عند المعتقلين منهم فقط، حيث افاد تقرير للمنظمة الدولية للهجرة أن الآلاف من اللاجئين الأفارقة المتواجدين بالمملكة، قرروا الأسابيع الاخيرة العودة طوعا الى بلدانهم الاصلية، فرارا من بطش القوات المخزنية التي صعدت من ممارساتها القمعية بحقهم منذ مأساة يونيو المنصرم. ونظم المهاجرون الأفارقة بالمغرب في الآونة الاخيرة عدة وقفات احتجاجية أمام منظمة اللاجئين بالعاصمة الرباط، عبروا من خلالها عن صدمتهم مما يحدث لهم في المملكة على يد قوات الأمن المخزنية، مؤكدين انهم يعيشون في "رعب" ولم تعد تحميهم حتى أوراق اللجوء، بعد أن اصبحت الشرطة المغربية تطاردهم في كل مكان.