تعرضت البيئة بالمغرب مجددا لضربة قاسية, بعد أن تم اجتثاث ثماني هكتارات من أشجار فضاء غابوي معمر بالشريط الساحلي لمدينة المحمدية في ظرف ثلاثة ايام, وسط اهمال وصمت مطبق من قبل السلطات, في ما أكدت حركة بيئية أن هذه الممارسات أصبحت عادية ومتداولة بجل مدن المملكة التي باتت وسكانها مهددة بسبب التلوث. فقد اعلنت حركة "مغرب البيئة 2050" باستياء شديد عن "اجتثاث 8 هكتارات من أشجار فضاء غابوي معمر بالشريط الساحلي للمحمدية في ظرف ثلاثة أيام الأسبوع الفارط, دون معرفة دواعي ذلك". و أضافت الحركة في بيان لها انه "لا أحد يعرف, لا من المواطنين ولا من المجتمع المدني المحلي, السبب, حتى أن هناك أعضاء من المجلس الجماعي بالمحمدية لا علم لهم بالحدث, ولا أثر لأي إشعار أو إخبار لعملية مسح مورد ثمين يمتد على 8 هكتارات ينتج الأوكسجين ويمتص ثاني أكسيد الكربون, يثبت الغبار ويقي المدينة من الفيضان". و اوضحت ذات الجمعية البيئية ان هذه المساحة المدمرة من غابة "الشبشابة" كانت تحمي مدينة المحمدية المصنفة من أكثر المدن تلوثا بالمغرب, مستغربة من "إعدام" هذه الغابة في الوقت الذي يعيش فيه المغرب بظل الطوارئ البيئية التي تداهم البلاد في الأفق القريب. و أشارت الى أنه بعد معاينة المكان, يوم الأحد, من طرف نشطاء "مغرب البيئة 2050" و "جمعية الزهور للبيئة والتنمية المستدامة", تبين أن هناك احتمال كبير أن تعدم الغابة بأكملها بما أنها تتواجد بين إقامتين سكنيتين, مشيرة الى ان "هذه ممارسة أصبحت عادية ومتداولة, ليس فقط بالمحمدية بل بجل مدن المغرب, تمر في صمت مخيف". وطالبت الحركة, المجلس الجماعي للمحمدية بتفسير عملية اجتثاث غابة "الشبشابة", ومن قام بذلك و ما هي الأسباب, ولماذا لا يتم تفعيل قانون الساحل القائم منذ 2017 على ساحل المحمدية, كما طالبت بمحاسبة المتسببين في ذلك. معدل تلوث البيئة مصدر قلق كبير ويعاني المغرب من التلوث البيئي, الذي أصبح يهدد الانسان والطبيعة وهو مشكلة لا تزال تشغل بال المغاربة, سواء في المدن الكبيرة التي تعاني من الاكتظاظ وكثرة المصانع أو في القرى التي تحولت إلى مدافن للنفايات المتنوعة. وهو ما اكدت عليه العديد من التقارير المحلية والدولية, منها التنبيه الذي اصدرته الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة, من كون ظاهرة انتشار وتفشي الأمراض المزمنة والأوبئة الفتاكة الناتجة عن تلوث البيئة والهواء والمياه والنظام الغذائي باتت تؤرق المواطن. و اكدت الشبكة في تقرير سابق لها نقلا عن منظمة السلام الأخضر (غرينبيس), أن "تلوث الهواء يسبب أكثر من 5000 حالة وفاة في المغرب سنويا, بمعدل 15 وفاة في اليوم, ما يكبد البلد خسائر بشرية فادحة, فضلا عن العبء الكبير الذي يتحمله القطاع الصحي لعلاج المتضررين". و أرجع التقرير سبب ارتفاع هذه الوفيات إلى اعتماد المغرب على الفحم الحجري لإنتاج الكهرباء, مما يضع صحة المواطنين في خطر, لكون الفحم الحجري من بين مصادر الطاقات الأحفورية الأكثر تلوثا ويتسبب في أمراض صحية مزمنة. و أشار التقرير إلى أن سكان جهة الدار البيضاء/سطات, التي تمثل 50 في المائة من النشاط الصناعي بالمغرب, معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بالأمراض التنفسية, نتيجة لتلوث الهواء, إذ تضم هذه المنطقة نحو 20 بالمائة من المصابين بالأمراض الناجمة عن تلوث الهواء. أما على مستوى تلوث المياه, فقد أبرزت الشبكة الصحية أن 28 بالمائة من مصادر المياه بالمغرب مهددة بالتلوث, وتشكل النفايات الصلبة والمبيدات والأسمدة والمواد الكيماوية التي تصب في الأودية أكبر تهديد مباشر لمصادر المياه الجوفية المغربية ولصحة السكان. وكان تقرير للبنك الدولي أفاد بأن المغرب من بين أكبر الدول التي يرتفع فيها معدل تلوث المياه. ويزداد الوضع البيئي تأزما في عدد من المدن المغربية, خاصة بالقنيطرة شمال الرباط التي وصلت حد "الاختناق والموت البطيء", نتيجة تدهور جودة الهواء بسبب الغبار الأسود السام المنبعث من المصانع لعدم التزامها بالمعايير البيئية, في ظل عدم مبالاة السلطات المخزنية, رغم ما يعانيه السكان من أمراض تنفسية, حسب ما أكدته جمعية "أكسجين للبيئة والصحة". وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي العام الماضي هاشتاغ "القنيطرة تختنق" تنديدا بتلوث الهواء في مدينتهم, في محاولة منهم للفت انتباه المسؤولين لإيقاف ما اعتبروه "جريمة" في حق البيئة, منبهين إلى ضرورة إيجاد حل جذري وعاجل لانبعاثات المصانع بالمدينة التي أصبحت منذ بضع سنوات وجهة مفضلة لرؤوس الأموال, بحكم قربها من العاصمة والساحل الغربي للبلاد. ويطالب نشطاء البيئة والمجتمع المدني في المغرب بضرورة تبني استراتيجية حكومية لحماية البيئة وجعل ذلك أولوية مندمجة و انتقائية ضمن كل البرامج والمخططات الاقتصادية والاجتماعية, وبناء نظام صحي عادل ومنصف وبيئة سليمة, وتحسين المحددات الاجتماعية للصحة.