أجمع خبراء و باحثون, اليوم الثلاثاء, بالجزائر العاصمة, على أن عملية "طوفان الاقصى" التي تقودها المقاومة الفلسطينية ضد العدوان الصهيوني و جرائمه المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني دليل على أن "مسار التطبيع فشل فشلا ذريعا", و أن التطبيع ليس بوابة للسلام, كما يروج له المطبعون , مؤكدين ان الهدف الاساسي من ترسيم المخزن علاقاته مع الكيان الصهيوني هو "شرعنة " احتلاله للصحراء الغربية. جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة تحت عنوان" طوفان الاقصى و مآلات التطبيع مع الكيان الصهيوني", بمشاركة عدد من الباحثين و الخبراء, سلطوا فيها الضوء على مستقبل التطبيع في ظل المستجدات الاخيرة. و في هذا الاطار, أكد رئيس تحرير مجلة "افريك ازي" اللبناني ماجد نعمة, في مداخلته, أن "طوفان الاقصى سيزلزل المطبعين و يغرقهم", مشيرا الى أن "المغرب لم يكن بحاجة الى التطبيع مع الكيان الصهيوني و لم يطبع من اجل فلسطين كما يسوق, بل من اجل ان يضع يده أكثر فأكثر على الصحراء الغربية المحتلة, و هذا مقابل أن تعترف له الولاياتالمتحدةالامريكية بسيادته المزعومة على الاقليم المحتل, رغم عدم وجود أي اساس قانوني. و أشار, في السياق, الى أنه, "و رغم كل هذه التنازلات, واشنطن لم تعترف للمغرب بسيادته المزعومة على الصحراء الغربية, و مارست ضغوطا على المخزن من أجل استقبال المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية, السيد ستيفان دي ميستورا في المدن المحتلة و هو ما حدث بالفعل خلال شهر سبتمبر الماضي". اقرأ أيضا : فلسطين : مظاهرات و وقفات تضامنية عبر العالم دعما لغزة وتنديدا بالعدوان الصهيوني و أضاف: "المخزن باع شرفه دون مقابل و طبع ضد إرادة شعبه الرافض لأي علاقات مع الكيان الصهيوني المحتل, شأنه شأن كل الشعوب العربية", مستدلا بالمسيرات الحاشدة في المملكة و خروج آلاف المغاربة, منذ السبت الماضي, للمطالبة بإسقاط كل اتفاقيات العار مع الكيان المحتل. وأشاد, من جهة أخرى, بمواقف الجزائر الرافضة للهرولة نحو التطبيع و التي تعبر عن موقف كل الأمة العربية و الاسلامية و كل أحرار العالم, مذكرا بالتصريح الشجاع لرئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون حول رفض الهرولة نحو التطبيع, لأن الجزائر دفعت الثمن غاليا في الحرب التحريرية و تعرف قيمة الحرية و الدفاع عنها. و شدد السيد ماجد نعمة التأكيد على أن كل من راهن على التطبيع قد اخطأ التقدير, و يجب أن يحصل الشعب الفلسطيني على كل حقوقه غير منقوصة و على رأسها اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. و بخصوص مستقبل القضية الفلسطينية, على ضوء المستجدات الاخيرة, قال الصحفي اللبناني, "ان المقاومة الفلسطينية حققت انتصارات تاريخية وهي تزداد قوة يوما بعد يوم, و ترسل لنا رسالة أمل و تفاؤل, خاصة و ان القضية الفلسطينية عادت الى جوهر الصراع العالمي". محاولات فرض التطبيع الشعبي و الأمني مسعى خطير كما أشار الى ان الكيان الصهيوني "مجبر اليوم على التفاوض, و الافراج عن آلاف الاسرى, اغلبهم مسجونين دون محاكمة", مؤكدا على "ان استمرار الوضع على ما هو عليه اصبح غير ممكن اطلاقا بعد ان تحولت غزة الى سجن كبير تحت حصار جائر و في ظل رفض الكيان الصهيوني تطبيق اكثر من 400 قرار اممي بحقه". و خلص في الاخير الى أن المقاومة الفلسطينية ذكرت العالم بحقيقة الصراع في فلسطين و ان الكيان الصهيوني مشروع استيطاني استعماري, و كل المشاريع الاستيطانية مآلها الزوال مثل ما حدث لفرنسا في الجزائر, التي طردت بعد 132 سنة, و هذا رغم كل الاساليب الوحشية التي استعملها الاستعمار. من جهته, توقف الباحث في العلوم السياسية و القانون الدولي و الاستاذ بجامعة سعيدة, عبد القادر عبد العالي في محاضرة له عن طريق "الزوم", عند محاولات تشويه المقاومة الفلسطينية, رغم ان الامر يتعلق بحق الدفاع عن النفس, خاصة في ظل الوضع الراهن, بعد أن تحول قطاع غزة الى سجن كبير, ضمن خطة لتقسيم المقاومة الفلسطينية, مشددا على أن عملية طوفان الاقصى "جاءت كرد فعل طبيعي على جرائم الاحتلال و المستوطنين" . و حول تداعيات عملية "طوفان الاقصى" على مسار التطبيع, قال أن هذه العملية النوعية "ستصحح مسار التطبيع الذي اصبح خطير جدا", لأن "التطبيع كما هو عليه الحال في المغرب لم يعد يتعلق بتطبيع دبلوماسي بل بتطبيع رسمي و محاولة فرضه شعبيا عن طريق تجنيد جمعيات المجتمع المدني, لتجميل صورة الصهاينة و محاولة التسويق الى ان الشعب المغربي يقبل بالتطبيع". و هذا ما قد يشكل, يضيف, " نكبة ثانية للقضية الفلسطينية بطريقة سلسة و غير صادمة " منبها الى أن "طوفان الاقصى" سيرفع الحرج عن بعض الدول التي تتعرض لضغوط كبيرة من اجل الانخراط في مسار التطبيع.