صعد جيش الاحتلال الصهيوني اليوم الأحد من عدوانه على قطاع غزة والضفة الغربية, متعمدا إيقاع أكبر عدد ممكن من الشهداء والجرحى جراء القصف العنيف لجميع المحافظات في آن واحد, جاعلا غزة تتعرض لكارثة إنسانية حقيقية على جميع المستويات. فخلال ال24 ساعة الماضية فقط, ارتكب الاحتلال العديد من المجازر في جميع محافظات قطاع غزة, من خلال القصف العنيف لمنازل المواطنين بدون سابق إنذار, ضمن حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيشه ضد الشعب الفلسطيني الأعزل. ولعل أفظع هذه المجازر, ما حدث في الشجاعية التي قصف خلالها 50 عمارة سكنية ومنزلا, ما خلف مئات الشهداء والجرحى. وبذلك ترتفع حصيلة العدوان الصهيوني على قطاع غزة والضفة الغربية منذ 7 أكتوبر, الى 15523 شهيدا و 41316 جريحا, 70% منهم أطفال ونساء. كما استشهد 281 من الكوادر الصحية وأصيب المئات, فيما دمر الاحتلال 56 مركبة إسعاف خلال عملها وقتل من فيها من الطواقم والجرحى, كما دمر 56 مؤسسة صحية وأخرج 26 مستشفى و46 مركز للرعاية الأولية عن العمل. ضف إلى ذلك تدمير 250 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي أو كلي من أصل 400 ألف وحدة بنسبة تجاوزت 50%, وفق السلطات الفلسطينية في القطاع. واليوم الأحد, استشهد عشرات المدنيين من الفلسطينيين و أصيب آخرون, في سلسلة غارات نفذها الجيش الصهيوني على مناطق متفرقة من قطاع غزة, من بينهم حوالي 60 شهيدا في خان يونس, جنوب القطاع, بعد قصف الطائرات الحربية بعشرات الصواريخ مناطق عديدة شرق ووسط المدينة. اقرأ أيضا : المحكمة الجنائية الدولية تحقق في اعتداءات المستوطنين الصهاينة بحق الفلسطينيين وفي ظل هذا الوضع, قال مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان, فولكر تورك, إن معاناة المدنيين في قطاع غزة "لا تطاق", مؤكدا على "التأثير المرعب" للاستئناف الوحشي للأعمال العدائية في غزة على المدنيين. وشدد مرة أخرى على ضرورة إنهاء العنف و "إيجاد حل سياسي مبني على الأساس الوحيد القابل للتطبيق على المدى الطويل", كما أعرب عن قلقه العميق من أن المفاوضات الرامية إلى استمرار الهدنة التي تم التوصل إليها الأسبوع الماضي بين المقاومة الفلسطينية و الكيان الصهيوني قد وصلت إلى طريق مسدود. و أعرب المفوض السامي أيضا عن مخاوفه البالغة من أن تؤدي الأعمال العدائية المتجددة والمكثفة إلى مزيد من الوفيات والمرض والدمار "أكثر مما شهدناه حتى الآن". من جهته, حذر مدير عام منظمة الصحة العالمية, تيدروس غيبريسوس, اليوم الأحد, من أن وضع القطاع الصحي في غزة "لا يمكن تصوره", مشيرا إلى أن التقارير عن القصف العنيف الذي يشنه الكيان الصهيوني "تثير الرعب". وفي ذات السياق, قال متحدث منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونيسف", جيمس أدلر, إن الأطفال في قطاع غزة "انتزعت طفولتهم" و إن الوضع يسير "من سيء إلى أسوأ", مضيفا انه و "بكل ضمير حي, لا يمكننا أن نسمح باستمرار هذه الحرب على أطفال قطاع غزة", كما أكد على أن قطاع غزة أصبح مرة أخرى بد استئناف العدوان, "اخطر مكان للأطفال في العالم". خطط التهجير تعود بقوة بعد انتهاء الهدنة بغزة و أمام الوضع الكارثي الذي يشهده قطاع غزة, طالبت السلطات الفلسطينية "المجتمع الدولي والولايات المتحدةالأمريكية بالوقف الفوري لحرب الإبادة الجماعية التي يواصل ارتكابها جيش الاحتلال ضد الأطفال والنساء", مؤكدة أن استمرار هذا العدوان "يعني أن هناك موافقة وضوء أخضر لاستمرار القتل الوحشي". وفي هذا الاطار, قال المرصد الأورو-متوسطي لحقوق الإنسان إن الكيان الصهيوني "قد عاد وبشكل أعنف لقصف قطاع غزة خلال الساعات ال48 التي تلت انتهاء الهدنة المؤقتة في غزة", مصحوب بالإعلان عن خطط تهجير قسري جديدة الى جنوبي القطاع. وذكر المرصد الحقوقي أن جيش الاحتلال "سحق كل أشكال الحياة المدنية في غزة و أعاد السكان إلى مرحلة ما قبل النهضة الصناعية, و أحال المنازل والمصانع والشركات والبنى التحتية إلى أكوام من الركام". وحسب نفس المصدر, يكافح نحو 2.2 مليون نازح في قطاع غزة من أجل البقاء كل يوم, ويواجهون في سبيل ذلك واقعا مؤلما. فعلى سبيل المثال, يصطف الآلاف يوميا لتعبئة مياه بالكاد تكون صالحة للشرب. يأتي ذلك مع قرب دخول فصل الشتاء, بينما يتكدس الناس في مراكز اللجوء والمدارس بمئات الآلاف, وسط شح الغذاء ودون توفر وسائل النظافة العامة والشخصية, ومع انعدام خدمات الرعاية الصحية. ومنذ استئناف جيش الاحتلال عدوانه في الأول من ديسمبر الجاري, لم تقع سوى عمليات إنسانية محدودة داخل غزة, وفي المقام الأول توفير الخدمات في الملاجئ وتوزيع الدقيق في المناطق الواقعة وسط وجنوب القطاع مع بوادر "جوع وبرد قارس" ينتظر أهالي القطاع.