نظمت المدرسة العليا الجزائرية للأعمال، أمس السبت، النسخة الثالثة من سهرة "مؤتمرات الامتياز" والتي خصصت عددها الأول للحديث عن التراث الجزائري في الفن التشكيلي والموسيقي وغيرها من الفنون والبحث عن كيفية تحفيز المبدعين وتعزيز مكانتهم في السوق. وتم تسليط الضوء خلال اللقاء على التجربة الفنية لكل من الفنان التشكيلي مصطفى عدان والموسيقي نور الدين سعودي مؤدي الموسيقى الأندلسية، حيث جرى الحديث عن إمكانية فتح المجال أمام المبدعين الجزائريين لتعلم كيفيات تعزيز مكانتهم في السوق الوطنية والدولية من خلال مشاريع استثمارية واعدة بالتعاون مع مختلف القطاعات المختصة في المجال الثقافي والاقتصادي. وفي هذا السياق، قال مدير المدرسة، كريم كيارد، بأن مدرسة الأعمال بالجزائر ومن خلال هذه اللقاءات الفنية والثقافية التي تنظمها بمقرها بالصنوبر البحري للعام الثالث على التوالي "تسعى إلى توسيع الأفق والمعارف وتوعية الطلبة والمهتمين بعالم المؤسسات الناشئة بأهمية الاشتغال على التراث الجزائري". وتم بالمناسبة، التذكير بمشروع حاضنة "مبادرة Art" الذي أطلقته مؤخرا وزارة الثقافة والفنون وهي مبادرة مبتكرة تهدف إلى دعم وتعزيز الصناعات الإبداعية في الجزائر، بالشراكة مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية، والديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والمدرسة العليا الجزائرية للأعمال. وتهدف هذه المبادرة إلى اختيار ودعم ما بين 15 و20 شركة ناشئة، صغيرة ومتوسطة، من جميع أنحاء الوطن، تمارس نشاطها في مجالات الصناعات الإبداعية المختلفة، على غرار الفنون والتصميم والإعلام والترفيه والتكنولوجيا الإبداعية، وهي موجهة لفائدة الراغبين في تثمين تراثهم الثقافي وتحفيز إبداعهم وتعزيز مكانتهم في السوق. وحضر التشكيلي مصطفى عدان مع لوحاته التي عرضها برواق المدرسة وتحدث عن مسيرته الفنية الثرية بصفته نحاتا وخزافا ومصمما ومهندسا داخليا وواحد من مؤسسي مجموعة "أوشام" سنة 1967، حيث قدم و مازال للجزائر أعمالا مبتكرة ومميزة من لوحات فنية وجداريات وشعارات ومنحوتات مستمدة من التراث الجزائري وتنوعه. وقد عكست لوحاته المعروضة تأثره بالرموز الثقافية المتعددة في الوطن والتي نعثر عليها في زربية غرداية أو الفخار الأمازيغي، وكذا تحكمه في تقنية النحاس المطلي وهي مربعات نحاسية صغيرة الحجم يضع عليها التشكيلي إلهامه لتمنحه لوحة متكاملة لها معنى ودلالات فنية وجمالية. وأما محاضرة الامتياز، فقدمها الموسيقي نور الدين سعودي وقد كانت بعنوان "الأندلسي، رقصة بألف إيقاع ونغمة، الفن والتاريخ"، حيث تحدث خلالها عن الديناميكية بين الأساليب الموسيقية الجزائرية والتراث الأندلسي، مستعينا بشروحات تاريخية للتعريف بالموسيقى الأندلسية، ومقدما في نفس الوقت نبذة عن الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية بمدارسها الثلاث "الغرناطية" التلمسانية و"الصنعة" العاصمية و"المالوف" القسنطيني، ليستفيض بالشرح في أهمية النوبة وحركتها المرتبطة بالزمن والمزاج والإلهام وما يترتب عنها من أحاسيس ومشاعر. كما ثمن سعودي الدور الذي تلعبه مختلف الطبوع الجزائرية التي تفرعت عن الموسيقى الأندلسية من حوزي وعروبي وشعبي وأيضا ساحلي، مشيرا إلى وجود آلات موسيقية جزائرية خاصة بهذا المجال وهي "الكويترة العاصمية" و"العود العربي" اللذان يمنحان الجوقة صوتا مغايرا ومميزا للغاية. كما نشط المحاضر ورشة عمل موجهة الى طلبة المدرسة العليا للأعمال والحاضرين لتعميق معارفهم وثقافته الفنية في هذا المجال.