تصب كل الأعمال الفنية التي أبدعها خيال الفنان التشكيلي مصطفى عدان سواء تلك التي أنجزت على شكل "طوطميي بالمينا"، أو تلك الوجوه المستمدة من الموروث المنقوشة على النحاس والرموز الأمازيغية والشخوص التي تنبعث من اللوحات في مسار الفنان الذي يعمل منذ خمسين سنة على ترقية القيمة الجمالية للتراث الجزائري الحفاظ عليه. ويعتبر هذا المعرض الذي يتواصل لغاية 28 فيفري برواق "بوفي للفنون" في الجزائر العاصمة بمثابة دعوة للزوار لاكتشاف وإعادة اكتشاف سحر التحف ال 40 المعروضة والتي أنجز صاحبها أغلبها بتقنية "المينا" على النحاس، علما أنه أحد مؤسسي "مجموعة أوشام" رفقة أسماء كبيرة مثل مسلي ومارتيناز وباية. وتتبنى مجموعة "أوشام" التي ظهرت في أواخر الستينات؛ فنا يتميز عن "التجريدي" و"ألمستشرقي" الأوروبيين، حيث يستلهم شكليا من مواضيع محلية عريقة . وتعطي هذه التقنية المستعملة منذ القدم والموروثة عن الفن الشعبي الجزائري كما جاء في نص تقديم المعرض لهذه التحف معالم واضحة "نحث ناقر" وبريق خاصين تتجلى أكثر كلما تضاعفت الألوان والرموز المستلهمة من التراث "الايكونوغرافي المغاربي". ويقترح الفنان لوحات ااخرى أكثر تجريدية تجعل الزائر المدقق يرى في فظاءاتها وجوه بين الخطوط المتشابكة. وتبقى هذه الوجوه الآدمية في مختلف وضعياتها مبهرة كما في لوحات "سي فلان" و"شاكو وابنها" تكريما للمرأة الأوراسية. ويعرض عدان أيضا إلى جانب اللوحات منحوتات من المعدن وبتقنية "الميتا" على النحاس .وانتقد الفنان توجه الجيل الجديد نحو تقليد الغرب بدل الاستلهام من التراث الجزائري ويقول في إشارة إلى تفكك الربط مع الماضي بالنسبة للشباب "لدينا قدرة على التواصل مع تراثنا العريق في مجال الفن التشكيلي ."ويعتبر الرئيس الأسبق للاتحاد الوطني للفنون التشكيلية والمدرس سابقا في مدرسة الفنون الجميلة أن مهمة تسليم المشعل هي مسؤولية الدولة من خلال المدرسة و ليس مهمة الفنانين من جيله الذين عمله ليس أكثر من تناوب .وعند تطرقه لتجربته في مجال ترميم المعالم التاريخية مثل بناية مجلس الأمة أو حصن برج الكيفان ابدي مصطفى عدان نفس الصرامة بخوص حالة "الهجر" التي تعيشها معالم أخرى مصنفة وطنيا و عالميا مثل قصبة الجزائر التي ولد بها في 1933. وأضاف أن الفنانين لا يشاركون إلا عندما يطلب منهم ذلك، بينما كان هناك جيل ساهم في أشغال الترميم لكن الأمر لم يعد كذلك اليوم علما أن العنصر البشري والكفاءات موجودة. وأكد في ختام كلامه أن الحفظ ونقل التراث لا يتسنى إلا "بجعل الثقافة والتعليم من الأولويات".