لم تعد السجون في المملكة المغربية مجرد أماكن للعقاب بل أصبحت مقبرة للكرامة الإنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى, في ظل الاكتظاظ الكبير وسياسة تجويع المساجين والتعذيب النفسي والجسدي والإهمال الطبي, والاتجار بالأعضاء البشرية. وفي شهادة نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي واحد ممن خبروا دهاليز المؤسسات الأمنية و السجنية بالمغرب, أكد أن السجون في المملكة ليست مجرد سجون بل هي مقابر للكرامة الإنسانية, حيث يعيش المساجين في ظروف لا تطاق أقرب إلى الجحيم, مشددا على أن هذه الظروف "لا تدمر حياة المحبوسين فقط بل تدمر أيضا آمالهم في إعادة الاندماج في المجتمع". وأوضح في السياق أن "الاكتظاظ في سجون المخزن جحيم لا يحتمل, حيث يتكدس في غرفة صغيرة أكثر من 63 سجينا, يصبح فيها الهواء خانقا والضوء شبه معدوم", مشيرا الى ان "المساجين ينامون على الأرض بل وحتى على أبواب دورات المياه, حيث الروائح الكريهة تملأ المكان, في حين ينام البعض الاخر وجوههم ملتصقة بالجدران الباردة, بينما يضطر آخرون إلى الوقوف لساعات طويلة لأن المساحة لا تكفي للجلوس". واسترسل قائلا: "هذا ليس مشهد من فيلم رعب, بل هو الواقع اليومي في العديد من السجون المغربية, حيث لم يعد الاكتظاظ مجرد رقم فقط بل هو ألم يومي يعيشه المساجين الذين يستيقظون كل يوم على أصوات الصراخ والبكاء والروائح الكريهة, يكافحون كل يوم من أجل الحصول على مساحة صغيرة للتنفس, في مكان أصبح فيه الهواء سلعة نادرة". كما توقف ذات المتحدث عند سياسة تجويع المحبوسين, قائلا: "في هذه السجون, الجوع هو الصديق الدائم, والوجبات المقدمة للسجناء لا تكفي حتى لطفل صغير", لافتا الى أن البعض "يلجأ إلى بيع ممتلكاته الشخصية أو حتى إلى السرقة من زملائه فقط للحصول على لقمة تسد جوعه". وبخصوص مأساة الإهمال الطبي, أكد ذات المصدر أن الرعاية في سجون المغرب شبه منعدمة, ف"المساجين الذين يعانون من أمراض خطيرة مثل السل أو الإيدز لا يحصلون على العلاج المناسب, والأدوية نادرة, والأطباء غير موجودين في أغلب الأحيان", مردفا: "بعض المساجين يموتون في صمت دون أن يسمع أحد صراخهم". مأساة أخرى يعيشها المساجين تطرق إليها المتحدث, وهي العنف الذي أصبح "القانون الوحيد", حيث يتقاتل المساجين من أجل الحصول على الطعام أو الماء أو حتى مساحة صغيرة للنوم. كما ابرز في السياق ذاته أن الإدارة السجنية, التي يفترض أن تحافظ على النظام, غالبا ما تكون جزءا من المشكلة, حيث يستغل بعض الحراس, السجناء ويبتزونهم للحصول على المال أو الخدمات, في ما يتجاهل البعض الآخر معاناتهم, وكأنهم ليسوا بشرا. وشدد على أن "كل سجين هو إنسان, له حقوق يجب احترامها, وكل سجين يستحق أن يعيش بكرامة, حتى لو كان خلف القضبان, وحان الوقت لرفع الصوت, لفضح هذه المأساة الانسانية التي فاقت كل الحدود". واستدل المتحدث ذاته بالوضع في سجن مدينة فاس, مؤكدا ان ما يحدث هناك "جريمة ضد الإنسانية تتطلب تدخلا دوليا عاجلا, خاصة و أن الانتهاكات هناك ليست فقط انتهاكات لحقوق الإنسان بل هي أيضا جرائم منظمة تشمل الفساد, القتل والاتجار بالأعضاء البشرية", مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته واتخاذ إجراءات فورية لإنهاء هذه الجرائم وضمان العدالة للضحايا.