يتواصل القمع الممنهج ضد النشطاء والصحفيين في المغرب، حيث أدانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" السياسات القمعية التي تنتهجها السلطات المغربية ضد حرية التعبير، مطالبة بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين بسبب آرائهم السلمية. وفي بيان لها صدر يوم الخميس، استنكرت المنظمة الحكم الصادر بحق الخبير الاقتصادي والناشط الحقوقي، فؤاد عبد المومني، الذي أدانته المحكمة بالسجن النافذ والغرامة المالية لمجرد تعبيره عن رأيه حول العلاقات الفرنسية المغربية عبر منشور على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت المديرة بالإنابة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش", بلقيس جراح، أن "إحالة ناشط مغربي إلى المحكمة والحكم عليه بالسجن لمجرد التعبير عن رأيه بشأن علاقات المغرب مع دولة أخرى، يظهر مدى فظاعة هذه الحملة على حرية التعبير". وأشارت إلى أن "سعي النظام المغربي لتقديم نفسه كنظام تقدمي يتناقض تماما مع الممارسات القمعية في البلاد", مضيفة أن "السبيل الوحيد لتحقيق التوافق هو إنهاء قمع المنتقدين وضمان حرية التعبير السلمي للمواطنين". وجاء في ذات البيان أن عبد المومني علم عام 2019 أن هاتفه مخترق ببرنامج التجسس "بيغاسوس" الذي طورته وباعته شركة "إن إس أو" الصهيونية، ويمكن لهذا البرنامج الوصول إلى كاميرا الهاتف والميكروفون والمكالمات الصوتية والوسائط والبريد الإلكتروني والرسائل النصية وغيرها من الوظائف مما يتيح مراقبة شاملة للشخص المستهدف وجهات اتصاله. وقد توصلت تحقيقات أجرتها منظمة العفو الدولية ومنظمات أخرى إلى أن السلطات المغربية كانت وراء اختراق هواتف العديد من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، إلى جانب آلاف الأفراد الآخرين المحتملين، باستخدام برنامج "بيغاسوس", بين عامي 2019 و2021. وتم اتهامه بسبب تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي والحكم عليه بستة أشهر سجنا نافذا. وطالبت عريضة وقع عليها نحو 300 ناشط ومدافع عن حقوق الإنسان السلطات المغربية بإلغاء إدانة عبد المومني والإفراج عن جميع السجناء السياسيين المعتقلين في المغرب. وتطرق البيان أيضا لما وصفه ب"التصعيد الكبير" الذي قامت به السلطات المغربية، إذ اعتقلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدار البيضاء في الأول من مارس 2025 الجاري أفراد من عائلة صانع المحتوى المغربي المقيم في كندا، هشام جراندو, فيما يبدو ردا على مقاطع فيديو صريحة نشرها, يندد فيها بالفساد لشخصيات عامة وكبار المسؤولين المغاربة. واستدعي الناشط إسماعيل الغزاوي للاستجواب سنة 2024 بسبب دعوات للاحتجاج على تسهيل المغرب لنقل الأسلحة الأمريكية إلى الكيان الصهيوني، ووجهت إليه تهمة التحريض على ارتكاب جرائم، وحكمت عليه محكمة في الدار البيضاء بالسجن لمدة عام وغرامة مالية قدرها 5000 درهم، قبل أن تخفف محكمة الاستئناف عقوبة السجن إلى أربعة أشهر، منها شهران مع وقف التنفيذ وأمرت بالإفراج عنه. وقضت المحكمة الابتدائية بالرباط بسجن حميد المهداوي، رئيس تحرير موقع "بديل" الإلكتروني, 18 شهرا وغرامة قدرها مليون ونصف درهم، بتهمة "بث وتوزيع ادعاءات ووقائع "كاذبة" بقصد التشهير بالناس والقذف، والإساءة العلنية", وذلك بعد أن ذكر اسم وزير العدل في مقطع فيديو. ودعت "هيومن رايتس ووتش" البرلمان المغربي إلى إلغاء جميع الأحكام التي تجرم التعبير السلمي، مذكرة بأن دستور المغرب يكفل حماية الحياة الخاصة، وكذلك الفكر والرأي والتعبير، كما أن المغرب طرف في المعاهدات الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يضمن الحق في حرية التعبير والخصوصية.