اختلفت الآراء حول تمضية العطلة الصيفية التي تزامنت هذا العام مع شهر رمضان الكريم فرغم إغراءات وكالات السفر التي تحاول تقديم عروضها الرمضانية بتسطير برنامج خاص للسياح الصائمين خاصة في البلدان المجاورة إلا أن نكهة الشهر الكريم وخصوصيته لدى العائلات الجزائرية جعلت الكثير منها لا تفكر في السفر إلا إذا كان ذلك نحو البقاع المقدسة وهو ما تفسره الطلبات الكثيرة نحو العمرة حتى قبل أن يبدأ شهر الصيام. و باعتبار فضل العمرة في رمضان أكثر منه في باقي شهور السنة فإن الطلب عليها قد بلغ ذروته خلال هذا الشهر وانتعش خلاله نشاط وكالات السياحة والأسفار التي انطلقت قبل شهر رمضان في حملات ترويجية لجذب أكبر عدد ممكن من المعتمرين والمتشوقين إلى زيارة البقاع المقدسة. وقد بلغت تكلفة عمرة رمضان هذا العام بين 140 و 170 ألف دينار خلال الأسبوعين الأولين من الشهر الكريم لتصل إلى 180 ألف دينار خلال العشر الأواخر منه في حين تراوحت العام الماضي بين 120 و 140 ألف دينار مع الإشارة إلى أن هذه التكلفة لا تتجاوز 70 ألف دينار في باقي أشهر السنة. وتتوقف أسعار الخدمات التي تقدمها وكالات السفر لزبائنها على نوعية الفنادق المقترحة للإقامة وهي في هذه الحالة مرتبطة كليا بالأسعار في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة التي هي بدورها تخضع لعوامل تحدد مستوياتها مثل السعة وسهولة التنقل ومدى القرب من المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينةالمنورة. ويرجع ارتفاع تكلفة العمرة هذا العام أيضا إلى "أشغال التوسعة التي يشهدها الحرم المكي والتي أشعلت أسعار الغرف الفندقية والشقق السكنية خاصة تلك المحاذية للحرم". عمرة رمضان: الأماكن محجوزة من شهر شعبان وقد استهجن بعض المواطنين الذين التقت بهم (وأج) في بعض وكالات السفر بالعاصمة عدم تمكنهم من الظفر بتأشيرة لتمضية "رحلة العمر" على حد تعبير أحدهم كون التأشيرات قد نفذت قبل بداية شهر الصوم. و أشاروا إلى أن هذا الإقبال الكبير رغم ارتفاع التكاليف قد يعود إلى كون العديد من التجار وجدوا أيضا في هذه الرحلة فرصة للبحث عن مصادر الرزق خاصة مع اقتراب عيد الفطر المبارك على حد تعبيرهم و ضيعوا بالتالي فرصة تأدية العمرة على من يود بالفعل القيام بها. وأرجع بعض مسؤولي هذه الوكالات نفاد التأشيرات قبل نحو شهر من بداية رمضان المعظم إلى الإقبال المنقطع النظير من قبل المواطنين الذين بادروا بحجز أماكنهم مبكرا هذا العام تجنبا لأي طارئ قد يحرمهم من رحلة العمرة إضافة إلى تزامن شهر الصيام هذا العام مع فترة العطل. وقد خصصت وزارة الحج السعودية للجزائر ما لا يقل عن 50 ألف تأشيرة لعمرة رمضان وهي نفس حصة العام الماضي إلا أن الطلبات الجزائرية كانت أكثر بكثير من هذا العدد. وأوضح محمد رب عائلة التقت به وأج في إحدى الوكالات بالقبة أنه لن يتمكن من اصطحاب كافة أفراد عائلته المتكونة من زوجته وابنيه إلى العمرة خلال العشر الأواخر من الشهر الكريم كونه تحصل على ثلاث أماكن فقط "بصعوبة بالغة" في الوكالة السياحية التي قصدها مشيرا أنه لا زال يواصل رحلة البحث عن مكان ليحقق حلمه في قضاء عمرة مع أفراد عائلته. وشاطر بلقاسم الذي يتمنى أداء العمرة رأي سابقه حيث دفعه نفاذ الأماكن إلى القيام برحلة "شاقة" بين مختلف الوكالات السياحية في العاصمة الجزائر عله يحقق بغيته رفقة زوجته وابنته. وأوضح المتحدث أنه قصد العديد من وكالات السياحة والسفر لكن المشرفين عليها أجمعوا على رد واحد هو أن كل الأماكن محجوزة ومع ذلك -يضيف بلقاسم- لن نفقد الأمل في الله لعله ييسر الأمور و إن لم تتيسر فسأسعى جاهدا لأداء فريضة الحج هذا العام إن شاء الله". عمرة بالتقسيط! وتميزت هذه السنة بالنسبة للعديد من الوكالات بتنظيم عرض خاص بالعمرة ب"التقسيط" حيث تستلم الوكالة طلبات الراغبين في أداء مناسك العمرة مع اشتراط دفع مبلغ من المال كمقدم وتقسيط ما تبقى من المبلغ على دفعات شهرية خلال سنة كاملة. وعن اهتمام الوكالات السياحية بإجراء وتنظيم مثل هذا النوع من العمرة أشار ذات المصدر إلى أنه ينبع من رغبة الكثير من الجزائريين ومن مختلف الأعمار في التوجه إلى البقاع المقدسة خاصة خلال شهر رمضان المعظم ونتيجة قلة الامكانيات المادية وعدم سماح ميزانيتهم بجمع مبلغ العمرة كاملا. إلا أن هذه العملية عرفت إقبالا " محتشما" من قبل الجزائريين على الرغم من هذا العرض "المغري" - حسب مدير إحدى الوكالات- "تخوفا منهم أن يكون وراء هذه العملية "فوائد ربوية" وهو ما سيبطل العمرة بالتأكيد" على حد تعبيره. و أكد المتحدث أن الكثير من العلماء أجازوا العملية إلا أن البعض منهم وضعوا لها بعض الضوابط الشرعية حتى لا تتحول إلى باب من أبواب الربا مؤكدا في هذا الصدد أن هذه العملية "خالية من الفوائد" كون المبلغ المدفوع بالتقسيط هو نفسه في حالة دفع المبلغ كاملا. و قد قدر سعر الرحلات المنظمة في أوائل رمضان-حسب ذات المسؤول- ب 140 ألف دينار وهي قيمة التأشيرة وتذكرة الطائرة ذهابا وإيابا والإقامة في فنادق 4 نجوم قريبة من الحرمين بمكةالمكرمةأوالمدينة مع وجود بعثة طبية ومرشدي حلقات دينية ضمن الرحلة بالإضافة إلى الزيارات لعدة مناطق. ويدفع المعتمر للوكالة 70 ألف دينار مسبقا مع الملف و12 صكا بالإضافة إلى إبرام عقد مع الوكالة أما المبلغ المتبقي فيتم دفعه خلال 12 شهرا حيث يدفع المعتمر إلى غاية 6 آلاف دينار كل شهر. أما العمرة التي تكون في أواخر شهر رمضان الكريم فيتم دفع مبلغ 90 ألف دينار مسبقا و6 آلاف دينار جزائري خلال 12 شهرا. و أشار في هذا السياق إلى ان التسجيلات قد بدات بالنسبة لهذا العرض شهر يناير الماضي و قد نفذت الاماكن قبل شهرين من رمضان. عطلة صيفية بنفحات رمضانية أما بالنسبة لمن اعتادوا الخلود للراحة وقضاء العطلة الصيفية خارج الوطن فقد اختارت وكالات السفر و السياحة تقديم عروض خاصة لهذه السنة خلال الشهر الكريم تميزت بالمزاوجة بين توفير الراحة للمصطافين بعد سنة من الكد و العمل وبين الجو الروحاني الذي يجسده شهر الصيام والذي لا يمكن لأي جزائري أن يتخلى عنه. وتتميز هذه الرحلات-حسب مسؤول بوكالة للسفر ببئر خادم- بنفس العروض التي تقدمها عادة خلال موسم الاصطياف من بحر وزيارات لمختلف الأماكن و غيرها إضافة إلى تقديمها -خلال هذا الشهر الفضيل-وجبات إفطار وسحور للعائلات في مطاعم راقية وبوجبات تقليدية و كذا تخصيص مكان في مصليات الفنادق لصلاة التراويح بالإضافة إلى سهرات تقليدية. و قد عرف هذا العرض "بعض التجاوب" من قبل الجزائريين منذ انطلاقه حسبما أكد ذات المسؤول مشيرا إلى أن العديد من العائلات اختارت المغامرة و قضاء رمضان خارج الوطن والخروج عن النسق الذي اعتادت عليه في الجزائر خلال هذا الشهر ''لكننا متفائلون بإمكانية نجاح و توسع هذه العروض خلال السنوات القادمة وأن تلاقي نفس النجاح الذي تلاقيه العروض الصيفية الأخرى.