كعادتهم استقبل سكان الجزائر العاصمة عيد الفطر المبارك لسنة 1431 هجرية بفرح وبهجة مزدوجة بمظاهر التكافل والتآزر الاجتماعي المتأصلة في الجزائريين والمتوارثة جيلا عن جيل. فبالرغم من تعاقب السنوات والأجيال وتغير مظاهر الاحتفال بأول أيام شهر شوال إلا أن استقبال العيد بتبادل الزيارات وبتذكر الموتى من خلال زيارة المقابر وعيادة المرضى في المستشفيات وتبادل أطباق الحلوى لا زالت سمة تميز العائلات الجزائرية عامة والعاصمية بصفة خاصة . فمع أولى نسمات صباح هذا اليوم المبارك بدأت جموع الناس تتجه الى المساجد لتأدية صلاة العيد التي سبقت بالتهليلات والتسبيحات حمدا لله على نعمتي الصيام والإفطار. وبهذه المناسبة دعا ائمة العاصمة جموع المصلين في خطبتي العيد إلى ضرورة التحلي بالتآخي والتآزر والتراحم التي تترجم القيم السامية التي نصت عليها تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. كما خصص ألائمة حيزا هاما من خطبهم للتأكيد على أهمية التكافل الاجتماعي في هذا اليوم في أوساط المجتمع الجزائري باعتبارها حجر الزاوية في بناء المجمع وتماسكه خاصة باتجاه الفئات الهشة من المجتمع كالفقراء والمسنين والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة. ولا يمكن تصور العيد و بهجته دون التطرق الى الأجواء المميزة التي يصنعها الأطفال الذين ارتدوا أجمل الملابس في هذا اليوم الذي طالما انتظروه للتفاخر وسط اقرانهم مشكلين بذلك فسيفساء من الألوان الزاهية لاتضاهيها سوى رونق الطبيعة في أزهى حللها. فأينما مشيت في شوارع العاصمة صادفتك البراعم البريئة وهي تحييك وتدعو لك بالصحة والهناء في هذا العيد السعيد وهل هناك أصدق وأنبل من دعاء يخرج من أفواه وأفئدة الملائكة. ولا تحلو فرحة العيد دون أن تتزين موائد العاصميين بأطباق الحلوى المتنوعة التي تم تحضيرها خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان وتولي السيدات وربات البيوت عناية خاصة للاحتفال بهذه المناسبة الدينية بتحضير طبق الكسكسي الذي لايمكن الاستغناء عنه يوم العيد. ومن العادات الحميدة التي توارثتها العائلات الجزائرية جيلا عين جيل هو الوفاء لموتاهم الذين فارقوا هذه الدنيا من خلال زيارة أضرحتهم بتذكرهم والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة مع تقديم ما يسطيعون من صدقات على المعوزين والفقراء الذين يتخذون من مداخل المقابر أماكن لهم. وفضل عدد كبير من المواطنين والمواطنات زيارة المقابر في الساعات الأولى من صباح العيد ليتفرغوا بعد ذلك إما لزيارة الأهل والأحباب أو لاستقبال ضيوفهم في المنازل. ومن بين المقابر الأكثر ارتيادا بالجزائر العاصمة القطار والعالية وسيدي يحيى وقاريدي بالقبة وبن عكنون أين شهدت الطرق والمسالك المؤدية اليها ازدحاما منذ الصباح الباكر. مواطنون آخرون اختاروا المستشفيات وجهة لهم لعيادة المرضى الذين حالت ظروفهم الصحية دون التنقل الى ذويهم لقضاء العيد وسط عائلاتهم. وفي هذا الشأن شهدت مستشفيات الجزائر العاصمة على غرار مصطفى باشا ونفيسة حمود وبني مسوس وغيرها توافد العديد من المواطنين لمؤانسة المرضى والتخفيف عنهم في هذا اليوم. كما شهدت مصالح طب الأطفال نشاطات متنوعة منذ ليلة السابع والعشرين من رمضان ميزها توزيع الهدايا والألبسة سيما لفائدة الأطفال الذين جاءوا للعلاج من ولايات بعيدة بحيث قامت الممرضات بتخضيب أياديهم بالحنة احتفاء بهذه المناسبة المباركة .