دفعت سياسة إسرائيل المتعنة مجددا بعملية السلام نحو المجهول بعد أن تمكنت من إجهاض محاولات الولاياتالمتحدة بإقناعها وقف الاستيطان الذي يقف عقبة أمام استئناف مفاوضات السلام المباشر مع الفلسطينين لتثبت مجددا تنصلها من استحقاقات السلام. وأعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية أنها تنازلت عن مطالبة إسرائيل بتجميد أعمال البناء في المستوطنات كشرط لاستئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين أمام تعنت اسرائيل وتهربها من الانصياع لمطالب الفلسطينيين و المجتمع الدولى على حد سواء بشأن مسألة وقف بناء المستوطنات. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "إن واشنطن توصلت إلى استنتاج بأن هذا الشرط لا يشكل قاعدة للتوصل إلى اتفاق إطار" مضيفا أنها ستواصل جهودها لتحقيق انطلاقة في المسيرة السلمية. وفي تعقيبه على قرار التنازل تساءل عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مفوض العلاقات الدولية نبيل شعث "كيف تكون الولاياتالمتحدة هي راعية عملية السلام وتعجز عن أن تجعل إسرائيل تنفذ أحد الالتزامات التي نصت عليها الاتفاقات". وعقب أنباء تخلي الولاياتالمتحدة عن مطالبة اسرائيل بوقف الاستيطان تسلمت القيادة الفلسطينية رسالة شفوية من الإدارة الأمريكية تفيد فيها برغبتها في إجراء مفاوضات منفردة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بشأن عملية السلام. وفي هذا الموضوع صرح ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عضو الوفد المفاوض أن الرسالة نصت على رغبة الإدارة الأمريكية في العودة إلى التفاوض مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي كلا على حدة لبحث سبل إخراج العملية السياسية من المأزق الذي تواجهه والبحث في قضايا الوضع النهائي لعملية السلام مشيرا الى أن الرئيس عباس أجرى اتصالا هاتفيا مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بحثا خلاله الرد الأميركي والتحرك الذي ستقوم به الجامعة العربية في هذا الاتجاه. وبين عبد ربه أن واشنطن طلبت إرسال مبعوث فلسطيني إليها بشكل منفرد ومستقل للتشاور حول كيفية الخروج من المأزق الحالي الذي دخلت فيه السياسة الأمريكية "بفعل التعنت الإسرائيلي رغم العروض الأمريكية السخية جدا". وحمل المسؤول الفلسطيني الحكومة الإسرائيلية المسؤولية في فشل الجهود الأمريكية بسبب رفضها وقف البناء الاستيطاني ولو بشكل مؤقت وجزئي سعيا منها لإفشال كل الجهود الدولية لتحريك عملية السلام. وأوضح عبد ربه أن القيادة الفلسطينية ستبحث المقترح الأمريكي ومناقشة إمكانية الإدارة الأمريكية تحقيق نجاح في الفترة المقبلة متسائلا "من لا يستطيع أن يقنع إسرائيل بوقف الاستيطان لفترة محدودة كيف سيكون بمقدوره جعلها تقبل بحل متوازن على أساس الشرعية الدولية وحل الدولتين". واقترحت الإدارة الأمريكية على إسرائيل منذ أسابيع تجميد البناء الاستيطاني لمدة ثلاثة شهور غير قابلة للتجديد سعيا لاستئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين مقابل حصولها على حوافز أمنية وسياسية واسعة النطاق. وانهارت محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية التي استؤنفت بوساطة أمريكية في سبتمبر بعد ذلك بأسابيع بسبب قضية الاستيطان ومنذ ذلك الحين تسعى واشنطن دون جدوى لحل الأزمة. وأكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي أن "عملية السلام لم تتوقف رغم مواجهة عقبة صعبة, وأنها ستواصل جهودها نحو مشاركة الطرفين لتحقيق تقدم للأمام ومحاولة تحديد أفضل طريقة لتحقيق تقدم نحو العودة إلى المفاوضات المباشرة والتوصل فى النهاية إلى اتفاق إطار". وكان مسؤول مفوضية العلاقات الخارجية بحركة فتح الدكتور حسام زملط أكد أمس ان إسرائيل ترغب فى استمرار الوضع القائم ب "اللاسلم واللاحرب" موضحا أنها تحاول دائما تضليل المجتمع الدولى بمحاولة إعلانها عن رغبتها في تحقيق السلام عبر المفاوضات المباشرة.